الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

رهاب اجتماعي واضطرابات شخصية وهوس أدت إلى انعدام الثقة بالنفس

السؤال

السلام عليكم.
بدأت معاناتي مع الرهاب الاجتماعي منذ خمس سنوات، وصار ينتابني قلق ووساوس قهرية أثناء تواجدي مع الناس، ثم جاءتني نوبة هوس بعد ثلاث سنوات، وقد تناولت (22) حبة من دواء (لسترال) فدخلت المستشفى، وبعد أسبوعين أفقت من الهوس فذهبت إلى طبيب وأخبرني بأن لدي اضطرابا في الشخصية، ووصف لي (ابليفاي) و(سيركويل)، ولكني توقفت عن تناولهما بعد أسبوعين.

علماً بأني لا أحب الاجتماعات بسبب الأفكار التي تأتيني أثناء تواجدي مع الناس، وأفهم كل شيء بمزاجي ولا أستطيع أن أقتنع بأي شيء يقال لي، رغم أني كنت طبيعياً، وأهلي يريدون أن أذهب للمدرسة ولا أستطيع، يريدونني أن أشتغل ولا أستطيع بسبب التفكير الخاطئ، أود أن أسرد بعض الأدوية التي استخدمتها.

أولاً: للاكتئاب والرهاب الاجتماعي (فيفارين اوروريكس رسبردال نصف حب 1مج بعدين ايفكسر بعدين لوسترال وفلونكسول) تحسنت قليلاً .

ثانياً: بعدها أتتني نوبة مانيا أو هوس وصرف لي ديباكين مع أنه لم تأتني إلا مرة من سنتين، بعدها شخصني الدكتور وقال: عندك اضطراب في الشخصية، أنا محتار ماذا آخذ من علاج وماذا أترك؟

أريد منكم حلاً! أريد أن أدرس، أريد وظيفة لكن ما أستطيع الذهاب! الحمد لله أبي وأمي حيان هم الذين يصرفون علي إذا ماتوا من يصرف علي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن نوبة الهوس التي انتابتك حقيقة هي العلة النفسية الرئيسية، أما بقية ما عانيت منه من قلق وتوتر ورهاب ووساوس في رأيي هي أعراض ثانوية، وهذه الأعراض الثانوية بالطبع يتولد عنها نوع من عسر المزاج وعدم الشعور بالارتياح وربما الكآبة.

حقيقة الأمر الذي أود أن أنبهك له هو: لا تزرع في نفسك وفي ذاتك هذه الكلمة (لا أستطيع)، فالإنسان إذا أراد أن يعمل شيئاً يجب أن يلتزم بعمله، ولا أحد سوف يقوم ويؤدي لك الأشياء التي تود القيام بها، فلا تقل لا أستطيع، فأنت تستطيع ولك القوة ولك القوة الجسدية ولك الإرادة، قال تعالى: (( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ))[البقرة:286]، وقال تعالى: (( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ))[التغابن:16]؛ ولكن الطاقات النفسية السلبية التي فرضتها على نفسك هي التي جعلتك تقول: (لا أستطيع) وهكذا.

إذن عليك بتغيير المفاهيم، وعليك بوضع برامج يومية يجب أن تلزم نفسك بتطبيقها، وهذا هو الحل الأساسي، فالإنسان إذا تكاسل وإذا حاول أن يجد المبررات السلبية قطعاً لن يقوم بأي شيء وسوف يفقد كل مهاراته الاجتماعية وسوف يجد نفسه حقيقة أنه قد رُفض وقد لُفظ وأنه لا وجود له في المجتمع، فيجب أن ترفع من همتك، ويجب أن تنتبه لنفسك، ويجب أن تسخر إرادتك، ويجب أن تدرس ويجب أن تعمل ويجب أن تعيش مثل حياة الشباب المتطلع التواق إلى المستقبل.

ونحن حقيقة كأمة إسلامية لابد أن يأخذ شبابنا القيادة والريادة، وأن يكون لهم الإرادة القوية في خدمة أنفسهم وأسرهم ومجتمعاتهم وأوطانهم، فأنت تستطيع ويجب أن تبدأ ويجب أن تقوم بواجباتك كاملة.

يأتي بعد ذلك العلاج الدوائي، وهذه الأدوية التي ذكرتها أدوية كلها متشابهة، وكلها أدوية جيدة لعلاج الهوس ولعلاج المانيا ولعلاج الاضطرابات الشخصية ولعلاج الوساوس والخوف، ولكن تأتي القضية الأساسية هي ربما عدم التزامك بتناول الدواء في وقته الصحيح وبجرعته الصحيحة هو الذي حرمك من التحسن، فأرجو مخلصاً أن تلتزم التزاماً قاطعاً بتناول الأدوية، وأنا أرى أن الـ (سوركويل Seroquel) هو أفضل دواء في حالتك في هذه المرحلة؛ لأنه يمنع نوبات الهوس ويمنع أيضاً نوبات الاكتئاب، ووجد أنه يحسن المزاج، وفي نفس الوقت يحسن الدافعية للإنسان.

تناول هذا الدواء بجرعة مائة مليجرام ليلاً لمدة أسبوعين، ثم ارفع الجرعة إلى مائتين مليجرام ليلاً، وهذا هو الذي تحتاجه كله، واستمر على هذه الجرعة لمدة عام ثم تواصل معنا حتى نقوم بإرشادك للخطوات التالية.

ونصيحتي لك هي أن تكون فعّالاً وأن تعمل وأن ترفع من همتك كما ذكرت لك، وتذكر أنه لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، فأرجو أن تغير نفسك ولا تقل: (أنا لا أستطيع)، فأنت تستطيع وكل منا يستطيع، و(المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز).

العلاج السلوكي للرهاب: ( 259576 - 261344 - 263699 - 264538 ).

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً