الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

القلق النفسي المصحوب بالخوف من الأمراض وكيفية التخلص منه

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة غير متزوجة، وعندما يراني أحد فإنه يعطيني أكبر من عمري الحقيقي، والسبب في ذلك هو الهزال بسبب الخوف والهلع والشكوك، فأنا أخاف من كل شيء، وأتوهم بأن الأمراض كلها حولي وأنها سوف تصيبني، وأفكر دائماً في الأمراض الخطيرة التي تودي بحياة الإنسان، وأعيش وحدي مع هذه الأوهام، لدرجة أنني أبكي وحدي في الغرفة.

وقد أصبت منذ سنتين بحالة من الخوف والرهاب الاجتماعي، وأصبح قلبي يدق بسرعة لأبسط الأمور رغم محاولاتي بأن أرقي نفسي، إلا أن حالتي ما زالت كما هي، ودقات قلبي السريعة والخوف والاحمرار والتعرق يستمران إذا سمعت بمرض شخص، وأكون على هذه الحال لمدة أسبوع من تعب وبكاء وخوف ووساوس على مدار اليوم، فماذا أفعل للتغلب على تلك الحالة؟

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمل حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنك تعانين من قلق المخاوف الذي يكون موجهاً نحو أمر واحد أو شيء واحد، ولكن في بعض الأحيان تتعلق هذه المخاوف بأكثر من أمر، أي تكون مخاوف متعددة، (مخاوف من المرض، مخاوف من الظلام، مخاوف من المرتفعات، مخاوف من الطيران)، ونوع المخاوف الذي تعانين منها هو قلق نفسي في الأساس ويأتي بعد ذلك الخوف من الأمراض، وكذلك جوانب الوساوس يكون قوياً، أي أن هذه المخاوف هي من النوع الوسواسي، وهذا هو الذي جعلك تنعزلين ولا تتفاعلين مع الآخرين.

وهذه الحالات يمكن أن تعالج ولكنها تتطلب الإصرار والمقاومة وأن تكون لك الإرادة والعزيمة وبأن تجبري نفسك على أن تعيشي حياة عادية وأن تخرجي وأن تتفاعلي، ويجب أن تتحاوري مع نفسك وتتساءلي: ما الذي ينقصني عن الآخرين؟ هذه مجرد قلق ووساوس وهذه مجرد مخاوف أنا أكبر منها ولابد أن أقهرها.

هذا الحوار المعرفي الفكري الداخلي هو من وسائل العلاج المهمة جدّاً، ولكن الإنسان إذا استسلم لهذه الوساوس فسوف تزيد والخوف يؤدي إلى الخوف والفشل يؤدي إلى الفشل، إذن لابد أن تغيري من طريقة تفكيرك.

وأما الخوف من الأمراض فمن المعلوم أن الأمراض موجودة، والإنسان يتخذ الحيطة المعقولة منها ويسأل الله أن يحفظه، فهذا هو الضروري والمهم، فالإنسان عليه أولاً أن يتوكل على الله ويسأل الله أن يحفظه من كل مكروه ويتخذ التحوطات الطبية المعقولة والتحوطات الوقائية، وأنصحك أيضاً بأن تذهبي إلى الطبيب بصفة دورية مرة كل ثلاثة أشهر، فتقومي بإجراء فحوصات عامة، وتتأكدي من الدم ووظائف الكبد والكلى والدهنيات، فهذه الفحوصات العامة البسيطة تبعث الطمأنينة لدى النفس؛ لأن الابتعاد الشديد عن الرعاية الطبية يؤدي إلى تنشيط مثل هذه الأفكار السلبية، ولا أدعوك أن تكثري التردد على الأطباء؛ لأن ذلك في حد ذاته مشكلة كبيرة، ولكن الذي أنصحك به هو كشف دوري كل ثلاثة أشهر أو كل ستة أشهر، فهذا يطمئنك تماماً.

وأما خط العلاج الرئيسي في حالتك فهو العلاج الدوائي، وتوجد أدوية فعالة وممتازة ولله الحمد تعالج كل هذه الظواهر المرضية، فالخوف والقلق والرهاب والاكتئاب والانغلاق على الذات والعزلة، كل هذه الأعراض توجد لها أدوية فعالة سوف تزيلها، ولكن عليك الالتزام بالدواء والصبر عليه وتناول الجرعة الصحيحة، ومن أجمل وأحسن الأدوية التي تعالج هذه الحالة عقار يعرف باسم (سبراليكس)، وهو من الأدوية المتميزة جدّاً، فأرجو أن تبدئي في تناوله بجرعة عشرة مليجرام ليلاً لمدة أسبوعين، ثم بعد ذلك ترفع الجرعة إلى عشرين مليجرام ليلاً لمدة ستة أشهر – وهذه هي الجرعة العلاجية –، وبعد ذلك خفضي الجرعة إلى عشرة مليجرام ليلاً لمدة ستة أشهر أخرى – وهذه هي الجرعة الوقائية -.

ويفضل أن تتناولي عقارا آخر بجانب (السبراليكس) وهو علاج منشط أو مدعم للسبراليكس ويعرف باسم (فلونكسول)، فأرجو أن تتناولي نصف مليجرام صباحاً ومساءً لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضي الجرعة إلى نصف مليجرام – حبة واحدة – في اليوم لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم توقفي عنه.

ويجب أن تضعي لنفسك برامج يومية وأن تصري على تطبيق هذه البرامج، وهي أشياء بسيطة جدّاً، فقولي: سوف أذهب إلى زيارة أحد الأرحام لنصف ساعة – على سبيل المثال – وسوف أقوم بتدبير بعض الأشياء في المنزل وهكذا، فهذه البرامج اليومية البسيطة تساعدك كثيراً.

وأيضاً عليك بالرقية الشرعية فهي علاج شاف وناجع بإذن الله تعالى، فحاولي أن ترقي نفسك وحافظي على عبادتك وتقربي إلى الله تعالى بالدعاء وأنت موقنة بالإجابة إن شاء الله، وأسأل الله أن يرفع عنك ما بك، (اللهم رب الناس أذهب البأس اشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقماً، اللهم إني أعوذ بك من البرص والجذام والجنون وسيء الأسقام).

هذا كلام عظيم يبعث في النفس الطمأنينة، فأرجو أن تحرصي على ذلك، وأرجو أن تكون لك الثقة والدافعية في نفسك، فأنت في مقتبل العمر ولديك الكثير الذي يمكنك أن تقومي به، فحرري نفسك من هذه المعتقدات السلبية، وابعثي في نفسك الإرادة والأمل والتفكير الإيجابي، وعيشي الحياة بقوة حاضرها ومستقبلها إن شاء الله.

ويمكنك الاستزادة بالاطلاع على الاستشارات التالية: (263760 - 265121 - 263420 - 268738)، وللخوف بصورة عامة: (262026 - 262698 - 263579 - 265121)، نسأل الله لك التوفيق والسداد، وجزاك الله خيراً على تواصلك مع الشبكة الإسلامية.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً