الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اكتئاب ما بعد الولادة وأثره على الحمل التالي

السؤال

السلام عليكم.

عانيت من بعد ولادتي الأولى من اكتئاب ما بعد الولادة، واستمر ذلك لمدة ثلاثة أشهر تقريباً ولم أستعمل أي علاج، لكني لا زلت أعاني من اضطراب النوم وأحلام متواصلة، والآن ابني يبلغ من العمر سنة وتسعة أشهر وأريد الحمل، فهل هذا يعيق الحمل؟ وهل أخذي الآن لأي علاج يضر بالحمل؟!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فلا شك أن اكتئاب ما بعد الولادة شائع، وهناك دراسات تشير أن حوالي أربعين بالمائة من النساء ربما يحدث لهنَّ شيء من هذا الاكتئاب بعد الولادة، خاصة في الحمل الأول، والحمد لله الآن من الواضح أن حالتك النفسية مستقرة لدرجة كبيرة، وبقي لديك فقط اضطراب النوم.

بالنسبة لاضطراب النوم فالذي أنصح به هو أن تحسني ما نسميه بالصحة النومية، والصحة النومية يمكن أن تُحسن عن طريق:

(1) يجب أن تتجنبي النوم النهاري.
(2) يجب أن تمارسي أي نوع متيسر من الرياضة.
(3) لا تتناولي المشروبات والأطعمة التي تحتوي على الكافيين؛ لأنه مادة مثيرة وتزيد من معدل اليقظة، وهو بالطبع متوفر في الشاي والقهوة والبيبسي والكولا والشكولاتا، فأرجو تجنب هذه المأكولات والمشروبات بقدر المستطاع.
(4) وينصح أيضاً أن يكون لك وقت ثابت ومعلوم تذهبين فيه إلى النوم ليلاً؛ لأن الإنسان لديه ساعة بيولوجية تعتمد هذه الساعة على مسارات كيميائية معينة، وهي أيضاً مرتبطة بالحالة النفيسة والحالة الوجدانية للإنسان، ووجد أن الإنسان إذا ثبَّت وقت نومه فهذا سوف يساعد هذه الساعة البيولوجية بأن تكون أكثر انتظاماً مما يؤدي إلى تحسن كبير في النوم.

فأرجو أن تنظمي نومك على هذا الأساس، وأنا أعرف أن لديك طفلاً صغيرا، ولكن بقدر المستطاع أرجو أن توفقي ما بين طريقة النوم الصحيحة وراحة الطفل.

بالنسبة لاضطراب النوم والحمل فلا شك أنه لا يعيق الحمل إلا إذا كان هنالك اكتئاب شديد، والاكتئاب الشديد لا أقول أنه يعيق الحمل، ولكن هنالك دراسات أنه ربما يؤدي إلى بعض التغيرات الهرمونية البسيطة لدى بعض النساء، ويمكن أن تكون أقلية قليلة من النساء قد يحدث تأخير للحمل نتيجة للاكتئاب، أرجو ألا يزعجك هذا الموضوع أبداً، ولا أرى أنك الآن في حالة اكتئابية.

بالنسبة لمشروع الحمل الثاني أسأل الله تعالى أن ييسر لك هذا الأمر، فقط أود أن أنصحك أنه من الأفضل أن يكون الحمل بعد أن يبلغ الطفل سنتين من العمر؛ لأن الدراسات تشير أن النسوة اللائي حدث لهنَّ اكتئاب ما بعد الولادة يُفضل أن تكون هناك مسافة زمنية متباعدة بعض الشيء ما بين الحمل السابق والحمل اللاحق، هذا مجرد نوع من التحوط ولا نستطيع أن نقول أنه قانون صارم يجب تطبيقه.

وأود أن أقترح لك – حتى يتحسن نومك ويتحسن مزاجك بصورة جيدة – بجانب النصائح التي نصحتها لك أعتقد أنه سيكون من الأفضل أن تتناولي أحد الأدوية البسيطة لفترة ثلاثة أشهر، وهنا يكون ابنك إن شاء الله قد أكمل السنتين، وبعد ذلك يمكنك التوقف عن هذا الدواء.

الدواء يعرف تجارياً باسم (ريمارون Remeron) ويعرف علمياً باسم (ميرتازبين Mirtazapine)، يمكن أن تبدئي في تناوله بجرعة نصف حبة (خمسة عشرة مليجرام) ليلاً لمدة أسبوعين، ثم بعد ذلك ارفعي الجرعة إلى حبة كاملة (ثلاثين مليجراماً) لمدة شهرين، ثم أنقصي الجرعة إلى نصف حبة ليلاً لمدة أسبوعين، ثم توقفي عن تناول الدواء.

هذا الدواء يتميز بأنه من الأدوية السليمة غير الإدمانية وغير التعودية، وهو محسن للنوم ومحسن للمزاج بصورة كبيرة، فقط يعاب عليه أنه ربما يؤدي إلى زيادة في الشهية للطعام مما ينتج عنه زيادة في الوزن غالباً لا تكون زيادة كبيرة، فإذا قررت استعمال الدواء ولاحظت أنه يزيد لديك الوزن فالأفضل أن تتحكمي في الطعام وتحسبي عدد السعرات الحرارية بالنسبة للأطعمة التي تتناوليها، ويفضل أيضاً أن تمارسي شيئاً من الرياضة.

البديل الثاني للريمارون - وهو أيضاً بديلاً جيداً – قد لا يحسن النوم كثيراً ولكنه يساعد في إزالة الكدر وعسر المزاج، وهو دواء استرخائي ولا يؤدي إلى النوم الكثير، ولا يؤدي إلى زيادة في الوزن.

هذا الدواء يعرف تجارياً باسم (فافرين Faverin) ويعرف علمياً باسم (فلوفكسمين Fluvoxamine)، يمكن أن تتناوليه بجرعة خمسين مليجراماً ليلاً بعد الأكل لمدة أسبوعين، ثم ارفعي الجرعة إلى مائة مليجرام ليلاً لمدة شهرين، ثم خفضي الجرعة إلى خمسين مليجراماً ليلاً لمدة أسبوعين، ثم توقفي عن الدواء، وتكون اكتملت فترة الثلاثة أشهر، وهي في نظري فترة جيدة ليحدث لك المزيد من الاستمرار في التحسن النفسي وتحسن المزاج وتحسن النوم، وفي ذات الوقت يكون الطفل قد بلغ عامين من عمره – أسأل الله أن يحفظه – وبعد ذلك أن تبدئي في مشروع الحمل الذي أسأل الله تعالى أن ييسره لك، وختاماً نشكرك كثيراً على تواصلك مع إسلام ويب وعلى ثقتك فيما يقدمه هذا الموقع.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً