الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما سبب تأليف الطفل الحكايات المكذوبة؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أخي يبلغ من العمر 14 عاماً، ومشكلته أنه يحكي دائماً قصصا وأحداثا عن أشخاص قريبين منا جداً، وتكون مقنعة لأكبر درجة ممكنة، ثم نكتشف بعد ذلك أنه لم يقابل هذا الشخص، وعندما نواجهه بهذا يصر على أنه صادق، وأن هذا الموقف حدث فعلا، فهل هذا يعتبر حالة مرضية؟ وإن كانت كذلك فما هو الحل؟

أفيدونا، وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ سلامة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن مثل هذه التجارب تحدث بسبب من ثلاثة أسباب:

الأول: أن يكون هذا الشاب اليافع ينسج هذه القصص من خياله كنوع من أحلام اليقظة، وهذه يتحكم فيها العقل الباطني والعقل الشعوري.

الثاني: أن يكون الدافع في تأليف هذه القصص كنوع من لفت النظر، ويريد أن يكون محط الاهتمام من الآخرين، أو ليثبت نفسه وكينونته، وهذا نوع من التصنع اللاإرادي.

الثالث: أن يكون يعاني من اضطراب في الشخصية أو ربما تكون هذه الحالة ناتجة من اضطرابات في توافقه الاجتماعي، وهذا مرتبط بالشخصية، وفي حالات نادرة ربما تكون إشارة أولية للإصابة بمرضى نفسي أساسي.

والذي أنصح به في مثل هذه الحالة هي المراقبة لهذا الشاب، وكذلك أن ينصح بأهمية الصدق، وأن يتم تجاهل القصص التي يحكيها وأن لا يتم التفاعل معها؛ لأن تفاعل الآخرين معها ربما يثبت أفكاره ويجعله يصر عليها، ولكن يجب أن يقدم له النصح، ويجب أن يعرف أهمية الصدق، ويجب أن يراقب، فإذا تطورت هذه الحالة واستمرت بشدة أو زادت أو ظهرت عليه أعراض أخرى كاضطرابات وقلق وتوتر فيجب أن يعرض على الطبيب النفسي، فربما يكون ذلك من علامات المرض النفسي أو المرض الذهاني، وهذا مجرد نوع من الاحتياط، وقد ذكرت ذلك لإكمال الحقيقة العلمية، وأرجو عدم الانزعاج لذلك.

ولا شك أن هذا الأخ حفظه الله في حاجة إلى أن ينمي شخصيته، وذلك بالتركيز على دروسه وأن يكون فعالاً، وأن يمارس الرياضة، وأن يشعر بأهميته في المنزل، وأن يُعطى بعض الواجبات، فهذه كلها تبعده من هذا الخيال الوهمي؛ لأن التربية والتنشئة وكمال البناء النفسي للشخصية يتأتى من الفعاليات اليومية التي يقوم بها الإنسان وما يكتسبه من تجارب، نسأل الله له التوفيق والسداد.

انتهت إجابة الدكتور/ محمد عبد العليم ـ أخصائي أمراض نفسية ـ ويليها إجابة المستشار الشرعي الشيخ الدكتور / أحمد الفرجابي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فإن هذا الشاب في مرحلة عمرية لا تخلو من الاضطراب، وحبذا لو تمكنا من معرفة شيء عن طفولته واستقرار أسرته وطبيعة علاقة أسرته الصغيرة بالأهل والناس؛ لأن ذلك سوف يكشف كثيراً من الأسرار المفيدة، وهل كانت أسرته تمارس معه أسلوب التحقيق؟ وهل يوجد تناقض في أسلوب الأسرة في التعامل معه؟ ومن هو المستفيد من كذبه؟ وهل هنالك خوف أو جبن تجاه الذين يكذب عليهم من الأهل؟ وإذا عرف السبب بطل العجب وسهل إصلاح العطب.

والحقيقة قد أسعدتني إجابة الدكتور/ محمد لأنها عميقة وتحتاج إلى تأمل، وأنا موافق ومنتفع من إجابته وعلى منوالها نسجت ولكني أعتقد أننا نحتاج لمزيد من الإفصاح والبيان من قبل السائل وأسرته.

ومما يعين على علاجه بعد توفيق الله ما يلي :-

1- كثرة اللجوء إلى الله وخاصة من قبل والديه فإن دعوتهم أقرب للإجابة.

2- إقامة العدل في المنزل.

3- توفير الأمن والحماية والاهتمام.

4- عدم إظهار الجوانب السلبية عند الأهل أمامه.

5- مقابلة قصصه بالإهمال كما أشار لذلك الدكتور.

6- إعطائه فرصة للتعبير عن آماله وآلامه.

7- تغيير مجرى الحديث عندما يبدأ في القصص وإظهار التشاغل بأمور أهم.

8- الاتفاق على منهج موحد في التعامل معه، ويفضل أن يكون الإخراج النهائي على يد أقرب أفراد الأسرة إليه.

9- عدم الأخذ بكل ما يقوله.

10- تذكيره بالله، وتجنب الشدة في التعامل معه.

11- منحة مقداراً من الثقة المشوبة بالحذر.

12- إكمال الجرعات المقررة في العلاج والتوجيه وعدم التذبذب في الأسلوب.

وهذه وصيتي للجميع بتقوى الله، ونسأل الله أن يصلح الأحوال.

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً