الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعراض الاكتئاب النفسي وعلاجه

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

منذ أكثر من سنة وأنا أشعر بتعب وانحطاط دائم في الجسم، واختفاء تام للنشاط والحيوية، بالإضافة إلى النعاس الدائم، حتى إنني صرت أنام وأنا جالس على مكتبي، وأخشى أن يلاحظ الموظفون هذا، بالإضافة إلى ضيق في النفس وانتفاخ بالحنجرة، وآلام متفرقة في القلب والرأس، والتوتر والخوف والوسواس هم أسياد الموقف في حياتي، ومنذ أكثر من ستة أشهر بدأت علامات عدم التركيز وفقدان الذاكرة بالظهور، حتى صارت هناك صعوبات في الفهم والإدراك، وأصبحت ردة الفعل بطيئة، بالإضافة إلى تلكؤ بالكلام وعدم القدرة على الحفظ، وفقدان تام للنشاط والهمة، حتى التصرفات وردات الفعل باتت كلها خاطئة وغير مدروسة، ورجحت العصيبة وردات الفعل الهمجية على العقل والتوازن بشكل عام.

القدرة الجنسية أيضاً أصبحت ضعيفة جداً، علما بأنني متزوج من فترة شهرين فقط، وأعاني الآن من خوف في المعاشرة، مع فقدان الشهوة الجنسية وخوف من عدم الانتصاب، بالإضافة إلى آلام في الخصية والعضو الذكري.

أشعر أنني شخص غير سعيد وفاقد للمشاعر الإنسانية والآدمية، أصبحت شخصاً جباناً وخبيثاً وغير محب، وفي معظم الأحيان غبي، أريد أن ألجأ إلى الله عز وجل، وأن أحافظ على صلاتي لعلها الملجأ الوحيد لشفائي، ولكن نظراً للنسيان الدائم وقلة الهمة والنشاط فأنا أنسى وأتكاسل عن أدائها، فهل من حل سريع ؟ وأشدد على كلمة (سريع) لأنني جربت كافة أنواع الأدوية في هذه السنة من (سيروكسات) إلى (سيبراليكس) إلى (بروزاك) دون فائدة.

ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فبارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب، ونسأل الله لك العافية والشفاء.

فإن الأعراض التي سردتها في رسالتك تدل بوضوح شديد أنك من الناحية النفسية تعاني من اكتئاب نفسي، فالأعراض التي وُصفت هي أعراض مثالية جدّاً، وتدل أيضاً على مدى اطلاعك وإلمامك بحقيقة الاكتئاب النفسي.

هنالك بعض المؤشرات التي تدعونا أيضاً لدعوتك ونصيحتك لأن تقوم ببعض الفحوصات المخبرية، فإجراء فحص الغدة الدرقية أرى أنه ذو أهمية خاصة؛ لأن عجز الغدة الدرقية قد يؤدي أيضاً إلى هذا النوع من الأعراض، مع بروز الاكتئاب كعامل نفسي، وبقية الأعراض الجسدية يعرف عنها أنها قد تكون مصاحبة لضعف الغدة الدرقية، فأرجو أن تقوم بهذا الفحص، وحين تجري فحصاً هرمونات الغدة الدرقية لا بأس أبداً من أن تجري فحصا عاماً تتأكد من نسبة الدم، ووظائف الكبد والكلى، هذا لمجرد الاطمئنان والتأكد.

الاكتئاب النفسي يمكن أن يعالج، ومن المهم جدّاً أن تكون للإنسان قناعات إيجابية بأن الاكتئاب يمكن أن يُعالج ويمكن أن يزول، وأن التغير يأتي من داخل الذات، والشعور الذي ذكرته بأنك تحس أنك شخص جبان وخبيث وغير محب، هذا لا شك أنه شعور اكتئابي سوداوي، يجعلني حقيقة أن أرى أن الحل السريع - وأنت تطالب بالحل السريع – هو أن تذهب وتقابل أحد الأطباء المختصين لأخذ جلسات كهربائية.

أنا قلَّ ما أنصح بهذا العلاج – الجلسات الكهربائية – ولكني وبما أني أثق في كل كلمة وردت في رسالتك أرى أن حجم الاكتئاب الذي ذكرته يتطلب الجلسات الكهربائية، والجلسات الكهربائية يعرف عنها أنها ذات مردود إيجابي وسريع وسريع جدّاً؛ لأن هذه الجلسات الكهربائية بالرغم من أنها تعمل بنفس طريقة الدواء، إلا أنها تحرك الموصلات العصبية في داخل الدماغ بسرعة شديدة وتصحح مساراتها، وتجعل -إن شاء الله- الاكتئاب يزول وينقشع، هذا لا يعني أن الأدوية ليست ضرورية، بل الأدوية مهمة وضرورية كعلاج من أجل الاستمرارية والوقاية.

أنا أعرف أن البعض قد يتشاءم ولا يحبذ فكرة العلاج الكهربائي، خاصة أن الكثير من اللغط والكلام الغير صحيح قد دار حول هذا العلاج للدرجة التي أصبح ما يثار يشكل وصمة اجتماعية لبعض الناس، ولكن هذا ليس صحيحاً، هذا العلاج علاج علمي وممتاز وسليم جدّاً، وهو الآن يُعطى تحت تحوطات معروفة، والأجهزة سليمة جدّاً، والتقنية الحديثة لعبت دوراً في تطوير المعدات التي تُستخدم،
هذا هو الذي أراه من حل سريع بالنسبة لك، فأرجو أن تقدم نفسك إلى أماكن العلاج.

العلاج الدوائي لابد أيضاً أن يُصاحب هذه الجلسات التي ذكرتها لك، والدواء أراه الأفضل لك هو (إفيكسر) -(فلاباكسل)-، حيث تشير الأبحاث إلى أنه يفيد الاكتئاب النفسي الذي لم يستجب بصورة جيدة لبقية مضادات الاكتئاب، والجرعة التي يُفضل تناولها في حالتك يجب ألا تقل عن مائة وخمسين مليجراماً في اليوم، وهذه بالطبع تُبنى بالتدريج.

هذا هو الذي أود أن أقوله لك، وأنا متأكد -بإذن الله تعالى- أن الجلسات سوف تفيدك، ويبقى أن أقول لك أن التفكير الإيجابي والقناعة بأن الاكتئاب يمكن أن يزول وأن تتفكر في الأشياء الجميلة في حياتك، هي من الوسائل المهمة جدّاً للخروج من حالة الضيق والكدر.

أنا أقدر مشاعرك جدّاً وأعرف أن الاكتئاب مؤلم، ولكن الإنسان يجب أن يعيش على الأمل وعلى الرجاء، وأنا سعيد جدّا أن أسمع أنك تريد أن تحافظ على صلاتك، وعليك بالدعاء وتلاوة القرآن والأذكار، والقناعة التامة بأن الله تعالى سوف يكتب لك الشفاء بإذنه تعالى، فلا تتكاسل عن أداء الصلاة، ادفع نفسك دفعاً، فبها إن شاء الله تتم طمأنينة وإراحة النفس.

ربما المقام لا يسع ولكن من الضروري أن أذكر لك أهمية ممارسة الرياضة، والترويح عن النفس بما هو مشروع، والتواصل الاجتماعي، فهذه كلها دوافع علاجية مهمة للقضاء على الاكتئاب، وأنت بفضل الله تعالى متزوج، والزوجة إن شاء الله تكون مساندة لك في التخلص من هذا الاكتئاب، ويجب ألا تشغل نفسك كثيراً فيما يخص القدرة الجنسية، فهي سوف تأتي إن شاء الله.

أقول لك أن الأمر في نظري يتعلق بالاكتئاب، وأنا أعرف الألم الذي يسببه، ولكن بفضل الله تعالى أُتيحت لي الفرصة بأن أرى أناساً كانوا يعيشون حالة من اليأس والسأم نسبة لإطباق الاكتئاب عليهم، ولكن بعد ذلك فرجت الأمور وأضاءت الدنيا أمامهم وعاشوا حياة طيبة وهانئة وسعيدة.

أسأل الله تعالى بفضله ومنه أن يغدق عليك الصحة والعافية ونحن نعيش نفحات هذا الشهر الكريم.


وللأهمية نرجو مراجعة هذه الاستشارات عن كيفية المحافظة على الصلاة:

(18388 - 18500 - 17395 - 24251 - 55265)، والعلاج السلوكي للمخاوف: (262026 - 262698 - 263579 - 265121)، وأيضاً العلاج السلوكي للقلق: (261371 - 263666 - 264992 - 265121).

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً