الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إمكانية أخذ السروكويل بدلاً عن الرزبريدال لمعالجة الاكتئاب مع التركيز على الجوانب السلوكية

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وكل عام وأنت بخير.
هذه بعض الأسئلة للدكتور محمد عبد العليم جزاه الله خيراً

أولاً: أنا أعاني من مرض الوسواس القهري، والذي سبب لي اكتئاباً شديداً وخوفاً، وقد ذهبت للدكتور عندما اشتدت بي الحالة، وكنت أستخدم فافرين 300 ملغم، فوصف لي إيفكسر 75 ملغم لمدة أسبوعين ورفع الحرعة إلى 150 ونصف ملغم من دواء ريسبيردال، وخفض الفافرين تدريجياً إلى حبة ونصف 150 ملغم، تحسنت حالتي ولله الحمد، وبدأت أشعر بتفاؤل وطموح وهمة وخيال عالي جداً، وقلت نسبة الخوف والرهاب، غير أن الشعور بالعافية والتحسن لا يدوم معي، بل هي فترات قصيرة أحس فيها بتحسنٍ كبير، ثم يعود الاكتئاب والضيق وقفل الدماغ، ولا أستطيع أن أفكر وأركز بشيء، بل تشتت في الأفكار وإحباط، عدت للدكتور ووصف لي دواء سيبراليكس 10 ملغم مع إيفكسر 150 ملغم كما هو، وريسبيردال نصف ملغم كما هو، ولكن لم يتغير شيء، بل لم تعد تأتيني الحالات التي أحس بها، من همة عالية وطموح وتفاؤل، بل مقومة شديدة لأفكار مزعجة، وضيق شديد، وعدم دافعية!

ثانياً: هل أستطيع أن أستبدل دواء ريسبردال بدواء سيركويل؛ لأنه لا يزيد في الوزن والشهية، فأنا أريد دواء لا يزيد في الوزن؟

ثالثاً: بين فترة وأخرى يأتيني وسواس بأن أغير الدواء أو أخفض الجرعة أو أرفعها، وهو وسواس شديد مما يجعلني غير منتظم في العلاج، فماذا أفعل؟

ملاحظة: استخدمت علاج إيفكسر وريسبردال منذ شهر ونصف تقريباً، وسبراليكس من أسبوعين تقريباً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو ميار حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

جزاك الله خيراً، وبارك الله فيك، ونسأل الله لك الشفاء والعافية.

بالنسبة لعلاج الاكتئاب الشديد والخوف، فلابد أن تركز كثيراً على الجوانب السلوكية، فالاكتئاب يعالج ويهزم بتفكير الأفكار السلبية إلى أفكار إيجابية، والإنسان يصل إلى الفكر الإيجابي بأن يعيد تقييم حياته، وسوف يكتشف أن لديه إمكانات ومقدرات كثيرة جدّاً كان يتجاهلها.

الخوف يعالج بتحقيره وتجاهله واقتحامه، وعدم تجنب مصدر الخوف، والوساوس القهرية أيضاً تُعالج بنفس المبدأ.

بالنسبة للعلاج الدوائي، فحقيقة هذه الأدوية متشابهة لدرجة كبيرة، ولكن نعرف أن البناء الجيني للإنسان هو الذي يحدد مدى استجابته لعلاج معين دون علاج آخر، ولكن بالطبع لا زلنا لا ندرك كامل الخارطة الجينية، إذن ربما تكون التجربة هي خير برهان بالنسبة لفعالية الأدوية.

الوسواس الذي يأتيك حول تغيير الأدوية، حقر هذا الوسواس، وقل لنفسك (لا، أنا لن أغير الدواء؛ فأنا سوف ألتزم بالدواء، لأنني أعرف أن عدم الالتزام بالدواء هو السبب الأساسي لفشل العلاج الدوائي)، وهذه حقيقة - يا أخِي – علمية قاطعة، فالذين لا يلتزمون ولا ينتظمون في العلاج لا يتيحون لأنفسهم فرصة البناء الكيمائي السليم.

إذن: حقر هذه الفكرة، وقل لنفسك: (أنا سوف ألتزم)، ومن تجاربنا المتواضعة في حياتنا العملية والإكلينيكية: رأينا من تحسنوا بعد ستة أشهر من تناول الدواء – هذه حقيقة أخِي – إذن الأمر يتطلب الصبر، ويتطلب أن يكون للإنسان إرادة التحسن، فهنالك إرادة تعرف بإرادة التحسن، وهي أن أبحث نحو هذا التحسن، وأن أكون متفائلاً، ولا أشغل نفسي بالنواقص. هذه أمور ضرورية جدّاً، وهي أسباب غير بيولوجية للتحسن، ولكنها مهمة جدّاً.

لا مانع بالطبع من أن تستبدل الرزبريدال Risporidal بالسروكويل Seroquel، ولكن جرعة الرزبريدال التي تتناولها الآن هي صغيرة جدّاً، والرزبريدال حقيقة زيادته للوزن تقريباً تعادل الزيادة التي يسببها السروكويل، مع اعترافي التام بأنه توجد اختلافات بين الناس، بمعنى أن البعض قد يزيد وزنه مع الرزبريدال، والبعض الآخر قد لا يزيد وزنه مع السروكويل.

عموماً: لا مانع من استبدال الرزبريدال بالسروكويل الذي يتميز بميزة أخرى، وهو أنه ينظر إليه الآن كمضاد للاكتئاب، وهو في الأصل مضاد للذهان، وهو في الأصل محسن لتقلب المزاج، وقد اتضح أنه الآن أيضاً يحسن المزاج ويزيل الاكتئاب. فلا مانع أن تتناوله، فابدأ بجرعة خمسين مليجرام لمدة شهر، ثم بعد ذلك ارفع الجرعة إلى مائة مليجرام، وسوف يكون هذا كافياً.

أرجو أن تلتزم بالأدوية، وأرجو أن تستمر عليها، وكما ذكرت لك التحسن سوف يأتي إن شاء الله تعالى، وهنالك تفاوت كبير جدّاً بين الناس في استجاباتهم، وحقيقة التغيير الكثير للأدوية ليس جيداً، فقد يؤدي إلى ما يعرف بـ (الإطاقة)، وهي تعني أن المرسلات العصبية قد تصل إلى درجة من المناعة، والمقاومة للدرجة التي لا تؤثر فيها الأدوية بالصورة الفاعلة، فالتزم بالدواء، وخذ الجرعة في وقتها، وحاول أن تطبق الممارسات السلوكية المطلوبة، وعليك بالدعاء والثقة في الله أولاً، ثم الأخذ بهذه الأسباب، وأسأل الله لك العافية والشفاء، وجزاك الله خيراً على تواصلك مع الشبكة الإسلامية.
وبالله التوفيق.


مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً