الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أريد إيقاف الإنجاب بسبب الخلافات بين الزوجين.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بارك الله فيكم على هذه المجهودات.

أنا متزوجة -والحمد لله- رزقت بطفلين، وأتمنى أن يكرمني الله بمولود ثالث، فأنا عندي رغبة في الإنجاب، ولكن المشكلة هي أنني على خلاف دائم مع زوجي، وفي كل مرة في خلافاتنا أتمنى الانفصال، فأنا أتوقع دائماً أن حياتنا الزوجية على كف عفريت، ومهددة بعدم الاستمرار والاستقرار، ولكن بالرغم من ذلك فأنا أتمنى أن أنجب طفلاً ثالثاً ولكنني خائفة!

كما أنني أشعر أن زوجي ليست عنده الرغبة في الإنجاب! وهذا كله يشعرني بالحيرة والقلق فماذا أفعل؟
خاصة وأن رغبة الإنجاب عندي قوية جداً، منتظرة ردكم وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Hana حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يصلح ما بينك وبين زوجك، وأن يذهب عنكم هذه الخلافات، وأن يبدلها سعادة وأمناً وأماناً ومحبة واستقراراً، وأن يمنَّ عليك بطفل ثالث ورابع وخامس حتى يكونون جنوداً لهذا الدين العظيم يرفعون راية الإسلام ويكونون حجاباً لك ولزوجك من النار.

وبخصوص ما ورد برسالتك من أنك متزوجة ورزقك الله عز وجل بطفلين وتتمنين طفلاً ثالثاً، وأن عندك رغبة شديدة وقوية في الإنجاب، ولكن الذي يعكر هذه الرغبة إنما هو الخلاف الدائم مع زوجك، حيث إنكم في كل مرة يحدث بينكما خلاف وأنت شخصياً تتمنين الانفصال عنه.

أقول لك - بارك الله فيك – استعيني بالله تعالى وتوكلي على الله؛ لأن الحياة على ما هي عليه الآن لم تتغير، خلافات وصلح، وصلح وخلافات، ولكن من أدراك لعل هذا المولود الثالث عندما يأتي يأتي الله معه بالرحمة والبركة والسكينة والأمن والأمان؛ لأن التغيير عادة ما يعقبه تغير في الواقع، فإذا ما جاء هذا المولود لعل الله أن يجمع قلبك مع قلب زوجك بوجوده، ولعله أن يكون فاتحاً لحسن علاقة بينك وبين زوجك، حيث إنه سيأتي برزقه؛ لأن الله تبارك وتعالى كما أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله قدر المقادير قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة)، ومن هذه المقادير الأرزاق، فالأولاد رزق من الله تعالى، والذكورة والأنوثة أيضاً رزق من الله تعالى، والأزواج والزوجات رزق من الله تعالى، والسعادة أيضاً رزق من الله تعالى، والغنى والصحة، كل هذه أرزاق قدرها الله قبل خلق السموات والأرض.

فأنا أقول: استعيني بالله وتوكلي على الله، ولعل هذا الجنين المنتظر أو هذا الطفل الذي ترغبين في إنجابه يكون هو السبب في حل هذه المشكلات، حيث إن الله تبارك وتعالى قد يكسوه محبة ومهابة وجلالاً فيؤدي ذلك إلى استقرار أسرتكم بفضل الله ورحمته، والله تبارك وتعالى امتنَّ على موسى -عليه السلام- وقال له: (( وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي ))[طه:39] رغم أن موسى – عليه السلام – كان أسمر البشرة إلا أنه ما رآه أحد إلا وأحبه.

أيضاً لعل الله أن يمنَّ عليك بهذا المولود الثالث ويلقي الله تعالى عليه محبة منه فتنشأ محبة في قلب أبيه أكثر من غيره فتكون هذه المحبة سبب في توطيد العلاقة بك وبأولادك ببركة هذا المولود الثالث.

في جميع الأحوال أنه خير؛ لأنه رزق سيسوقه الله إليكم.

ثانياً: نحن لا ندري فقد تفكرين في الحمل ولكن يشاء الله تعالى ألا يحدث ذلك لحكمة يعلمها الله تعالى، ولكن أقول: توكلي على الله ما دام عندك رغبة قوية وشديدة في الإنجاب، فاستعيني بالله تعالى، واتركي الأمور لله تبارك وتعالى وحده، ولكن الذي عليك الآن إنما هو الدعاء، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا بقوله: (لا يرد القضاء إلا الدعاء)، وقال أيضاً: (إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل فعليكم عباد الله بالدعاء)، ومولاك الجليل – جل جلاله – وعدك وعداً لا يتخلف، حيث قال سبحانه: ((أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ))[البقرة:186]، فعليك بالدعاء أن يصلح الله ما بينك وبين زوجك.

وأنا واثق أنه بإخلاصك في دعائك وحسن المعاملة والصبر على الأذى سوف تتحسن هذه العلاقة تحسناً كاملاً، وتكون من أفضل ما يمكن -بإذن الله تعالى-.

الله تبارك وتعالى يقول عن زكريا -عليه السلام-: ((وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ))[الأنبياء:90] ببركة دعاء زكريا عليه السلام أصلح الله له زوجه – أي زوجته – وأنت أيضاً ببركة الدعاء أيضاً يصلح الله لك زوجك، ويُذهب هذه الخلافات الموجودة بينكما وتكون كأن لم تكن، ولا تقعون بعد ذلك في أي خلاف -بإذن الله تعالى-.

فأنا أوصيك أولاً وثانياً وعاشراً بالدعاء الدعاء الدعاء، فاجتهدي في الدعاء - بارك الله فيك – وحاولي أن تحسني معاملة زوجك، وأن تتزيني وتتجملي له، وأن تجعلي بيتك كما لو كان روضة من رياض الجنة، وألا تجعلي هذه المشاكل تلقي بظلالها على علاقتك الشخصية أو الخاصة به، وكوني أمامه كالوردة التي هي حسنة المنظر وطيبة الريح، واجتهدي في الدعاء مرة أخرى – كما ذكرت – أن يصلح الله ما بينك وبين زوجك، وأن يعينكما على التفاهم والتحاور والحوار والمشورة حول كل أمر صغير أو كبير.

أسأل الله تعالى أن يصلح ذات بينكم وأن ينزل بركاته ورحماته عليكم، وأن يمنَّ عليك بمولود ثالث ورابع وخامس يكونون عوناً لك ولأبيهم على طاعة الله تعالى، ويرفع الله بهم رايته في مشارق الأرض ومغاربها.

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً