الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

توتر مصحوب برعشة وعرق شديد وصعوبة في الكلام

السؤال

أعاني من توتر ورعشة، وعرق شديد، وصعوبة في الكلام في الأماكن العامة، وعدم تركيز والتفكير مع الناس الغرباء، وهذا يعكّر عليّ صفوة حياتي، كنت طالباً من قبل وأوقفت الدراسة بسبب ما أعانيه، فلا أستطيع الجلوس في كرسي في صف يعجّ بالطلاب أكثر من خمس دقائق، وهذه الحالة معي في السنوات الأخيرة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد الجبرتي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد:

أؤكد لك أن حالتك هي حالة بسيطة جدّاً، وهي نوع من القلق النفسي الذي يحمل صفات القلق الظرفي، أي الذي يحدث لك في بعض المواقف الاجتماعية، ويعرف عن القلق النفسي أنه يتسم بوجود أعراض جسدية منها الرعشة والعرق والتلعثم في الكلام، وقد يشتكي البعض – كما تفضلت – بعدم التركيز، وهنالك الجوانب النفسية وهي التوتر والشعور بالضيقة وعدم الارتياح، وعدم القدرة على الجلوس في مكان واحد لفترة طويلة.

القلق النفسي أحد الطاقات المهمة جدّاً للإنسان من أجل أن ينجح في حياته ومن أجل أن يُنجز، ولكن حين يزداد يؤدي حقيقة إلى الكثير من السلبيات في حياة الناس، وهذا من الواضح أنه قد حدث لك.

فأرجو أن تطمئن أن الحالة ما هي إلا نوع من القلق النفسي، والقلق النفسي كثيراً لا تعرف أسبابه، ولكن بعض الناس بطبيعتهم لديهم الاستعداد لحدوث هذا القلق، والبعض قد تكون له بعض التجارب السالبة في الطفولة، فقد يكون تعرض لمواقف فيها نوع من الخوف والرهبة، وهذه أصبحت مخزونة في عقله الباطني وبدأت تظهر بعد أن أصبح الإنسان أكثر وعياً.

وهنالك نظريات أيضاً تتحدث أنه توجد متغيرات كيميائية وبيولوجية في أماكن معينة بالمخ وهذه تؤدي إلى ظهور القلق النفسي وبقية الأمراض النفسية المشابهة كالوساوس القهرية وكذلك المخاوف الاجتماعية.

يبقى بعد ذلك العلاج، والعلاج أولاً أن تتفهم طبيعة الحالة كما شرحتها لك.

ثانياً: عليك أن تعبر عما بذاتك، فأرجو ألا تكتم، وأرجو أن تكون طلقاً، وأن تعبر عن كل ما يجيش بخاطرك، خاصة الأشياء التي لا ترضيك، فلا تترك احتقانات في نفسك، فالتفريغ النفسي يعتبر أحد وسائل العلاج المهمة.

ثالثاً: أرجو أن تحقر فكرة القلق، فقل لنفسك: (لماذا أقلق ولماذا أتوتر، فأنا -الحمد لله - بخير، وأنا في بداية الشباب، وأنا لدي الكثير الذي أستطيع أن أنجزه، فلماذا لا أوجه هذه الطاقات من أجل المذاكرة ومن أجل القراءة ومن أجل ممارسة الرياضة والتواصل مع الآخرين) – وهكذا – هذا التفكير الإيجابي يعتبر ضرورياً جدّاً.

رابعاً: هنالك تمارين تعرف بتمارين الاسترخاء، وهي ذات فائدة عظيمة جدّاً لك - إن شاء الله تعالى – فتوجد كتيبات وأشرطة فيديو وأشرطة ليزرية توضح كيفية القيام بهذه التمارين، كما أنك إذا اتصلت بأحد الأخصائيين النفسيين سوف يقوم بإرشادك وتدريبك على هذه التمارين، وإذا لم يكن ذلك كله ممكناً فسوف أوضح لك طريقة الاسترخاء بصورة مختصرة:

فعليك أن تستلقي في مكان هادئ في الغرفة مثلاً، ويكون لك زمن لا يقل عن عشرين دقيقة سوف تخصصه لهذا التمرين، ولابد أن تتأمل في شيء طيب وفي شيء سعيد حدث لك في حياتك، وعليك بعد ذلك أن تغمض عينيك قليلاً وأن تفتح فمك قليلاً، وضع يديك على صدرك أو بجانبيك، وقم بأخذ نفس عميق وبطيء، واملأ صدرك بالهواء، ثم بعد ذلك أمسك الهواء قليلاً في صدرك، ثم أخرج الهواء عن طريق الفم بنفس القوة والبطء، وكرر هذا التمرين خمس مرات متوالية بمعدل مرتين في اليوم.

وهنالك تمارين أخرى تعرف بتمارين (استرخاء العضلات) وهي في أبسطها: تأمل في مجموعة العضلات التي توجد في الصدر والبطن والرجلين والساقين، ثم بعد ذلك قم بشد عضلات القدمين على سبيل المثال، وبعد ذلك أطلق هذه العضلات واجعلها تسترخي، وكرر هذا مع عضلات الساقين والحوض والبطن والصدر والظهر والرقبة.

هذه أيضاً تمارين جيدة ومفيدة جدّاً، وكما ذكرت لك ممارسة الرياضة تعتبر أمراً هاماً وضرورياً.

خامساً: عليك ألا تتجنب المواقف الاجتماعية، وقل لنفسك: (لا شيء يدعوني أن أخاف مطلقاً، فأنا مثل الآخرين، أو ربما أكون أفضل منهم في أشياء)، وانظر إلى الناس عند التحدث معهم في وجوههم، وتعلم القدرة على التحاور مع الآخرين، وهذا يتأتى بأن ترفع من مقدراتك المعرفية وأن تزيد من ثقافتك ومعرفتك، فهذا - إن شاء الله تعالى – يجعلك محبوباً بين أقرانك وتحس حقيقة بسهولة في التخاطب مع الآخرين.

سادساً: العلاج الدوائي، والحمد لله توجد أدوية الآن تساعد بصورة جيدة وممتازة جدّاً في علاج مثل حالتك، والدواء الذي سوف أصفه لك يعرف تجارياً باسم (فافرين Faverin) ويسمى علمياً باسم (فلوفكسمين Fluvoxamine)، فأرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة خمسين مليجراما ليلاً بعد الأكل لمدة شهر، ثم بعد ذلك ارفع الجرعة إلى مائة مليجرام ليلاً لمدة ستة أشهر، ثم خفض الجرعة إلى خمسين مليجراما ليلاً لمدة ستة أشهر أخرى، ثم توقف عن تناوله.

هذا الدواء من الأدوية الجيدة والسليمة وهو العلاج الرئيسي لهذه الحالة، ويمكنك أيضاً أن تتناول عقارا آخر معه، وهذا يعتبر عقارا بسيطاً ولكنه مدعم ويساعد في فعالية الفافرين، ويعرف أنه مضاد للقلق، هذا الدواء يعرف تجارياً باسم (فلوناكسول Flunaxol) ويعرف علمياً باسم (فلوبنتكسول Flupenthixol)، أرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة نصف مليجرام (حبة واحدة) يومياً في الصباح لمدة أربعة أشهر، ثم تتوقف عن تناوله.

إذن: هذه هي الوصفة العلاجية الدوائية، وقد قمتُ بسرد الإرشاد المطلوب في حالتك، فأرجو أن تكون حريصاً على تطبيق الإرشادات وتناول الدواء بالصورة التي وصفتها، وإن شاء الله تعالى سوف تجد نفسك في أحسن صحة نفسية، وأن هذا القلق والتوتر قد زال تماماً.

وحول العلاج السلوكي للرهاب يمكنك الاستفادة من هذه الاستشارات: ( 259576 - 261344 - 263699 - 264538 ).

أسأل الله لك الشفاء والعافية، والتوفيق والسداد، وجزاك الله خيراً وبارك الله فيك.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • العراق صفاء

    اناء نفس الحالة عندي

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً