الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

سخونة مع احمرار في الوجه عند أي موقف أو مقابلة

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المشكلة التي أعاني منها هي أنني أشعر بنفسي قوياً وجريئاً ولكن أي موقف أو مقابلة مع إخوتي أو العائلة والأصدقاء أو الجنس الآخر أشعر بسخونة في الوجه يتبعه احمرار بعد ذلك.

أتمنى أن أكون في عالم آخر، أرجوكم تشخيص الحالة والعلاج المناسب.

وقد استخدمت دواء سبراليكس دون وصفة طبيب، فما الجرعات التي يجب أن أتناولها؟ علماً بأني استعملته منذ أسبوع فقط، فمشكلتي هي الرهاب والخوف الاجتماعي، وقد حاولت أن أواجه مشكلتي فلم أستطع، وظلت سخونة واحمرار الوجه يفضحانني.
وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ داود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن السبرالكس Cipralex من الأدوية الفعالة والأدوية الممتازة التي تستعمل لعلاج الاكتئاب النفسي والوساوس القهرية، وأنواع القلق الأخرى خاصة نوبات الهرع أو نوبات الهلع، وأخيراً اتضح أيضاً وبعد دراسات متأنية أن السبرالكس دواء جيد لعلاج الخوف الاجتماعي أو ما نسميه بالرهاب الاجتماعي.

أود أن أوضح لك بعض الأمور البسيطة حول القلق الاجتماعي، القلق الاجتماعي هو حقيقة علة نفسية تتفاوت في حدتها وشدتها من شخص إلى آخر، وهو نوع من القلق النفسي وليس أكثر من ذلك، وهو علة مكتسبة، وما دامت هي علة مكتسبة فيمكن أن تُفقد؛ لأن الشيء المتعلم يمكن ألا يُتعلم، بمعنى أن الإنسان إذا قام بتعديل في سلوكه يستطيع أن يغير ما تعلمه سابقاً أو ما اكتسبه سابقاً من مسلك يمثل حالة مرضية أو حالة غير طبيعية.

إذن من الضروري جدّاً أن تتفهم أن هذه الحالة هي نوع من القلق النفسي المكتسب، هذا نسميه بالاستبصار، والاستبصار يقود الإنسان إلى أن يغير مفاهيمه ويبني مفاهيم جديدة تساعده على ما نسميه بالتغيير المعرفي، وأنت ذكرت أنك تحس بأنك قوي وجريء في بعض المواقف، ولكن في بعض المقابلات أو حين تقابل الأصدقاء أو إناثاً – أو هكذَا – تحس بسخونة واحمرار في وجهك.

هذا يدل أن الرهاب الاجتماعي ليس نوعاً من الجبن وليس ضعفاً في الشخصية، وإن شاء الله ليس قلة في الإيمان أيضاً، وإنما هو حالة خاصة نفسية مكتسبة، وقد قال أحد العلماء: إن الإنسان يمكن أن يكون مروضاً للأسود ولكنه يخاف من القطط.

فهي حالة خاصة جدّاً ويجب أن تفهم أنك لست بضعيف، وهذا - إن شاء الله تعالى – أيضاً نوع من تصحيح المفاهيم، فالإنسان حين يصحح مفاهيمه حول علته هذا يساعده كثيراً في العلاج.

نذكر لك تشخيص حالتك مرة أخرى، هو قلق اجتماعي أو رهاب اجتماعي، وأعتقد أنه من درجة بسيطة، وهذا الاحمرار الذي يظهر لك في الوجه هو من تدفق الدم بكميات أكبر في بعض المناطق ومنها الوجه، وهذا التدفق ينتج من بعض الإفرازات الفسيولوجية الطبيعية جدّاً.

هنالك أيضاً مشكلة دائماً يتصورها الإخوة الذين يعانون من الرهاب الاجتماعي وهو اعتقادهم أنهم تحت رصد أو مراقبة الآخرين، هذا ليس صحيحاً أبداً، وقد أثبتت التجارب ذلك أن الإنسان يحس بأعراضه بصورة مجسمة ومضخمة ومبالغ فيها، ويعتقد أنه مرصود أو مراقب من جانب الآخرين، وهذا ليس صحيحاً أبداً.

الأعراض الأخرى من السخونة التي تحس بها ما هي إلا جزئية فسيولوجية جسدية تابعة للقلق وليس أكثر من ذلك، هنالك من يحس بالسخونة وهنالك من يحس أيضاً بالبرودة في بعض الأحيان، فأرجو أن تتفهم ذلك.

يأتي بعد ذلك المبدأ العلاجي الأساسي وهو التعريض مع منع الاستجابة، أي من المفترض دائماً تعرض نفسك للمواقف الاجتماعية التي تحس فيها بالرهبة، وتمنع استجابة التجنب أو استجابة الهروب من الموقف، وهذا التعريض أو التعرض يمكن أن يكون بصورة متدرجة، بمعنى أن تبدأ بالأقل ثم تنتقل إلى الأوضاع الأكثر تعقيداً والتي تحس فيها بالرهبة.

سيكون من المفيد لك أيضاً أن تعيش نوعاً من الخيال العلاجي، هذا نسميه التعرض في الخيال، تتصور نفسك بصورة جادة أنك في مواجهة مجموعة كبيرة من الناس، أو أنك تقوم بالصلاة بالناس في المسجد مثلاً، أو تقوم بتقديم عرض أو محاضرة أو تشارك في ندوة أمام جمع كبير من الناس.. عش هذه الخيالات بكل جدية، ويجب أن تستغرق مدة هذا التأمل في الخيال عشرة إلى خمسة عشرة دقيقة على الأقل وتكرره يومياً.

بالنسبة للعلاج الدوائي وسؤالك حول السبرالكس؛ فكما ذكرت لك هو دواء فعّال، وكان يعتقد أنه فعال في الخوف الاجتماعي، ولكن الأبحاث الحديثة أثبتت أنه جيد وممتاز جدّاً.

أنت لم توضح الجرعة التي بدأت بها العلاج الدوائي، حيث أنه توجد حبة بجرعة عشرة مليجرامات وحبة بجرعة عشرين مليجراماً، معظم الناس يبدءون بجرعة عشرة مليجرامات، فأنت إذا بدأت بهذه الجرعة استمر عليها لمدة شهر، وإذا بدأت بخمسة مليجرامات ارفع الجرعة إلى عشرة مليجرامات واستمر عليها لمدة شهر، ثم ارفع الجرعة إلى عشرين مليجراماً، وهذه هي الجرعة العلاجية، وهذا أمر هام وضروري جدّاً، أي الالتزام بهذه الجرعة العلاجية، ويجب أن تستمر على هذه الجرعة يومياً لمدة أربعة أشهر، ثم بعد ذلك خفض الجرعة إلى عشرة مليجرامات يومياً لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك خمسة مليجرامات يومياً لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.

إذن هذه الطريقة لتناول هذا الدواء والجرعة الفاعلة، وقد أوضحناها لك، وأرجو أن تدعم العلاج الدوائي بالإرشاد السلوكي؛ لأن الإرشادات السلوكية يؤدي إلى تعديل السلوك، ويعرف أن التطبيق السلوكي يمنع الانتكاسات المرضية أكثر مما يمنعها الدواء لوحده.

بالنسبة للجنس الآخر، أي الإناث، فإن تجنب النظر إلى المرأة الأجنبية عنك هو أمر مفروض من السماء، فلا داعي لتحديق النظر من أجل التغلب على الرهاب هنا!

جزاك الله خيراً وبارك الله فيك، ونشكرك كثيراً على تواصلك مع موقعك إسلام ويب.

وللاستزادة أكثر عن العلاج السلوكي يمكنك مراجعة هذه الاستشارات:
(259576 - 261344 - 263699 - 264538 - 261371 - 263666 - 264992 - 265121).

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً