الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أهمية المتابعة المستمرة للضغط وتعاطي العلاج له بشكل دائم

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بداية أتقدم لكم بالشكر الجزيل لكم على سعة صدوركم وقلوبكم لأسئلتنا، وأن تكونوا دائماً في عوننا ومساعدتنا.
مشكلتي هي أني أتوهم أي مرض أمرضه وكأنه سرطان أو إيدز أو مرض بالقلب، فذهبت لطبيب نفسي وكتب لي دواء الزيروكسات على أن آخذ حبة صباحاً وحبة مساءً من عيار 20 ملغ، ودواء أوكلان 5 آخذ منه نصف حبة يومياً عند المساء، ولي تقريباً شهر ونصف مواظبٌ على أخذ الدواء، وأحس براحةٍ نفسية، لكن ما يزال التوهم موجوداً ولكن أخف.
المشكلة عندي هي ضغط الدم كلما أقيس ضغط دمي يكون150/100 أو 145/95 أي لا ينزل من 145 ولا من 95 والأغلب يكون 100، أعلم أني أتوتر جداً عندما أرى المعطف الأبيض لكن من سنتين وأنا ضغطي هكذا، أي قبل أن أُصاب بتوهم المرض من سنتين وأكثر كلما أقيس ضغط دمي تكون هذه نتيجته، قال صديقٌ لي صيدلي بأن هناك أشخاصاً يكون ضغطهم الطبيعي هكذا فلا تقلق، لكني صراحةً قلق من هذا الموضوع، وصرت لا أرغب بزيارته في الصيدلية؛ حتى لا أرى جهاز الضغط، ومن قبل أربعة أشهر عملت تخطيطاً للقلب وكان سليماً، ومن ثلاثة أشهر عملت تخطيطاً آخر للقلب وكان سليماً، لكن لا أعرف هل قياس ضغطي عادي أم يحتاج إلى علاجٍ دوائي؟ علماً بأنني لا أُعاني أبداً من أعراض ضغط الدم؛ حيث حسب ما أعرف أن أعراض ضغط الدم هي ألم بمؤخرة الرأس، وزغللة بالعين، وأنا لا أُعاني أبداً من هذه الأعراض، لكني قلقٌ من هذا الموضوع؛ حيث أسمع أن ضغط الدم هو القاتل الصامت.
أرجو إفادتي، وشكراً جزيلاً لكم، وأدامكم عوناً لنا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إنسان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
أيها الأخ الكريم! التخوف من الأمراض أصبح شائعاً جداً في زماننا هذا، وهذا بالطبع يعزى ويرجع إلى عدة أسباب، منها ما يُثار في الأجهزة الإعلامية، كما أن الموت المفاجئ قد كثر، كما أن حب الناس وتعلقهم بالحياة وخوفهم من الموت ربما يكون أيضاً عاملاً مباشراً، والكثير من المعلومات الطبية غير ثابتة، أو نستطيع أن نقول هنالك نوع من التناقض في بعض الأحيان، خاصةً فيما يتعلق بالآراء التي قد يعطيها بعض الأطباء للمرضى، هذه ربما أخي تُساهم في هذا القلق والتوتر والمخاوف حيال المرض، وبالطبع هنالك أشخاصٌ لديهم الاستعداد والقابلية لهذه المخاوف.

أخي الكريم! لا شك أن التوكل على الله تعالى والإقرار، ومعرفة أن الموت لا شك آتٍ، وأن الآجال بيد الله تعالى، وأن المسلم دائماً يجب أن يعلم أنه في حرز الله، وعليه أن يسأل الله تعالى أن يحسن له الختام.

أخي! إن مبدأ التوكل على الله تعالى هو من أفضل الوسائل النفسية السلوكية التي يستطيع أن يحمي الإنسان من خلالها نفسه من هذه المخاوف، ولا شك أن التوكل لابد أن يدعم بالطاعة وبالمحافظة على العبادات، ولابد أن يدعم بالحفاظ على الأذكار والتعوذات الشرعية ((أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ))[الرعد:28].
أخي! نحن لا نعتقد ولا نظن أن من يخاف من المرض هو في الحقيقة ضعيف الشخصية أو قليل الإيمان، ولكنها النفس البشرية من طبعها الضعف ومن طبعها الاهتزاز، ولكن تذكر التوكل واليقين يزيد إن شاء الله من تحول الإنسان وعدم اهتمامه بهذه المخاوف.
الشيء الآخر! نصيحتي لك يا أخي هي أن تداوم مع طبيب واحد، طبيب أسرة أو طبيب مختص بالأمراض الباطنية العامة، يمكنك أن تتردد عليه مرةً واحدة كل ستة أشهر، وتجري الفحوصات المعهودة والروتينية والمطلوبة، هذا يا أخي أيضاً يُساعد كثيراً في طمأنة الإنسان، وعليك أخي أن تجري حواراتٍ نفسية داخلية مع نفسك، وهي أن تُقارن وأن توازي بين الموت والحياة، وأن تسأل الله أن يبارك لك في عمرك، وأن يحفظك، وهنالك أخي أدعية مأثورة، منها الدعاء الذي وجدته مطمئناً جداً وهو: (اللهم إني أعوذ بك من البرص، وأعوذ بك من الجذام، وأعوذ بك من الجنون، وأعوذ بك من سيئ الأسقام)، وسيئ الأسقام تشمل كل شيء، تشمل الأمراض بجميع أنواعها خبيثها وحميدها، فعليك أن تتمسك بذلك.
أيضاً عليك ألا تكثر من قراءة المعلومات الطبية المغلوطة، إنما خُذ المعلومات الصحيحة من مصادرها، وإن كنت لا أريدك أصلاً أن تُشغل نفسك بالاطلاع على هذه المعلومات بكثرة، وأنا على ثقة أنه لديك ما يشغلك أكثر من هذا المعلومات .
أخي الكريم! بالنسبة لضغط الدم، حقيقةً نصيحتي لك يا أخي هو أن تحسم هذا الأمر، وأنا أقول لك: إن ضغط الدم بالمستويات التي وردت في رسالتك وهذه القراءات هي قراءات مهمة، ولا يمكن أن نعزوها لما يُعرف بضغط الدم العصبي أو ما يُعرف بداء المعطف الأبيض، وهو أن يرتفع ضغط الدم حين يذهب الإنسان لمقابلة الطبيب.

ضغط الدم ليس قضية صعبة أبداً، فهو منتشر جداً وعلاجه بسيط جداً، ونصيحتي لك هي أن تذهب إلى طبيبٍ في الأمراض الباطنية يهتم بعلاج ضغط الدم، وسوف يُجري لك المقاسات المطلوبة، وغالباً ما تكون عدة مقاسات للضغط في عدة أيام وبأوضاعٍ مختلفة، والحمد لله أن تخطيط القلب لديك سليم، ولكن هناك إجراءات طبية أخرى، منها قياس الدهنيات، وإجراء نوع من الأشعة الخاصة بأوردة وشرايين الكلى...هذا يعرفه الأطباء.
أخي! أنا لا أريدك أن تهمل الأمر، وبنفس الوقت من واجبي أن أطمئنك، ولكني أطمئنك بالحقائق.
ما ذُكر لك بأن ارتفاع ضغط الدم يسبب ألماً في مؤخرة الرأس -مع احترامي الشديد- هذا ليس بصحيح، فارتفاع ضغط الدم الذي يسبب الألم هذا يكون في المراحل الأخيرة لضغط الدم، ويكون ضغط الدم مرتفعاً جداً.
ضغط الدم لا يسبب أبداً أعراضاً ظاهرة في الغالب، فعليك أخي بالذهاب للطبيب وليس لصديقك الصيدلي، اذهب إلى الطبيب كما ذكرت لك، فالقراءات التي وردت في رسالتك لا يمكن تجاهلها، خاصة وأن ضغط الدم الأسفل لديك مرتفع بعض الشيء، والدراسات تقول الآن: إن أي ارتفاع في الضغط أكثر من 120على 80 لابد أن يفكر صاحبه في علاجه، وهذه ليست قضية كبيرة، ويجب ألا يأخذك الهم والتوتر حيالها، هذا أمرٌ بسيط جداً.
أخي! أنا أعرف مئات الناس، بل آلاف الناس الذين يتلقون علاج الضغط وهم والحمد لله في أمنٍ وأمان، ولا أخفي عليك سراً إن قلت لك: أنا واحد منهم، فعليك أخي أن تحسم هذه القضية بالطريقة العلمية الصحيحة.
أخي! أيضاً عليك أن تُكثر من تمارين الرياضة، ومن تمارين الاسترخاء، هذه كلها مفيدة.
أما بالنسبة للعلاج الدوائي، فلا مانع من تناول الزيروكسات وإن كنت أميل أنه من الأفضل لك أن تتناوله بمعدل حبة واحدة في اليوم فهذا يكفي بالنسبة لك.
أنت لا تُعاني من وساوس، ولا تُعاني من اكتئاب حقيقي، إنما هي مجرد مخاوف بسيطة أتمنى أن تتبع الإرشادات السابقة وسوف تقلل من هذا الأعراض بإذن الله، وسوف تختفي تماماً.
أسأل الله لك التوفيق والسداد، وكل عام وأنتم بخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً