الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مراتب صلة الأرحام

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، أما بعد:
هل الوسائل الحديثة كالهاتف مثلاً تعتبر كافية لصلة الرحم بحكم التباعد بين الأسر؟

وجزاكم الله عنا خيراً، والسلام عليكم ورحمة الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ يعقوبي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله -جل وعلا- أن يجعلنا وإياك ممن يصلون أرحامهم.

وبخصوص ما ورد برسالتك، فإن صلة الأرحام من أجل القربات، وأعظم الطاعات الاجتماعية، وإن أثرها عظيم على حياة الواصل، حيث قال -صلى الله عليه وسلم-: (من سره أن ينسأ -أي: يؤخر له- في أجله ويبارك له في رزقه فليصل رحمه)، وقال: (الرحم معلقة بالعرش وهي تقول: من وصلني وصله الله ومن قطعني قطعه الله)، بل لقد اعتبر الإسلام قطيعة الرحم من صفات الملعونين الكافرين حيث قال -جل شأنه-: ((فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ *
أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ))[محمد:22-23] إلى غير ذلك من النصوص التي تبين لنا فضل هذه العبادة الهامة، وبركتها في الإنسان في دنياه وآخرته، كما تبين لنا شؤم هذه المعصية على العبد في الدنيا والآخرة.

ولقد جعل الإسلام الوصل على ثلاث مراتب:
المرتبة الأولى: الواصل: وهو الذي إذا قُطعت رحمه وصلها.
والثانية: المكافئ: هو الذي يصل من وصله فقط.
والثالثة: مرتبة القاطع وهو الذي لا يصل أرحامه، ويقطع رحمه حتى وإن وصله أهله لا يصلهم.

وبيَّن النبي -صلى الله عليه وسلم- من هو الواصل في قوله: (ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها) إلا أن الوصل ليس له من ضابط محدد ينطبق على كل الناس، وإنما يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال والأماكن والأوقات، فمثلا إذا كان الرحم فقيراً كان وصله بمساعدته مالياً على قدر الاستطاعة، بل ولقد خصص الله الأرحام بمزيد أجر وثواب حيث قال -صلى الله عليه وسلم-: (الصدقة على ذي الرحم صدقة وصلة) وقد يكون الواصل بالتزاور الجسدي والمشاركة الاجتماعية في المناسبات، خاصة كالأفراح والأتراح والمناسبات الكبيرة والأدعية وغيرها بصورة منتظمة أو غير منتظمة، المهم أن هناك تواصل واتصال ومشاركة وتعاون، وقد يكون الوصل بالإعانة على طاعة الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

والاتصال بالهاتف نوع من الوصل إذا تباعدت الديار، وتعذرت الأسفار، ولم توجد وسيلة إلا هذا فلا حرج في استعمال الهاتف، بالصورة التي تجعل الفرد كأنه مع أهله؛ لأنه بذلك يعرف أخبارهم ويطمئن على أحوالهم، ويساعدهم عند حاجتهم حتى إذا ما تيسر الاتصال الكامل قام به ما دام متاحاً وممكناً، جعلنا الله وإياكم من الواصلين.

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً