الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اكتئاب وقلق وخوف اجتماعي أدت إلى ضعف الثقة بالنفس وعدم التركيز

السؤال

السلام عليكم.
أنا مهندس تخرجت من جامعة الخرطوم قبل 8 سنوات، ومنذ أكثر من ثلاث سنوات بدأت أشعر بضعف في التركيز، وقلة ثقة بالنفس، ابتعاد كامل عن الأصدقاء والمجتمع، خوف من الامتحان والفشل، نوبات رعب من المستقبل ونوبات اكتئاب وشك متفرقة.

بدأت بعدها أبحث عن علاج لهذا الأمر وصرت أتناول أدوية (Antidepressent) مثل Cimipam، Xnax، بالرغم من أني كنت أتناول تلك الأدوية بدون وصفة طبية إلا أني كنت حذراً شديداً في عدم التعود عليها.
أكثر ما كنت أتناوله Xnax بمعدل حبة واحدة في اليوم إلى حبة فقط عند اللزوم، لفترة قاربت السنة، والحقيقة أني كنت أشعر بشعور أفضل عند تناول Xnax، وقد توقفت الآن لمدة تزيد عن الثلاثة أشهر، إلا أن الأعراض تهاجمني من مرة إلى أخرى، أضف إلى خوفي من استكمال الماجستير وحضور امتحانات الحصول على شهادات عالمية مهمة جداً تطورني مهنياً لإحساسي الدائم بنسيان كافة المعلومات التي قرأتها.

حاولت الحصول على عنوان وتلفون الدكتور/ محمد عبد العليم لاستشارته مباشرة إذا حضر إلى السودان في أي وقت ولم أوفق.
الرجاء إفادتي، ولكم كل الشكر والتقدير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:

فبارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونشكرك كثيراً على تواصلك مع استشارات إسلام ويب، وأشكرك على ثقتك في شخصي الضعيف.
أنت تحمل رصيدا كبيراً وقويا جدّاً -إن شاء الله تعالى- يساعدك في مسيرتك الحياتية وفي تخلصك من هذه الحالة النفسية. هذا الرصيد هو رصيد العلم الذي تحصلت عليه، فقد تخرجتَ من إحدى كليات القمة من أفضل الجامعات في السودان، ولا شك أن لديك إيجابيات أخرى كثيرة في حياتك، ولاستشعار هذه الإيجابيات أريدك أن تعيد تقييم نفسك مرة أخرى، لا أريدك مطلقاً أن تكبِّل نفسك بقوقعة ما يسمى بعدم الثقة بالنفس، هذا هام وضروري جدّاً لأن يرى الإنسان إيجابياته.

أنا لا أريدك أيضاً أن تحكم على نفسك حكماً سلبياً قاسياً، وهذا وسيلة علاجية ضرورية، ومبادئ علم النفس السلوكي تحتم أن التغيير المعرفي الإيجابي يساعد الإنسان للخروج من نوبات الاكتئاب، أي فكرة سلبية تأتيك أبحث عما يقابلها من أفكار إيجابية، أي كلمة سلبية تجدها قد شغلتك إذا بحثت جيداً سوف تجد أن الكلمة الإيجابية التي تقابلها أقوى منها وأنفع منها، فقط تريد هذه الكلمة أن تُردد من جانبك بقوة وأن تقتنع بها.

الثقة بالنفس هي شعور سلبي نهزمه بأن ننظر في أعمالنا وفي إنجازاتنا، بمعنى أن تفصل ما بين الأفعال وما بين المشاعر، ودائماً اسأل نفسك: (ما الذي يجعلني لا أثق في نفسي؟ يجب أن أثق في نفسي، أنا لست بأسوأ من الآخرين أو أقل منهم، بل أنا أتميز على كثير من الناس في أشياء كثيرة - دون أي تزكية للنفس بالطبع - )، اجر هذا الحوار مع نفسك.

هناك كتاب جيد يسمى (التعامل مع الذات) للدكتور بشير صالح الرشيدي، إذا تحصلت على هذا الكتاب سوف يفيدك كثيراً. وهناك أيضاً كتاب مشهور بعنوان (دع القلق وابدأ الحياة) لكارنيجي، وهو من الكتب المترجمة والمعروفة.

بعد ذلك اعرف أن إدارة الوقت بصورة صحيحة من أكبر مذيبات ومزيلات الاكتئاب، الاكتئاب يتصيد الناس في أوقات فراغهم أو حين لا يستثمرون وقتهم بصورة صحيحة، فاستثمر وقتك بصورة صحيحة، اجعل لنفسك نصيباً من نشاطات يومية مختلفة: العمل، الرياضة، التواصل الاجتماعي، الترويح عن النفس، العبادة، القراءة، أشياء كثيرة يمكن أن يقوم بها الإنسان، فأرجو أن تكون حريصاً على هذا الجانب.

بالنسبة للعلاج الدوائي، فالأدوية مهمة وفعالة وهي بفضل الله تعالى سليمة جدّاً، والدواء الذي أراه يناسبك كثيراً عقار يعرف علمياً باسم (سيرترالين Sertraline)، وهو موجود في السودان وله مسميات تجارية كثيرة منها (زولفت Zoloft) و(لسترال Lustral)، وهنالك منتج من هذا الدواء تحت مسمى تجاري آخر لا أستطيع أن أتذكره الآن، ولكن المهم أن تعطي الصيدلي الاسم العلمي وهو (سيرترالين).

هذا الدواء متميز وهو قريب من السبرام Cipram ولكنه ربما يكون أفضل بالنسبة لك. ابدأ في تناوله بجرعة خمسين مليجراماً ليلاً لمدة شهر، ثم بعد ذلك ارفع الجرعة إلى مائة مليجرام ليلاً لمدة ستة أشهر، ثم خفضها إلى خمسين مليجراماً ليلاً لمدة عام كامل. هذه المدة ليست مدة طويلة، وأنا أؤكد لك تماماً أن هذا الدواء من الأدوية النافعة والجيدة جدّاً وسوف يساعدك كثيراً - بإذن الله تعالى - .

لابد ألا تتناول الزاناكس Xanax، وأنت الحمد لله قد توقفت عنه، ولكن حقيقة بجانب خصائصه الإدمانية لا أعتقد أنه يفيد كثيراً.

أنا أريدك أن تدفع نفسك بصورة إيجابية وأن تسعى لاستكمال الماجستير، وما وصفته بالنسيان وعدم القدرة على التركيز هو ناتج من القلق والاكتئاب، وبجانب التفكير الإيجابي وتنظيم الوقت وممارسة الرياضة وتناول الدواء الذي وصفته لك بجانب ذلك أيضاً أرجو أن تحرص على قراءة القرآن بتمعن وتؤدة والعمل على حفظه فإن ذلك يقوي كثيراً من الذاكرة ويعطيك الطمأنينة والأمان، فحاول أن تجعل لنفسك نصيباً من هذا، وعليك تطبيق هذه الآليات العلاجية التي ذكرتها لك.

وفي نهاية المطاف أنا على ثقة كاملة أنك - إن شاء الله تعالى – سوف تصل إلى صحة نفسية ودافعية عالية تمكنك من إنجاز ما تود إنجازه من طموحات مهنية وغيرها في حياتك.

أما بالنسبة لتواصلك معي فهذا يسعدني، وأنا أحضر للسودان من وقت لآخر، ولا مانع أن تتصل بي حين أكون هنالك، مع العلم أنه ليس لي تليفون ثابت في السودان، ولكن رقمي في الدوحة هو 00974/5800942. يسعدني تواصلك معي متى سهل لك هذا الأمر، وإذا أردت أن تتصل بأحد الإخوة الزملاء الأطباء في السودان فهنالك الدكتور عمر محمد حسين يوجد في مستشفى الرباط، وهو أستاذ في الجامعة بقسم الطب النفسي، وكذلك الأخ الدكتور عبد العزيز أحمد عمر، رئيس قسم الطب النفسي في كلية الطب النفسي بجامعة الخرطوم، وهنالك الأخ مهدي محمد الحسن، أستاذ الطب النفسي بجامعة الزعيم الأزهري. هؤلاء كلهم إخوة وزملاء أفاضل، فيمكنك التواصل معهم وتذكر أنك من قِبلي أو أنا الذي نصحتك بمقابلتهم، وسوف تجد -إن شاء الله تعالى- كل رعاية من جانبهم.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً. ونشكرك على تواصلك مع استشارات إسلام ويب، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.
وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً