الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما رأيكم بالزواج بفتاة تفوقه في المستوى الدراسي؟

السؤال

السلام عليكم

أنا شاب أحمل شهادة تعليم متوسط بسبب ظروف مررت بها، ولكن الله أنعم علي بعقل يفوق كثيراً من الشباب أصحاب المؤهلات، وأبي وأمي يعملون في مجال التدريس، وإخواني كلهم يحملون شهادات عليا، وقد أحببت فتاة صاحبة دين وأخلاق، وهي خريجة من كلية الهندسة، ووالدها يريدها أن تعمل معيدة في الكلية، وهي ترفض ذلك من أجل الاختلاط، لكن والدها مصرٌّ على عملها، وإصراره يجعلني أفهم أنه يريد منها أن تعمل لكي تؤمن مستقبلها ويأتيها إنسان يناسبها، وهي تريدني ولكنها تخاف من أن تفاتح والدها في ذلك، وأريد أن أتقدم لها لكني خائف من أن يرفضني والدها بسبب تعليمي.

ومن المفترض أن يتمنى والدها لها إنساناً ملتزما ومحترما بغض النظر عن مستوى تعليمه، ورغم ذلك فقد أخبرتها أني على استعداد لدخول الجامعة المفتوحة إذا تم رفضي من أجل الشهادة، لكني إذا فعلت ذلك سأشعر أني قليل في نظر نفسي وأن قيمتي في مؤهلي وليس في شخصيتي، وأنا شاب أحب الحفاظ على كرامتي ورجولتي، فهل من حل؟ وهل أستخير الله ثم أذهب أم أصرف النظر عن ذلك؟!

وشكراً لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن يفرج كربتك وأن يقضي حاجتك وأن يوفقك إلى كل خير، وأن يمنَّ عليك بزوجة صالحة طيبة مباركة تكون عوناً لك على طاعة الله ورضاه، وترزق منها بذرية صالحة طيبة.

وبخصوص ما ورد برسالتك، فإن الواقع الذي نحياه يختلف كثيراً عمَّا تتحدث عنه، حيث أصبح الناس ينظرون إلى المؤهلات على أنها طوق نجاة في هذه الحياة، فالحرفة والمهنة والمؤهل والوظيفة والحسب والنسب والمال أصبحت عملات رائجة؛ وهذا ناتج عن ضعف الإيمان.

وأما ما تتحدث عنه فهذا كان قديماً، حيث كان الناس يسألون عن الدين، ويسألون عن الخلق، ويسألون عن مقدار حفظ العبد للقرآن، ويسألون عن محافظته على صلاة الجماعة، ويسألون عن مقدار العلم الذي تعلمه، ويسألون المشايخ الذين تربى على أيديهم، وقد أصبحت هذه المسائل غير معمول بها.

وفي الواقع فإننا لا نحبذ أن يكون هناك فارقا في مستوى التعليم المرأة والرجل، حتى لا تقول المرأة كلمة تزعج بها زوجها في يوم من الأيام، كأن تقول: لا تنس بأنك صاحب مؤهل متوسط وأنا جامعية، وهذا سيؤلمك شخصياً.

ولذلك فإن موقف والدها طبيعي، فالرجل لم يرفضك لدينك لأنه لا يعلم عنك شيئاً، وإنما يتكلم عن الكفاءة، وقد نص كثير من العلماء على ضرورة وجود الكفاءة العلمية أيضاً.

وأما دخولك الجامعة من أجلها فلا بأس في ذلك إذا كان بمقدورها أن تصبر حتى تنتهي، فإذا وعدتك بذلك فابدأ من اليوم، حتى تُثبت بأنك لست أقل من غيرك، وأن عقلك يفوق الكثير من الشباب أصحاب المؤهلات العالية - كما ذكرت -.

وما دمت تحبها وترى أنها صالحة لك لأنها ملتزمة وصاحبة أخلاق عالية فضحي من أجلها، وفي هذه الحالة ستشعر بقيمتها عندك، وتشعر بأنك بعت الراحة من أجلها، واجتهد في تحصيل هذه العلوم، حتى إذا ما تقدمت لأبيها تقل له أنك خريج كلية الهندسة أيضاً أو غيرها، فيكون هناك قنوات للتواصل، وهذا لا يتعارض مع الشرع أو القيم، ولا يتعارض مع الأخلاق أبداً.

وأنصحك أن لا تتقدم لوالدها لأنه قد يرفضك لتعارض مع تقوله مع الواقع، وأما قولك
بأنك لا تقبل بأن يقال عنك بأنك صاحب مؤهل متوسط وامرأتك أستاذة في الجامعة أو تحمل مؤهلا عاليا فهذا لا يقبله معظم الشباب، وإذا كنت جاداً وترى أنها تناسبك فضحِ من أجلها.

وأعرف رجلاً من كبار علماء مصر كان فلاحاً ولم يكن يحمل مؤهلاً، ولكنه كان مكلفا بنقل أبناء العمدة من البيت إلى المدرسة، وكان يستمع إلى كلامهم فبدأ يحب الدراسة، ودخل مع الأولاد دون أن يعلم أبوه ودون أن يعلم العمدة نفسه، وبدأ يلتزم بذلك حيث كان يجلس بجوار الصف والمدرسون يشرحون، فأجلسوه معهم وتطوع المدرسون فقدموا له أوراقا، وأخذ الابتدائية في عام واحد، ثم بعد ذلك أخذ الإعدادية في عام واحد، واستطاع أن يتقدم على أبناء العمدة وهو لا يدري، وبعد ذلك دخل الجامعة ليصبح في الجامعة من أوائل الطلبة، وهو الآن من كبار علماء مصر وأساتذتها.

فاعتبر محبتك لهذه الأخت محفزا وادخل الجامعة وتفوق فيها، واهتم واجتهد واجعله تحدياً تنتصر فيه، ويجب خلال هذه الفترة أن تقطع علاقتك معها ولا تتكلم معها حتى لا تقعا فيما يغضب الله تعالى فتُحرم منها بسبب معصيتك لله عز وجل، نسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرزقك الرضا به.

والله ولي التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً