الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الشعور بالضيق من الحياة وفقد الرغبة في الصلاة.. التشخيص والعلاج

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

في البداية أود أن أشكركم على هذا الموقع المميز الذي تخدمون به الأمة.
سؤالي هو: لا أدري كيف أبدأ، ولكني أشعر بشيء من الضيق في جميع أموري الحياتية، كانت هذه الأمور منذ فترة ليست بالقصيرة ولا الطويلة، ولكنني بدأت أتضايق من هذه الأمور عندما بدأت أتوقف عن الصلاة، أي أنني لا أصلي جميع الفروض، وهذا الأمر ضايقني جداً، أموري الحياتية ليست بالمستقرة، ولا أموري المادية كذلك، ولكنني لا أهتم لهذا الأمر كثيراً، ولكنني في الفترة الأخيرة بدأت أمرض كثيراً، وها أنا منذ أسبوع مضى ويوجد ألم رهيب في رأسي "صداع" لا أقدر أن أفتح عينيّ من شدته.

راجعت الأطباء ولا يوجد شيء، ومنذ يوم الجمعة 13- 3 - 2009 كانت الصلاة ثقيلة جداً عليّ وتمنيت أن أنهي الصلاة في التو، كانت صلاة الجمعة لم أستطع أن أبقى في الصلاة، ولكنني بقيت فقط لكي لا أثير الشبه عليّ ، والله لا أدري ماذا أفعل! حاولت الرقية الشرعية في الليلة الماضية أيضاً ولم أفلح!

يوجد عدة أمور أعاني منها في الليل، فعندما أحاول النوم أشعر أنه يوجد أحد معي في غرفتي، مع العلم أنني أنام وحيداً في الغرفة.

أحس بضيق رهيب في نفسي ولا أستطيع بعض الأحيان أن أتنفس، ولا أدري ماذا أفعل؟!

الرجاء من حضراتكم مساعدتي في هذه الأمور، أريد العودة للصلاة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فلا شك أن هذا الذي بك من شعور رهيب بالضيق في نفسك، وأصبحت الصلاة عليك ثقيلة، وأصبحت تتضايق من أمور كثيرة في الحياة، وشعورك بألم الرأس في فترة من الفترات وبشدة، هذا كله دليل أنك تعاني من اكتئاب نفسي، والاكتئاب النفسي يأتي الآن في صور مختلفة من أهمها أنه يفقد الإنسان الرغبة في الأشياء التي كان يحبها، يفقده الرغبة في الأمور التي كان يستأنس لها، ويحس أن كل شيء أصبح ثقيلاً وصعباً، ولا يجد الطاقة النفسية أو الجسدية لممارسته.

أنت تشعر بالضيق لأنك لا تواظب على الصلاة، وهذا نوع من الشعور بالذنب، وهذا دليل -إن شاء الله تعالى- على خيريتك، فأنت تعرف أهمية الصلاة وتعرف عظمة الصلاة، وقيمك الداخلية تحثك على ذلك، ولكن القلق والاكتئاب الداخلي كان عثرة في طريقك، أقول لك هذا مع تحفظ شديد، فإن من الضروري جدّاً ألا تجد لنفسك عذراً أو مبرراً فيما يخص الصلاة؛ لأن الشيطان أيضاً يدخل من هذه الثغرات: ثغرات الاكتئاب، ثغرات عدم الارتياح، تضخيم وتجسيم هموم الدنيا في نفس الإنسان مما يجعله يفقد الطريق السوي.

فجاهد نفسك جهاداً عظيماً فيما يخص الصلاة، ولا تؤخرها، ولا تؤجلها، وابحث عن الراحة عن طريقها، وهذه وصيتي لك، وأنا سوف أقوم بوصف أحد الأدوية الفعالة جدّاً في علاج مثل هذا النوع من الاكتئاب، والأدوية الآن - الحمد لله - متوفرة وفعالة، ولكن لابد للإنسان أن يؤهل نفسه نفسياً أيضاً وذلك بالمجاهدة وبالتفكير الإيجابي وبزيادة الدافعية، وباستبدال الهم والغم والحزن بالفرج والأمل والرجاء.

الدواء الذي أود منك أن تبدأ في تناوله يعرف تجارياً باسم (إفكسر Efexor) ويعرف علمياً باسم (فنلافاكسين Venlafaxine)، أرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة خمسة وسبعين مليجرام ليلاً، وبعد أسبوعين ارفع الجرعة إلى مائة وخمسين مليجرام ليلاً، وهذه الجرعة تعتبر جرعة علاجية جيدة جدّاً في مثل حالتك، بالرغم من أننا في بعض الأحيان قد نرفع الجرعة حتى مائتي وخمسة وعشرين مليجرام في اليوم، ولكن لا أعتقد أنك سوف تحتاج لهذه الجرعة.
استمر على جرعة مائة وخمسين مليجرام لمدة عام، وهذه هي المدة المطلوبة، خاصة أن الدواء من الأدوية السليمة والفعالة جدّاً.

سوف تلاحظ أن فعالية الدواء الحقيقة بدأت بعد ستة إلى ثمانية أسابيع من بداية تناوله، وهذا يعني أنك يجب أن تصبر على الدواء، ويجب أن تلتزم التزاماً قاطعاً بتناوله، وبعد انقضاء فترة العام وأنت على جرعة مائة وخمسين مليجرام خفض الجرعة إلى خمسة وسبعين مليجرام يومياً لمدة خمسة أشهر، ثم خمسة وسبعين مليجرام مرة واحدة كل يومين لمدة شهر، ثم خمسة وسبعين مليجرام مرة واحدة كل ثلاثة أيام لمدة شهر آخر، وبعد ذلك توقف عن الدواء.
إذًا: أوضحنا لك جرعة البداية، والجرعة العلاجية، ثم الجرعة الوقائية، وطريقة إيقاف الدواء بالتدرج.

توجد أدوية أخرى وبدائل كثيرة لكن أعتقد أن الإيفكسر سيكون - إن شاء الله تعالى – مفيداً جدّاً بالنسبة لك.

لابد أن تستعين بعد الله تعالى بأصدقائك وإخوانك وجيرانك وأحبابك في المسجد؛ لأن الإنسان يحتاج للمؤازرة ويحتاج للسند، وليس هنالك عيب في أن تبحث عن ذلك، بأن تجلس معهم، بأن تسامرهم، بأن تشاركهم في كل المناسبات، اجعل لنفسك وجوداً، اهتم بالعمل؛ لأن العمل فيه رفع الكفاءة النفسية ويُشعر الإنسان بقيمته الحقيقية، واحرص على وردك القرآني اليومي، ويا حبذا لو ذهبت إلى حلقات التلاوة؛ لأن هذه الحلقات يشعر الإنسان فيها بالالتزام ويشعر أنه لابد أن يذهب ويقابل إخوانه، وهي لا شك تحفها الملائكة، وفيها رحمة عظيمة وراحة كبيرة. هذا الذي أقوله لك هو علاج دنيوي وأخروي، فعليك بالالتزام به واتباعه.

وممارسة الرياضة ضرورية وضرورية جداً؛ لأن الرياضة تحرق الطاقات النفسية السلبية وتبني طاقات انفعالية نفسية إيجابية، فاجعل لنفسك نصيباً في ذلك.

شعورك بأنه يوجد معك أحد في الغرفة ليلاً هذا مجرد قلق؛ لأن الاكتئاب يؤدي إلى القلق والقلق يؤدي إلى افتقاد الطمأنينة، احرص على الأذكار واستعذ بالله من الشيطان الرجيم وسوف يذهب كل الذي بك.

وختاماً: نحن سعداء بتواصلك معنا في إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن ينفعك بما قلناه لك، ونسأل الله تعالى أن يشفيك وأن يعافيك.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً