الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ارتباط القولون العصبي بالحالة النفسية

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أولاً: أهنئكم بحلول شهر رمضان جعله الله مباركاً عليكم وعلى الأمة الإسلامية.
أما بعد:

فإني أردت الاستفسار عن مشاكل القولون العصبي، هل هي مرتبطة بالحالة النفسية أم لا؟ لأنني أعاني كثيراً من مشكلة الإخراج، فأنا أعاني من القولون منذ حملي بابنتي الثانية، ولكن ليس بالدرجة التي أحسها الآن فلقد صار دخولي للحمام كابوساً فقد أظل فيه الساعة دون إخراج كامل، مع العلم أن البراز صغير جداً وأحس أن بطني منتفخ.

مع العلم أني أشرب الكثير من الماء، فهل التوتر يزيد الحالة تدهوراً علماً بأني أحس ببعض التوتر الشديد سببها المشاكل اليومية الحياتية من عمل وأطفال والمصروف...إلخ.
كما أن الأسبوع الذي يسبق الدورة يحطم أعصابي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ SS حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فإن مرض القولون العصبي ينجم عن اضطراب مزمن في وظيفة القناة الهضمية، وخاصة الأمعاء الغليظة (القولون) فينتج عن ذلك انتفاخ وآلام في البطن، مع اضطراب في التبرز من إسهال أو إمساك.

ويميز هذا المرض بأنه غير ناتج عن أي خلل أو اضطراب عضوي، أي أن الأعراض ليست بسبب التهاب أو جراثيم أو أورام أو غير ذلك، إنما هي ناتجة عن زيادة الإحساس بتقلصات واضطراب في حركة الأمعاء.

ومن أهم الأمور بالنسبة لهذا المرض أنه مزمن ومتردد، أي أنه غالباً ما يستمر مع الإنسان لسنوات طويلة، وقد يبقى معه طول عمره، وتتردد الأعراض فتزداد في فترة معينة، وتخف في أخرى أو تزول لفترة معينة، وتظهر مرة أخرى فيما بعد، ويلاحظ معظم المرضى أن الأعراض تزداد مع القلق واضطراب الحالة النفسية، كما أنهم يشعرون بالتحسن أثناء الإجازات، وفي فترات استقرار الحالة النفسية.

وأعراض هذا المرض لا تكون موجودة كلها عند جميع المرضى، ولكن قد يكون لدى أحد المرضى معظم هذه الأعراض، والمريض الآخر ليس عنده سوى بعضها، فلكل مريض نمط معين من الأعراض تتكرر عنده من وقت لآخر.

ومن أهم هذه الأعراض:

- آلام مزمنة في أي موضع من البطن، وأكثر ما يكون في أسفل البطن انتفاخ في البطن، وخاصة بعد الوجبات.

- اضطراب في عملية التبرز كما هو الحال عندك، فقد يشعر المريض بإمساك مع صعوبة في إخراج الفضلات، فأحياناً يخرج البراز على شكل قطع صغيرة جافة، وأحياناً يكون البراز سائلاً يشبه الإسهال، وتتقلب الحالة عند معظم المرضى بين الإمساك والإسهال من وقت لآخر.

- شعور بعدم الارتياح بعد الخروج من الحمام، حيث يشعر المريض بأن الفضلات لم تخرج كلها من بطنه.

- خروج مخاط أبيض مع البراز.

ولا تقتصر أعراض القولون العصبي على ما سبق، بل هناك أعراض كثيرة قد تحدث في أجزاء من الجسم، وقد ينزعج منها المريض، ولكن مهما عمل الطبيب من فحوصات، فإنه لا يجد أي سبب آخر، ومنها:

- شعور بالإرهاق والتعب العام.

- شعور بالشبع وعدم الرغبة في الأكل، ولو بعد مضي وقت طويل بعد الوجبة السابقة.

- آلام في أسفل البطن أثناء التبول، وأحياناً الشعور بالحصر.

- آلام شبيهة بوخز الإبر في عضلات الصدر والكتفين والرجلين وغيرها.

ولتفهم هذا المرض هناك حقائق قد تفيدك في التأقلم مع هذا المرض، وهي:

- أن هذا المرض ليس عضوياً، بمعنى أننا لو فتحنا البطن وتفحصنا الأمعاء لوجدناها سليمة، ولهذا فإن الفحوصات التي يعملها لك الطبيب غالباً ما تكون نتائجها كلها سليمة.

- هذا المرض مزمن، وقد يستمر معك طوال العمر، فعليك أن تصبري وتحتسبي الأجر عند الله، وتحاولي أن تتكيفي مع أعراض المرض.

- مهما طالت مدة المرض معك، فهو لن يؤدي إلى أي مضاعفات أو أمراض أخرى، فهو لا يؤدي إلى نزيف أو التهاب أو سرطان، ولا إلى غير ذلك.

- لا يوجد علاج يقطع هذا المرض ويشفيك منه، ولكن الطبيب سوف يصرف لك بعض الأدوية التي تخفف بعض الأعراض، وتساعد على تحملها، وتمكنك من التعايش مع هذا المرض، والاستمرار في ممارسة أعمالك وحياتك اليومية بشكل طبيعي.

- لكل نوع من الأعراض ما يناسبه من الأدوية، ومن أهمها:

الإمساك وصعوبة التبرز: ويستعمل له الملينات التي تزيد نسبة الألياف داخل القولون، وتجعل البراز متماسكاً، وتسهل خروجه عند قضاء الحاجة، وتجعلك تشعرين بالارتياح بعد التبرز، وهذه الأدوية لا يمتصها الجسم، ولا تهيج الأمعاء، ولا يضر استعمالها لمدة طويلة، ولكن قد لا تحسي بفائدتها إلا بعد عدة أيام.

آلام البطن: تستعمل لها الأدوية التي تهدئ من تقلصات الأمعاء، ولا داعي للاستمرار في استخدامها لمدة طويلة، ولكن احتفظي بها في المنزل، واستعمليها حيث تشتدّ عليك الآلام.

الغازات وانتفاخ البطن: قد ينفع معها استخدام الكربون والدسفلاتيل أو الملينات، وكذلك تجنب الوجبات الدسمة قد يساعد على تخفيف هذه المشكلة.

الإسهال: يستعمل له مضاد الإسهال عند الضرورة.

وقد يرى الطبيب أنك قد تحتاجين بعض المهدئات النفسية أو استشارة طبيب الأمراض النفسية، فلا تترددي في قبول ذلك، فإن النفس تمرض كما يمرض الجسم، وقد تكون الاضطرابات النفسية هي السبب في اشتداد أعراض القولون العصبي؛ وفي كثير من الأحيان قد تفيد الأدوية المضادة للاكتئاب.

شفاك الله وعافاك، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً