الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العناد سرعة الغضب عند الطفل

السؤال

السلام عليكم.

لدي طفل عمره الآن ثلاث سنوات ونصف السنة، عنيدٌ في تصرفاته شديد الغضب عندما تمنع منه شيئاً أو تأمره بترك شيء يصرخ حتى يظن من يشاهده أنه سينفجر من قوة الغضب ورفع الصوت، ويضرب من يوجه له الكلام أو يعضه وبعدها يحس بالارتياح أو يهدأ، لكن في المقابل رحيم ويحب أختيه الأكبر منه، حيث لديه أخت عمرها 7 سنوات والأخرى 11 سنة، فهل حالة الغضب طبيعية في سنه أم تحتاج إلى الذهاب إلى الطبيب؟

النقطة الأخرى الأكثر ازعاجاً لي أنه وفي عمره هذا لازال يفضل التبرز على الحفاظة ويرفض دخول الحمام مما يضطرنا أنا ووالدته لتنظيفه فيما بعد؛ لأنه لا يقبل بقاء الأذى ملاصقاً لجسمه! فهل هذه حالة طبيعية أم تحتاج إلى طبيب لعلاجها؟
بارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

جزاك الله خيراً، ونشكرك على تواصلك مع الشبكة الإسلامية، فنحن نذكر أنه قد وردت منك أسئلة أخرى غير هذا السؤال.

بالنسبة لهذا الابن –حفظه الله تعالى– فإن العناد والغضب وسرعة الانفعال والصراخ عند الأطفال في هذا العمر قد تكون أمراً عادياً وقد يكون تعبيراً عن الاحتجاج، فإن الطفل يريد أن يصل إلى مقصده أو يريد أن يحتج لوضع معين أو يريد أن يلفت النظر إليه فيقوم بمثل هذا المسلك الذي يتسم به هذا الابن – حفظه الله تعالى - .

المبدأ الأساسي الذي يمكن من خلاله تعديل سلوك الأطفال يقوم على تجاهل السلوك السلبي، فتواجه سرعة الغضب لديهم بالتجاهل، وكذلك احتجاجه وصراخه والبكاء ورفع الصوت حين نتجاهلها وحين لا نتفاعل معها فإن هذا سوف يقلل من هذا الأمر.

أنا أعرف أن تحمل الوالدين أو من يكون حول الطفل لمثل هذه التصرفات قد يكون محدوداً في بعض الأحيان، ولكن علينا أن نصبر، ومن الضروري جدّاً أن تكون هنالك سياسة واحدة متبعة من جميع الأفراد الذين يتعاملون مع الطفل أو من يقومون برعايته، بمعنى أن التجاهل يكون من الجميع منك ومن والدته ومن كل من حوله، وفي ذات الوقت نقوم بتحفيز الطفل وتشجيعه على السلوك الإيجابي، والتشجيع المعنوي للأطفال يأتي ثماره بصورة إيجابية جدّاً، فاحتضان الطفل وتقبيله والابتسامة في وجهه يستجيب لها الأطفال بصورة جيدة جدّاً، وبعد ذلك يأتي بالطبع التشجيع والمكافأة المادية في شكل هدايا بسيطة تفيد كثيراً، وطريقة النجوم (المعروفة) يمكن تطبيقها عند عمر ثلاث سنوات، بمعنى أي عمل إيجابي يقوم به الطفل نعطيه نجمتين أو ثلاثا، ولكل عمل سلبي يقوم به نخصم أو ننقص منه نجمة أو نجمتين، ثم بعد ذلك يستبدل في نهاية الأسبوع ما اكتسبه من نجوم بهدية بسيطة.

هذه يا -أخي الكريم– هي الأساليب المعقولة جدّاً وإن شاء الله تساعد في اختفاء مثل هذه الظواهر، ويُعرف أن هذه الظواهر محدودة جدّاً وتكون في مرحلة معينة من الطفولة.

بعد ذلك أنصح باستعمال اللعب واللعبة كوسيلة لتهدئة الطفل ولتغيير سلوكه وتعليمه تعتبر وسيلة ناجحة جدّاً خاصة الألعاب التي فيها المكونات التعليمية التي توسع من مدارك الطفل، هذه أيضاً سوف تقلل كثيراً من السلوك السلبي لدى الطفل.

أما بالنسبة لموضوع التبرز وإحجام الطفل عن دخول الحمام، فإن هذا أيضاً بالطبع يتطلب أن نشجع الطفل على الذهاب إلى الحمام باحتضانه وبتقبيله وبأخذه إلى الحمام والانتظار معه قليلاً ووضع أحد الألعاب المفضلة بالنسبة له في داخل الحمام - هذا جائز جدّاً – مما يجعل الطفل يغير من هذا السلوك.

هنالك طريقة جيدة جدّاً وهي أن يؤخذ الطفل إلى الحمام كل أربع أو خمس ساعات، حتى وإن لم تكن له الرغبة، فبكلمة جميلة وبابتسامة طيبة وبحركة فيها شيء من المزاح معه وترغيبه يمكن لوالدته أن تأخذه إلى الحمام، وهذا يجعله بعد ذلك يقبل الأمر وأعتقد أنه قد وصل إلى العمر الذي يجب ألا يستعمل فيه الحفاضات.

لا أعتقد أن هنالك حاجة لأخذ الطفل إلى الطبيب، فلا أعتقد أنه مريض، فإن هذا مجرد نوع من السلوك أو المسلك الذي تتسم به الطفولة وهو أمر غير مزعج، والأطفال يختلفون في سلوكياتهم، وكثيراً ما نلجأ إلى المقارنات بين أطفالنا ولذا نكون حساسين جدّاً حيال بعض الأطفال إذا كان مسلكهم غير مقبول مقارنة بإخوانهم أو أقرانهم.

وهذا الطفل – حفظه الله – فيه سمات طيبة فهو رحيم ويحب أختيه الأكبر منه، وهذه سمات جميلة جدّاً.

لابد أن أنبه أن الطفل يجب أن يُعامل معاملة عادية جدّاً ويجب ألا نميزه؛ لأن هنالك نوعا من التمييز الشعوري أو اللاشعوري يحدث في كثير من الأسر، وهو أن الطفل يكون (طفل خاص)، كالولد الأكبر أو الولد وسط البنات أو البنت وسط الأولاد، أو الطفل الأصغر – وهكذا – فإن هذه تؤدي في بعض الأحيان إلى خلل في التربية إذا ميزنا الطفل شعورياً أو لا شعورياً.

سوف يكون أيَضاً من الجيد جدّاً أن يذهب الطفل إلى الروضة وأن يختلط ببقية الأطفال، فإن هذا سوف يساعده في تغيير مسلكه لدرجة كبيرة.

حقيقة أنا لست منزعجاً أبداً لحالة هذا الطفل، وأرى أنه طفل عادي وطبيعي ولكن هذه التصرفات هي دليل على محاولته للاحتجاج للفت الانتباه وربما يكون أيضاً قد استمتع بمعاملة خاصة – مع احترامي الشديد لمنهجكم التربوي –.

وعموماً التجاهل والتشجيع وشيء من الترغيب والترهيب والتوبيخ البسيط يفيد كثيراً مع هؤلاء الأطفال.
أسأل الله تعالى أن يحفظه وأن يجعله من الصالحين وأن يجعله مع أختيه قرة عين لكما، وكل عام وأنتم بخير.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً