الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أُهديت إلي عباءة غالية الثمن، وقد أخذتها واحتفظت بها حتى تأتي مناسبة لارتدائها، وكان جميع من في البيت يعلمون أني لا ألبسها إلا في المناسبات لكونها ثمينة.

وبعد أن مرت سنة ولم أرتديها علمت أمي بذلك الأمر، فاستغلت وجودي في العمل وفتحت خزانتي وأخذت العباءة وأعطتها لأختي الكبرى دون أن تستأذن مني، وعندما علمت أخبرتها بأنها لا يحق لها أن تأخذ عباءتي وهديتي دون رضاي، فردت بأنها لم تعطها لأحد غريب وإنما أعطتها لأختي، وهي سوف تلبسها للعمل، وقد وجدتك لا تلبسينها وستحتفظي بها فأعطيتها لأختك، وهذا أولى من أن تحتفظي بها، وقد حزنت لأنهم لم يستأذنوني.
وقلت: أريد عباءتي لأني أحق بها حتى ولو لم ألبسها، وقد أخذت أختي عباءتي وهي تضحك، ولم تبال بما أنا عليه من غضب، وأمي تساعدها في ذلك، فكيف أتصرف معهم؟!
وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم الخير حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن يلبسك ثوب الصحة والعافية وثوب التقوى والإيمان والصلاح والاستقامة.

وبخصوص ما ورد برسالتك، فإن هذا التصرف الذي حدث من حيث المبدأ ليس صحيحاً، فكونهم يأخذون أغراضك دون إذنك فإن هذا اعتداء على ممتلكاتك الشخصية، وهو أمر لا يقره الشرع ولا يؤيده العرف، والأصل أن لكل واحد في الإسلام ملكيته الخاصة، سواء أكانت من المقتنيات الثمينة أو من المقتنيات العادية، ومن حقه أن يحتفظ بملابسه ليلبسها وحده، وكذلك أيضاً أمواله وحليه إلى غير ذلك، فهذه حقوقٌ الأصل فيها أنها مملوكة لأصحابها ولا يجوز لأحد أن يتصرف فيها دون إذن من صاحبها، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه).
هذا الكلام العام ينطبق على حقوق المسلمين العامة والخاصة فيما بينهم، وكان من الأولى أن يستأذنوك في هذا الأمر، وقد جانبهم الصواب ووقعوا في خطأ واعتدوا على حقك في عدم الاستئذان، حتى وإن كنت لا تلبسينها إلا في المناسبات؛ لأنه ليس من حق أحد أن يتصرف في ملك غيره إلا برضاه، وهذا أمر لا خلاف حوله، ولكن يبدو أن أمك – حفظها الله – ترى أن هذه المسائل بسيطة وأنه لا فرق بينك وبين أختك، وقد تكون أختك في حاجة إليها لتلبسها للعمل .

فأمك اجتهدت لظنها بأنه لا فرق بينك وبين أختك، ولاعتقادها بأن ملابس أختك هي ملابسك وملابسك هي ملابس أختك، ولذلك فإنني أعتقد أن هذا حدث ليس بقصد الإساءة إليك وليس بسوء نية، وإنما هو أمر عفوي حدث من أمك على اعتبار أن هذه العباءة متروكة دون استعمال، وأرى أن الدافع لأمك لهذا التصرف إنما هو حسن الظن بك بأنك لن تمتنعي من ذلك، ولذلك فهي أخطأت في عدم الاستئذان، ولكنها نظراً لثقتها فيك وفي أخلاقك العالية وفي استعدادك لقبول الأمر هو الذي أدى بها إلى أن تتصرف دون الرجوع إليك.

فلا تقفي طويلاً أمام هذا الأمر ولا تفقدي رضا أمك بسبب هذا الشيء، ولا تقطعي صلتك بأختك بسبب هذا الأمر، فهذا أمر بسيط، وتوجهي إلى الله تعالى بالدعاء وقولي: (اللهم عوضني خيراً عمَّا فقدت وارزقني عباءة أفضل منها)، وينبغي أن تعلمي أن هذا التصرف شائع في معظم البيوت العربية الإسلامية، حيث نجد أن الإخوة يلبسوا من بعضهم، والأخوات يلبسن من بعضهنَّ، فكلٌ يلبس ملابس إخوانه ما دام في نفس السن أو أن الملابس مناسبة لجسمه.

نسأل الله لك التوفيق والسداد وأن يمنَّ عليك بعباءة جديدة أغلى وأثمن وأفضل، وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً