الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الاكتئاب والقلق بين الوالد وابنته .. التشخيص والعلاج

السؤال

السلام عليكم.

أنا فتاة عشت مشاكل عائلية كبيرة منذ صغري، وذلك لأن أبي من الشخصيات العصبية، فدائماً - وإن كان الشيء صغيراً ولا يستحق - تجد أبي يسب الأشخاص ويلعنهم ويقطع علاقتنا بهم، وأنا الآن في هذا العمر تكاد تكون علاقتنا انقطعت بمعظم الناس، وقد تعبنا من العزلة ونظرة الناس الدونية لنا بسبب مشاكل أبي معهم.

علماً بأن أبي لم يعد يذهب إلى المسجد ولا يخرج من البيت أبداً ويحرمنا كثيراً، ولا نستطيع أن نجد حلاً لمشاكله، وهذا الشيء أثر علي كثيراً في ثقتي بنفسي، حيث أني أحاول التكيف مع الناس الذين ألتقي بهم ولكني أتأثر بأي شيء يقال لي وأعيش حالة نفسية صعبة، فأرشدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ درة الخليج حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن هناك جانبين في رسالتك: الجانب الأول هو الحالة التي آل إليها والدك ووضعه الآن، وهو انعزاله وأنه لا يخرج من البيت وأنه لا يذهب إلى المسجد، فهذا لا شك دليل قاطع أنه يعاني من حالة نفسية أو حالة اجتماعية أدت إلى هذا النوع من الانعزال وعدم التفاعل مع الآخرين.
الاكتئاب النفسي كثيراً ما يؤدي إلى مثل هذه الحالات، ولا أريد أن أضع تشخيصاً نهائياً أو دقيقاً لشخص لم أقم بالفحص عليه، أنا لا أريد أن أضيف إلى مشاكلك، ولكن أقول إن أمر الوالد يجب أن لا يُجهل، لابد أن يكون هناك تدخلات، وأنت أدرى بالنسيج الاجتماعي الذي يعيش فيه الوالد، والذي أقترحه هو أن يتقدم أكثركم قرباً للوالد ويتحدث معه ويحاول أن يسانده ويجعله يستبصر.

والإنسان يتقبل النصائح إذا كان المنهج الذي يقوم به الناصح هو المنهج الذي يعتمد على اللطف وعلى احترام الطرف الآخر، ويمكن أيضاً الاستفادة من أصدقاء الوالد، فلابد أن لديه أصدقاء، ولابد أن لديه أقرباء آخرين خارج الأسرة، وعليه لابد من التحدث مع من يستطيع أن يساعد الوالد ويخرجه من هذه العزلة، ويمكن أن تمتد هذه المساعدة حتى لمحاولة إقناعه بضرورة أن يذهب إلى الطبيب وأن يقابل الطبيب.

وأنتم من جانبكم هو الآن في لحظات ضعف، ويجب أن لا تركزوا كثيراً على ما مضى، فأنت ذكرت أنك عشت مشاكل عائلية كثيرة، وأن الوالد كان هو السبب في ذلك لأن شخصيته عصبية ومتوترة، فيجب ألا تُثار مثل هذه المشاكل في هذا الوقت، فإن الماضي أيّاً كان نوعه إذا كان سيئاً أو كان طيباً هو عبارة عن أمر مضى وهو تجربة وهو عبرة وليس أكثر من ذلك، كما أن إثارة الماضي في الوقت الحاضر سوف تكون له تبعات سلبية جدّاً على الوالد.

يجب أن تظهروا له المودة ويجب أن تظهروا له اللطف، وهذا سوف يشعركم بشيء من السعادة وشيء من الرضى، ومهما كان وضعه ومهما كان تزمته في الماضي فهو والد، ولا شك أن لديه حقاً، وأعتقد أن تحسن حالة الوالد سوف تعود بإيجابية كبيرة جدّاً على الأسرة عامة وعليك خاصة، لأني كما ألاحظ أنك ربطت ما بين صعوباتك الحالية وما بين المعاملة السابقة التي انتهجها الوالد في التعامل معكم.

ويجب أن تنظري إلى الجوانب المشرقة في حياتك، فأنت قد بدأت رسالتك بأنك فتاة، وهذا هو العمر الذي يحس فيه الإنسان بالحيوية، يحس فيه الإنسان بالطاقات الإيجابية ويجب أن يستثمره، وأنا أقول لك: أنت مطالبة باستثمار وقتك استثماراً صحيحاً: عليك بالرفقة الطيبة، عليك بالرفقة الصالحة، عليك بأن تثقي بنفسك، والثقة بالنفس تأتي بأن ينظر الإنسان لأفعاله بغض النظر عن مشاعره، هذه منطلقات إيجابية ضرورية، والرفقة الصالحة والزمالة التي يمكن اتخاذها قدوة خاصة القدوة الحسنة والخيرة تساعد الإنسان لأن يكون فعّالاً وتساعد الإنسان في بناء شخصيته بصورة إيجابية، ونحن نعرف أن الرفقة الصالحة تساعد حتى في العمل على طاعة الله، فأنا أطلب منك حقيقة أن تسيري في هذا المنهج، وأن تشعري بكينونتك وأن تقيمي نفسك تقييماً صحيحاً، وما يسمى بثقة النفس هي حقيقة مسميات يُطلقها البعض على أنفسهم بقسوة شديدة، بأن يقول: (شخصيتي ضعيفة، شخصيتي غير فعالة، شخصيتي قد ذابت في شخصية الآخرين) فهذا ليس صحيحاً، فإن لكل إنسان كينونته ولكل إنسان إيجابياته ولكل إنسان اعتباره.
حاولي أن تتكيفي مع الآخرين، وحاولي أن تكون لك رفقة صالحة كما ذكرت لك، وحاولي إن كنت في مرحلة الدراسة أن تركزي على دراستك، وأنت فعلاً في مرحلة الدراسة لأن الوظيفة كُتبَ أنك طالبة جامعية، وحاولي أن تتفاعلي مع المحيط الجامعي، يجب أن تسعي من أجل التميز الأكاديمي، هذا إن شاء الله سوف يقضي على كل مشاعرك السلبية السابقة.

لا تلتفتي إلى الوراء، لا تنظري إلى الحياة أبداً بأي نوع من السوداوية، الماضي كما ذكرت لك يستفاد منه لأن يبني الإنسان الحاضر ولأن يبني المستقبل.

وأود منك أن تحملي أنت المسئولية حيال والدك، أن تتوددي إليه، أن تحاولي أن تحلي مشكلته، والإنسان كيان اجتماعي متى ما تعاطفت معه سوف يبادلك هذا العطف مهما كان طبعه ومهما كانت شخصيته ومهما كانت دفاعاته النفسية سالبة.

فحل مشكلة الوالد إن شاء الله سوف تحل الكثير من المشاكل التي ترينها أنت مستعصية، ونسأل الله له الهداية، ونسأل الله تعالى أن يعافيك وأن يتولاك.

ليس هناك أبداً ما يدعوك بأن تحسي بالدونية أو النقص، فالناس تقيم الناس كما تشاء، ولكن ليس من الضروري أن يكون هذا التقييم صحيحاً، انظري إلى نفسك نظرة إيجابية، أنت لك مقدرات، أنت في عمر يجب أن يُستفاد منه، وهنالك مَن يعيشون هذه الحياة في صعوبات أكثر من صعوباتك ولكنهم يتحرون المثابرة والصبر، فعليك أنت بذلك وعليك أن ترفعي من همتك وأن تكون متفائلة حيال المستقبل.
ويمكنك الاستفادة من الاستشارات التالية حول العلاج السلوكي لقلة الثقة بالنفس: (265851-259418-269678-254892).
وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً