الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية التعامل مع الوالد المنفعل لشعوره بالتقصير في حق أمه المتوفاة

السؤال

أبي يمر بظروف نفسية جعلته يغدو عصبي الطبع، أنا أتقرب منه وأحاول إظهار مدى حبي له وهو في المقابل دائماً ينتقدني، أعلم حبه الشديد لي لكنه يحرجني أمام الآخرين، يقلل دائماً من قدراتي ومن مدى جدواي.

في الغالب أضع برنامجاً يومياً لي أمشي عليه حتى لا يضيع وقتي سدى، لكنه يأمرني بفعل أعمال تهدم برنامجي، المشكل ليس هنا، فلو كان يسر بما أنجزته لأجله أو يقدر تعبي لكان هيناً، بل يعود لينتقدني ويغضب وقد لا يكلمني، خاصة إن تأخرت شيئاً ما عن تحقيق مراده.

أعلم أنه مر بظرف نفسي بعد وفاة أمه جدتي رحمة الله عليها؛ إذ شعر أنه قد قصر معها، حتى إني أواسيه وأقول له: رحمة الله واسعة، عليك بالتوبة وفعل الخير والدعاء لها وود أحبابها.

لكنه يجيبني: قصرت مع أمي، ومهما فعلت سأحاسب، إذن لن يهنأ لي عيش ولا بال، حتى إنه بدأ يقصر في مسألة صلة الرحم مع إخوته، ويقول: هم السبب في تعامله غير السليم مع جدتي رحمها الله، الغريب أنه رجل تقي يقوم الليل ويختم القرآن الكريم أكثر من مرة في الشهر، لا أدري ماذا أفعل معه؟ فهو قرة عيني وأحبه، وأقول في نفسي: بر الوالدين ليس بالأمر السهل، وربما هذا امتحان يجب أن أنجح فيه.

لذا قررت الاتصال بكم واستشارتكم بغية تصويب رأيي، طبعاً بعد اللجوء إلى ملاذ المهمومين ربي سبحانه وتعالى.
كيف أتصرف مع أبي؟ ما الذي بجدر بي فعله كي أخفف عنه مسألة تأزمه جراء وفاة جدتي رحمها الله؟
وفيما يخصني أنا: أشعر أن أعصابي في انهيار، فأنا أشعر أن لي قدرات وأفكاراً بناءة لكن انتقادات أبي والوضع المتشنج في البيت تحد من همتي، فما السبيل لتغيير الوضع، وكيف أعلي همتي؟
جزاكم الله خيراً وبارك فيكم، والسلام عليكم ورحمة الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد:

فقد أفرحني حرصك على بر والديك، وأسعدني التماسك العذر لوالدك، وهذا دليل على نضوج عقلك، ومرحباً بك في موقعك بين آبائك وإخوانك.

وأرجو أن تعلمي أن لذة الثواب تنسى الآلام، فأبشري بثواب الصابرين.

وأنا في الحقيقة أحب أن أنبه الشباب والفتيات بأن الآباء والأمهات يحبونهم ولكنهم يفشلون في التعبير عما في نفوسهم، وأنا أكلمك بلسان أب مشفق وأقول: عندما يشتد الأب أو يقسو فما ذلك إلا أنه يريد أن يكون أولاده أفضل منه، فإذا وجد بعض التقصير اشتد غضبه، وهذا بلا شك خطأ، ولكن إدراك هذه الحقيقة يخفف عنهم؛ فإنه لا يوجد على وجه الأرض إنسان يتمنى أن يكون غيره أفضل منه إلا الآباء والأمهات.

ولا شك أن التوترات الموجودة عبارة عن سحابة صيف سوف تنتهي بإذن الله، فكوني عوناً لوالدك وتجنبي ما يجلب له التوتر، وقدمي حاجته على حاجتك، واعلمي أن إرضاءه هو أهم ما يعينه على تجاوز هذه الأزمة، وتجنبي كثرة المناقشات معه، وقدمي له ما يحب من الطعام والشراب، وشجعيه على الترحم على الوالدة، واعلمي أن طاعته واجبة وهي من طاعة الله، إلا إذا أمرك بمعصية الله فعند ذلك لا سمع ولا طاعة.

وهذه وصيتي لك بتقوى الله وكثرة اللجوء إليه، وأرجو أن أعبر عن سعادتي لحرصك على البر والخير، وهذا دليل على أنك على خير، ونسأل الله لك السداد والثبات.

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً