الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عودة اكتئاب ما بعد الولادة بعد انقطاع .. نظرة طبية

السؤال

د محمد عبد العليم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أصبت باكتئاب ما بعد النفاس منذ أكثر من سنة ونصف، وواظبت على العلاج طيلة الفترة على دواء سيروكسات، ومنذ شهرين توقفت عن أخذ الدواء بعد أن قام طبيبي بإنقاص الجرعة تدريجياً - والحمد لله - كنت طيلة الشهرين لا أشعر بشيء، مع العلم أني كنت في إجازة خلال الشهرين، وبعد عودتي من الإجازة بأسبوعين أخذت تنتابني أعراض الاكتئاب السابقة من جديد، وبدأت بسيطة، وكنت دائماً أحاول تجاهلها، وواظبت على تلاوة القرآن والأذكار والدعاء، لكن أحس بتزايدها، فهل يمكن أن تأتي الأعراض مرة ثانية بعد توقف العلاج بشهرين؟ وما هو العلاج الفعّال؟

حفظكم الله من كل سوء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم عمر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فحقيقة أنت معروفة لديَّ تماماً، وذلك حيث قمت بزيارتي في العيادة مؤخراً، وكما أوضحت لك الذي أرجوه وأحتم عليه، وأؤكد عليه وأرجو أن تأخذي بذلك يقيناً؛ أن حالتك من الحالات البسيطة، والشيء المهم والعامل الضروري جدّاً في أن هذه الحالة قد رجعت إليك مرة أخرى – أي أن نوبة الاكتئاب قد أصابتك مرة أخرى – بعد التوقف عن الدواء، هو في الأصل ناتج من أنه لديك الاستعداد لذلك، ربما يكون هذا الاستعداد ناتجا لعوامل بيولوجية داخلية، أو ناتجاً من شخصيتك أو لعوامل وراثية، والاستعداد للمرض لا يعني المرض نفسه – هذا أمر مفروغ منه – ولكن يعني أن الإنسان يجب أن يتخذ التحوطات والوقاية اللازمة حتى لا تأتيه النوبات المرضية.

كانت فترة ما بعد النفاس هي العامل المهيئ لحدوث النوبة الاكتئابية الأولى، وهذه الفترة يعرف عنها أنها فترة ضعف بصفة عامة في حياة المرأة؛ وذلك نسبة للتغيرات الهرمونية والتغيرات الفسيولوجية، وبعد أن تحدثت حالتك على العلاج لا شك أنك مثل كثير من الناس كان همك الأول هو أن تحرري نفسك من تناول الدواء، وفي اعتقادي أن ذلك في حد ذاته قد شكَّل ضغطاً نفسياً كبيراً عليك، فأعرف أن بعض الناس يقلقون كثيراً للإصابة بمثل هذه الحالات، ويقلقون كثيراً أيضاً حين تأتيهم الصحة والعافية، لأنهم يكونون في تساؤل دائم: (إلى متى سوف يستمر هذا التحسن)؟ ويشغلهم أكثر من ذلك اعتقادهم بأن الدواء له أضرار أو أنه مضعف لهم، أو يقلل من شأنهم وقيمتهم الاجتماعية أو الزوجية، وهكذا.

الذي أود منك – وكما ذكرت لك – هو أن تحرري نفسك تماماً من هذه الظنون ومن هذه الأفكار؛ لأن ذلك يولِّد المزيد من القلق، ويشكّل عاملاً ضاغطاً بالنسبة لك، والذي أراه هو أنك في حاجة للاستمرار على جرعة وقائية من الدواء، ويجب ألا تنزعجي للمدة مهما طالت، فإن هذه الحالات الآن تعامل مثل حالات ارتفاع ضغط الدم والسكر والأمراض المشابهة، فأرجو ألا تنزعجي لذلك تماماً.

ولابد أن أكون واضحاً وصريحاً معك أنه ما دام انتابتك النوبة الاكتئابية للمرة الثانية، فهذا يعني أن الاستعداد موجود، وأن التوقف عن الدواء ليس من الحكمة، إذن العلاج هو الدواء والتفكير الإيجابي، فأنت - الحمد لله - سيدة مستقرة، وأنا أعرف أن لديك زوجاً كريما، ولديك ذرية، وهنالك الكثير من الإيجابيات في حياتك، فعليك دائماً أن تتذكري ذلك، ومن فضل الله تعالى أنك متدينة وملتزمة بذلك، وهذا لا شك أنه رصيد كبير ويحسن من صحتك النفسية.

فأسأل الله لك الثبات على ذلك، وأرجو ألا تشغلي نفسك مطلقاً بمدة الطلاق، خاصة الدواء الذي تتناولينه هو من الأدوية السليمة، كما أن الجرعة التي تتناولينها هي جرعة بسيطة، حيث إن البعض قد يحتاج أن يتناول ثمانين مليجرام – أربع حبات – من الزيروكسات يومياً، وأنت جرعتك أقل من ذلك بكثير.

أسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً