الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ضيق وخوف شديد ودوار ودوخة

السؤال

حضرة الدكتور محمد عبد العليم المحترم حفظكم الله! أشكو منذ سنة ونصف من خوف شديد ووجع في الرأس خاصة مؤخرة الرأس، وضيق خاصة في المنطقة العلوية من يمين البطن، ويتحول مرات إلى منطقة المعدة، والمنطقة العلوية من يسار البطن، وقد أجريت جميع الفحوصات للمعدة والمرارة والإثني عشري ولم يطلع شيء في الفحوصات!

قد راجعت طبيباً نفسياً فوصف لي البروزاك 20 ملغ يومياً وأنا أتناوله منذ سنة ونصف لحد الآن، ولم أشعر بتحسن إلى مرات قليلة جداً. سؤالي: ما هي حالتي؟ هل هي قلق أم اكتئاب أو غير ذلك؟ وهل هناك علاج فعال لحالتي أقوى من البروزاك وأسرع مفعولاً؟ وإذا هناك علاج فكيف أترك البروزاك وجزاكم الله خيراً؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أمجد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
فجزاك الله خيراً وبارك الله فيك.

إن أعراض الخوف الشديد التي يصحبها الدوخة والدور، وكذلك ألم الرأس هي من أمراض القلق، أو تشير إلى وجود درجة عالية من القلق.

الخوف يكون هو الجزئية النفسية وبقية الأعراض هي الجزئيات العضوية، ولديك بالطبع علة اضطرابات الجهاز الهضمي. فأنت تتحدث عن الألم في المنطقة العلوية من البطن، هذا يعني القولون الكبير، حيث إن القولون يعرف عنه أنه في شكل مربع في الجهة العليا من البطن من الناحية اليسرى واليمنى ثم ينزل إلى النواحي السفلى. فهذه من صميم آلام القولون العصبي.

حين نقول القولون العصبي (أو العصابي) – قد تكون هي الكلمة الأكثر دقة – نعني أن منشأه منشئاً عصابياً أو نفسياً، فالحالة كلها مرتبطة مع بعضها البعض، فهي قلق، والقلق أتاك في شكل آلام في الرأس وكذلك آلام في الجهاز الهضمي.

العلاج الحمد لله موجود وقبل أن نتحدث عن العلاج الدوائي، سوف أعطيك بعض الإرشادات البسيطة التي أسأل الله تعالى أن تكون مفيدة لك، وأهم هذه الإرشادات هو أن تمارس الرياضة – أي نوع ممكن من الرياضة – ورياضة المشي أو الجري تعتبر من أفضل أنواع الرياضات التي تمتص مثل هذه الطاقات النفسية السالبة وتحولها - إن شاء الله تعالى – إلى طاقات إيجابية.
بجانب الرياضة هنالك تمارين تعرف بتمارين الاسترخاء، تحدثنا عنها كثيراً قبل ذلك في استشارات أخرى، هذه التمارين أيضاً مفيدة وجيدة جدّاً ويمكنك أن تتحصل على كتيب أو شريط من أحد المكتبات يوضح كيفية القيام بهذه التمارين، وبتطبيقها بالتزام وبالصفة المتصلة سوف تجني ثمارها - إن شاء الله تعالى – وتحس بأنك أفضل بكثير من ذي قبل.

بالنسبة للنظام الغذائي فيما يخص القولون العصبي، فهنالك بعض التعليمات والتوجيهات التي تعطى للناس، ولكني أنا أؤمن بأن تأكل الطعام الذي تحس أنه لا يسبب لك عسراً في الهضم أو انتفاخاً أو ما شابه ذلك، وهذا يتأتى بالتجربة، فكل إنسان يعرف الطعام الذي لا يوافقه والطعام الذي يوافقه، فقط أنصحك بتناول البقدونس يفيد كثيراً، وكذلك شراب النعناع المركز، فقد وجد أنها مفيدة جدّاً في مثل هذه الحالات.

لا بد أيضاً أن تفرغ أي مخزون من الشحنات النفسية السالبة، إذا كنت حساساً ومن النوع الذي يكتم ولا يعبر عن أحاسيسه فحاول أن تتجنب ذلك؛ لأن التوتر النفسي الداخلي يتحول إلى توتر عضلي، والعضلات التي أكثر قابلية للتوتر هي عضلات الرأس وعضلات القولون وعضلات الصدر وعضلات أسفل الظهر، وحتى الشعور بالضيقة كثيراً ما يكون ناتجاً من انقباض هذه العضلات.

بالنسبة للعلاج الدوائي، فإن عقار البروزاك Prozac دواء جيد ولكن من الواضح أنك لم تستفد منه، فلذا أنصح بالتوقف عنه وتتناول عقاراً يعرف تجارياً باسم (زولفت Zoloft) أو (لسترال Lustral) ويسمى علمياً باسم (سيرترالين Sertraline)، وهو عقار جيد لعلاج القلق ولعلاج الاكتئاب، وإن كنت لا أعتقد أن حالتك اكتئابية، أرى أن حالتك هي قلقية في المقام الأول، ولكن يجب أن نعتبر بما قال به أحد علماء النفس أنه لا يوجد قلق بدون اكتئاب، ولا يوجد اكتئاب بدون قلق.

إذن وجود الاكتئاب لا نستطيع أن ننفيه، ولكنه إذا كان موجوداً فهو بدرجة بسيطة جدّاً فالقلق هو الذي يظهر أكثر وضوحاً في حالتك.

يمكنك أن تتوقف عن البروزاك اليوم وتبدأ غداً – دون أي مشكلة – في الزولفت بجرعة خمسين مليجراماً ليلاً لمدة تسعة أشهر، حبة واحدة في نظري سوف تكون كافية لحالتك، بعد ذلك تناول هذه الحبة كل يومين لمدة شهرين، ثم توقف عن تناول الدواء.

يوجد دواء داعم يسمى تجارياً باسم (دوجماتيل Dogmatil) ويعرف علمياً باسم (سلبرايد Sulipride)، فأرجو أن تتناوله بجرعة خمسين مليجراماً صباحاً ومساءً لمدة ثلاثة أشهر، ثم توقف عن تناوله.

هذه الأدوية سليمة وفعالة جدّاً - إن شاء الله تعالى – وسوف تفيدك في أعراضك النفسية وأعراضك الجسدية.

حاول أيضاً أن تفكر إيجابياً، تذكر الأشياء الجميلة والسعيدة في حياتك وحاول أن تعززها، وتقلص وتتناسى السلبيات.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونسأل الله لك الشفاء والعافية.
وبالله التوفيق.


مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً