الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية التعامل مع عصبية الأب في ظل اعتقاده بصواب فعله

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أبي يعاني من مشكلة نفسية صعبة، حيث يظن أن الأعمال التي يقوم بها والأقوال التي يقولها دائماً صائبة، حتى وإن كان الأمر غير كذلك، ومزاجه عصبي دائماً، فعندما نطلب منه نقوداً لشراء شيء ما حتى ولو كان الطلب من أجل أموال الدراسة فإن ملامح وجهه تتغير وكأننا نطلب منه شيئاً فوق طاقته، رغم أن لديه نقوداً كافية، وفي بعض الأحيان يبدأ بالصراخ ويقول: إنه ليس عنده مال، ويبدأ يعاتبنا على ذلك.

قد تعبت أمي المسكينة من كل هذا، فهي تتألم في داخلها، وهذا شيء يضر بصحتها، إضافة إلى أنه لا يعاملها معاملة حسنة، وأما عائلته فإنه يحترمها كثيراً، ويغضب كثيراً عندما نخبره بأي ملاحظة نقولها له، ولا يتقبل الحقيقة منا، وكل من يحيط به يتهرب منه لسوء مزاجه وبخله وتصرفاته غير اللائقة.

في إحدى المرات أعطته أمي مالاً كسلفة، ولما طلبت منه أن يعيده لها -لأنها كانت بحاجة إليه- رمى المال على الأرض، فأصبحتُ أنا وأخي نتخوف منه ولا نتجرأ أن نطلب منه شيئاً في حاله غضبه، حتى وإن كانت الحاجة ضرورية، ولم يعد بإمكاننا التحاور فيما بيننا كأسرة حقاً، فكيف نتخطى هذه العقبات ونعيش سليماً كأسرة متفاهمة فيما بيننا؟!
وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ Sister حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يصلح لكم والدكم وأن يجعلكم من السعداء.

بخصوص ما ورد برسالتك؛ فإن هناك أموراً يحتار فيها الإنسان ولا يدري كيف يتصرف حيالها، ويجد نفسه عاجزاً أمامها، خاصة إذا كان الشرع يضع ضوابط وقيوداً لابد من مراعاتها والالتزام بها، ومن هذه الأمور الحرجة جداً موضوع التعامل مع الوالدين، حيث خصهما الشرع بمنزلة خاصة، ووضع ضوابط وقيوداً صارمة وشديدة في التعامل معهما، فعلمنا كيف نتكلم معهما وكيف ننظر إليهما وما هي الأفعال التي يجوز أن تصدر منا لهما وما لا يجوز.

مقام الأبوة يأتي بعد مقام الألوهية، إلا أن الذي يعكر الصفو ويؤدي إلى عدم الالتزام بالشرع هو بعض سلوكيات الوالدين الشاذة، حيث تصدر منهما تصرفات مزعجة تجعل من الصعب أداء حقهما على الوجه المطلوب شرعاً، ومن هذه الأمثلة مثال والدك غفر الله له، فإن تصرفاته فعلاً في غاية الغرابة والإزعاج، وأعتقد أن والدك ضحية تربية خاطئة فقد بسببها الصفات الواجب توافرها فيه كأب مسلم.

مع الأسف الشديد فإن من الصعب عليه أن يغير تصرفاته هذه؛ نظراً لاعتقاده أنه دائماً على صواب، وليس هناك من يجرؤ على أن يبين له خطأه؛ لأنه لم ولن يقبل ذلك بحال، وإن كنت أتمنى أن تستعينوا ببعض الأقارب والصالحين إن أمكن لبيان هذا الأمر له، وإن لم يتيسر ذلك فليس أمامكم إلا الصبر والدعاء؛ لأنه لا يرد القضاء إلا الدعاء، والله قادر على إصلاحه بالدعاء وحده وبدونه، فأكثروا من الدعاء له واجتهدوا في ذلك، واعلموا أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسراً.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً