الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

دلالة استجابة الدعاء

السؤال

السلام عليكم.

هل الذي يدعو الله ويستجيب له في كثير من الأحيان معناه أن الله يعطيه في الدنيا وليس له شيء في الآخرة؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ إيمان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فمرحباً بك في موقعك (استشارات الشبكة الإسلامية).

ولا شك أن الإنسان إذا بلغ مرتبة مجابي الدعوة بحيث إذا سأل الله أعطاه فقد بلغ مرتبة عظيمة تدل على حب الله تعالى له، كما تدل على قربه من ربه، وليس العكس، صحيح أن الله تعالى يجيب دعاء العاصين بل والمشركين، لكن إنما يجيب دعاءهم عندما يدعون في حالات الاضطرار وصدق اللجوء والاعتماد عليه والافتقار إليه، لا أنه يجيب دعاءهم في كل حال، أو أنه أجابهم لأنه يحبهم.

أما من بلغ مرتبة إذا سأل الله أعطاه، وإذا أقسم على الله أبره فهذه مرتبة لا يبلغها الإنسان إلا بكثرة العمل الصالح والمسابقة في نوافل الأعمال بعد أداء الفرائض، كما دل على ذلك حديث أبي هريرة في صحيح البخاري، وهو حديث قدسي يقول الله تعالى فيه: (ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه) إلى أن قال: (ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذتي لأعيذنه).

ومن كان هذا حاله فهو موعود بجزيل الثواب ورفيع الدرجات في الآخرة، وليس بكبير على الله تعالى أن يعطي عبده خير الدنيا ونعيم الآخرة، قال تعالى عن بعض عباده: ((فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ))[آل عمران:148]، والمعيار الصادق الذي به يعرف الإنسان ما له عند الله في الدار الآخرة أن يعرف ما لله عنده، فإذا كان يخاف الله تعالى ويؤدي فرائضه ويجتنب محارمه ويسارع في طاعته ويسعى في رضوانه فهو من أحباب الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.

أما إن كان غافلاً عن الله مضيعاً لفرائضه فهذا على خطر عظيم، فإن أعطاه الله الدنيا مع ذلك فإنما هو استدراج يستدرجه الله تعالى به؛ ليستمر على غوايته وضلاله.

والخلاصة أن المؤمن مأمور بدعاء الله تعالى وكثرة سؤاله، وعليه أن يفوض الأمر بعد ذلك لله، فإن أعطاه ما سأل في الدنيا فيشكر الله تعالى على عطائه، ويكون بهذا قد حقق عبادتين عبادة الدعاء وعبادة الشكر على النعمة، فيرجو ثوابه عليهما عند الله في الآخرة.

وإذا لم يعطه الله ما سأل في الدنيا فعليه بحسن الظن بربه وأنه فعل به ما هو خير له وادخر له مسألته، فيصبر حتى يلقى ثواب مسألته في الآخرة مع ثواب صبره، وهكذا فأمر المؤمن كله له خير.

نسأل الله أن يقدر لنا الخير ويرضينا به.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً