الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قلق المخاوف .. الأعراض والعلاج

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.
بدون إطالة:
أعاني منذ أكثر من 3 سنوات من حالة نفسية، فسرها الأطباء باكتئاب داخلي، حيث أشعر بخوف من النوم، وركوب السيارات، وبعض الأشياء الأخرى، كما أنني لم أعد أستمتع بما كان من قبل يسعدني بالشكل السابق، ولكن لا أشعر بأي من أحاسيس الاكتئاب الأخرى، حيث أنني متفائل دائماً، وأشعر أن المستقبل بإذن الله أفضل، والحمد لله.

زرت أطباء أمراض عصبية كثيرين، وتناولت على مر السنوات الثلاث أدوية كثيرة، ولكني لم أشعر بالراحة الكاملة أبداً، وأكثر شيء يتعبني في المرض هو صعوبة في البلع، حيث أشعر عند أخذ اللقمة أنني سأموت بسببها، وأجد صعوبة حقيقية في بلعها، وربما بقت اللقمة في فمي أكثر من اللازم في محاولاتي لبلعها، وهذا أكبر شيء يتعبني في الموضوع.

تناولت الـ Deroxat أو ما يعرف بالـ Seroxat نصف حبة يومياً، وشعرت ببعض التحسن، وذلك طبعاً مع أحد الأدوية المهدئة، وهو الـ Orzepam2.5mg ولكن تركت هذا الدواء لغلائه، ثم عدت إليه بأمر من الطبيب، وأنا الآن أتناول حبة كل يوم 20mg وذلك منذ أقل من شهرين، وأشعر ببعض التحسن.

أرجو من الإخوة المختصين الاستشارة والنصيحة، وأرجو أن تكون مع شيء من التفصيل إذا كان ذلك ممكنا!

جزاكم الله خيراً وبارك فيكم، والسلام عليكم ورحمة الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد خالدي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أخي الكريم: ومن وصفك لحالتك أنا لا أعتقد أنك مصابٌ باكتئاب حقيقي، إنما مصاب بما يعرف بالمخاوف الخاصة أو المخاوف البسيطة، وهي الخوف من النوم، والخوف من ركوب السيارات، وأيضاً الخوف من البلع، وهذه الحالات قد شاهدناها كثيراً، وهي معروفة، وبالطبع الإنسان حين يصاب بمثل هذه المخاوف، يصاب بشيء من العسر في مزاجه، وهذا هو الذي جعل الأطباء يقولون أنك تعاني من اكتئاب نفسي، وأعتقد أنك لا تعاني من ذلك مع احترامي الشديد لرؤية الإخوة الأطباء الآخرين.

أخي الكريم العلاج بسيط إن شاء الله تعالى:

أولاً: عليك بالعلاج بالتحاور مع نفسك: تجلس في مكان هادئ وتحاول أن تخضع هذه المخاوف التي تعاني منها للمنطق وسوف تجد أنها غير منطقية:

1- النوم أمر بيولوجي، خص الله به الإنسان، مثل التنفس، ومثل الأكل، ومثل الشرب، إذ هو حاجة بيولوجية، أرجو أن تخضع الأمور لمثل هذا المنطق، بالطبع أنت تنام ولك تجارب مع النوم، إذا أخي منطقياً ليس هناك سبب يجعلك تخاف من النوم، فبمثل هذا الحوار - إن شاء الله -سوف تقل هذه المخاوف، كذلك ركوب السيارات...فالسيارات - والحمد لله - هي من نعم الله تعالى علينا، ونحن نتنقل بها ويركبها ملايين الناس، فلهذا أيضاً تكون أنت من الراكبين، اركبها يا أخي، ولا تنس دعاء الركوب دائماً، ابدأ بهه، وخذ نفساً عميقاً حين تدخل السيارة هذا - إن شاء الله - سوف يساعدك كثيراً .

الخوف من البلع : لماذا تخاف من البلع؟ فأنت - والحمد لله - كل أعضائك سليمة، بالنسبة للمعدة، للأمعاء، للمريء، والبلع بالطبع هو أمر لا إرادي، بالرغم من أنه فيه جزء إرادي فلماذا أنت تخاف منه؟

أخي أنا لا أريد أن أبسط لك الأمور، ولكن هذه حقيقة، والحقيقة هو يجب أن تجلس وتحاور وتناقش نفسك مثل هذا الحوار السلوكي، هذا بالطبع يتطلب منك المداومة عليه، يجب أن تكون لديك جلسات يومية مع نفسك لا تقل عن نصف ساعة في اليوم.

العلاج الثاني هو تمارين الاسترخاء، فهي مفيدة جداً في مثل حالتك، أخي وأنت مستلق في مكان هادئ عليك أن تفكر في أمر طيب وجميل اغمض عينيك، وافتح فمك قليلاً، ضع يديك بالجانبين ثم خذ نفساً عميقاً وبطيئا حتى يمتلئ الصدر وترتفع البطن قليلاً، وهو الشهيق، اقبض على الهواء قليلاً في صدرك لمدة خمس ثوان، ثم بعد ذلك ائت بالزفير، وهنا يخرج الهواء بقوة وببطء، ويفضل إخراج الهواء عن طريق الفم، ويكون الشهيق عن طريق الأنف، كرر هذا التمرين بمعدل خمس إلى ست مرات في كل جلسة بمعدل جلستين أو ثلاث جلسات في اليوم.
أخي: هذا من التمارين المفيدة جداً، وتوجد تمارين استرخائية أخرى كثيرة، هنالك تمارين لمنطقة الرقبة، وهنالك تمارين استرخاء للصدر ولعضلات البطن، وهكذا ولكن لابد أن يدربك عليها أحد المختصين، ويمكنك الاتصال بأحد الاختصاصيين النفسيين ويمكن أن يقوم بالتدريب وسوف يساعدك على هذا كثيراً.

أما بالنسبة للعلاجات الدوائية فالسيروكسات يعتبر من الأدوية الممتازة والفعالة والمتميزة ولكنك أنت لم تتناوله بالجرعة الصحيحة – نصف حبة لا تكفي هي مجرد جرعة البداية.

أما بالنسبة للـOrzepam فحقيقةً أنا لا أنصح به لأنه من الأدوية التعودية، أرجو أن تتخلص منه، وذلك بالتوقف عنه تدرجياً، تناول نصف الجرعة لمدة أسبوعين، ثم تناول ربع الجرعة لمدة أسبوعين، ثم توقف عن تناوله.

أما بالنسبة للسيروكسات ابدأ بنصف الحبة كما ذكرت، ثم بعد أسبوعين ارفع الجرعة إلى حبة كاملة، والذي أود أن أقترحه أيضاً أنه بعد مضي شهر ارفع الجرعة إلى حبتين، هذه ليس كثيرة أبداً؛ لأن الجرعة يمكن أن تكون حتى أربع حبات في اليوم، استمر على جرعة الحبتين وهي 40 مليجرام استمر عليها لمدة 3 أشهر، ثم بعد ذلك خفِّض الجرعة بمعدل نصف حبة كل شهر، وإن شاء الله بنهاية العلاج سوف تشعر أنك في وضع ممتاز وطبيعي، وعليك بالطبع أن تكون إيجابياً وأن تكون متجاوبا، وعليك أن تستثمر حياتك بصورة صحيحة، وأن تمارس الرياضة وأن تتواصل مع الآخرين، وأن يكون لحياتك هدفٌ ومعنى، وهذه كلها أمور مهمة جداً.

أخي لا بد لك أن تقترب إلى الله تعالى بطاعته، وبذل جهدك في أن تحضر الصلاة في المساجد دائماً وفي جماعة، واحضر حلقات التلاوة، وهذه كلها - إن شاء الله - مفاتيح خير ووسائل علاج.

أسأل الله لك الشفاء وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً