الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شكوى الزوجة من بخل زوجها الشديد وسوء معاملته

السؤال

أنا فتاة 30 سنة، متزوجة من 5 سنوات، وعندي مريم 4 سنوات أعاني من بخل زوجي وحبه الشديد لنفسه وإهماله لي ولابنته، ربنا كرمه وسافر الكويت من 3 سنوات وهو نفس الوضع لم يتغير، أطلب منه أي طلب: من أين؟ مش معي، ولو تعبت أو بنته: ما فيه غير مصروفاتك الشهرية، روحي لأبوك يعالجك، مش معي، وكل اللي يرسله 500 ج، منهم 200 أقساط علينا، غير الذل اللي شيفاه من أهله، أي سر بيننا أو أي موضوع بيننا يحكي مع أخت له مرتبطين ببعض جداً، حتى أسرارنا الزوجية تتحكي لها وتقول لي عليها، ولو مشكلة بيننا من غير ما أحكي لها تتصل بي وتكلمني كأنها زوجي وتحاسبني، يعني اتصلت به وقلت له: تعبت خذنا معاك؛ لأن نزوله لي كل سنتين، اتصل بأخته وقال لها ترد علي: ريحي نفسك ما فيه سفر له، مش معاه يجيب سكن أو يعيشكم هناك، نفسي لما أطلب منه طلب ما أحد يعرفه إلا احنا، غير المعاملة الوحشة وأسلوبه الوحش معي، مع أني بحبه جداً وهو عارف كده.

أسلوبه الوحش معي خلاني اتجهت لشخص آخر يسمعني كلمة حلوة بالتلفون، ويتصل يسأل علي وعلى بنتي، هو من عائلته بس متعاطف معي، والمشكلة أن زوجي بسفره بيزيد سوء، بنته طلبت منه عروسة أكثر من 100 مرة وما عبرها، طول سنواته في الكويت وأقول له يقول: ما فيه مش معي، سيكون معي وأبخل على بنتي الوحيدة؟!

مش عارفة أعمل إيه من ناحية بعده وتحملي المسئولية كلها بدون إمكانيات مادية تذكر، ومكبر دماغه، فكرت كثير في الانفصال بس بنتي صعبانة علي، وأقول: مهما كان أبوها مع أنه من يوم ولادتها حتى الآن كل اللي جابه لها من ملابس شيء لا يذكر، هو كان بخيل من زمان من أيام الخطوبة بس حبي له وعدم خبرتي في الحياة ما كنت فاهمة، ومش عارفه أعمل إيه، أكمل معاه علشان خاطر بنتي وحبي له، وإلا أبعد عنه لبخله معي وعدم حملانه همنا، يقول لي: أنت ما تحمليني همكم، كفاية علي شغلي.. شغلي أهم من أي حاجة في الدنيا، ويكلمني بأسلوب وحش، والمشكلة في مجرد ما يجي يقول لي كلمة حلوة خلاص أنسى كل حاجة تمت بيننا.

بس الآن ما عدت قادرة أنسى وضغط علي وعلى أعصابي، ونفسيتي بقت زي الزفت، مش عارفه أتعامل معاه كيف، عايزه حد يعطيني خبرة كفاية، نفسي ما أحتاج له في حاجة بس مش قادرة، كان عايز يشغلني عند زوج أخته سكرتيرة علشان يخلص من طلباتي، بس أنا تحرجت أشتغل عنده، وقلت له سأبحث على شغل ولما ألاقي مش عايزة منك حتى 300 ج بتوع كل شهر، قال لي: خلاص دوري على شغل،

علماً بأن أهلي ما يعرفوش عني أي حاجة، ولا أي مشكلة بيننا من يوم زواجنا، فيه ناس قالت: هو بيعاملك وحش علشان عارف أنك مش بتحكي، وما فيه حد كبير يقف له، تعبت جداً ومش عارفة أتصرف، وكنت عايشة وراضية بس اللي يزيد عن حده يقلب ضده.

أنا عندي بكالوريوس تربية وهو دبلوم تجارة ومع ذلك عمري ما حسسته بالفرق هذا، بالعكس كان يهزأ مني لعدم خبرتي في الحياة، ويقول لي: إيه ما دخلتيش كلية، آخذ الموضوع مزاح علشان ما أحسسه بالفرق، نفسي أتعلم كيف أتعامل معاه لما يعاملني وحش، لما يجرحني أسامحه مجرد ما يكلمني وإلا أتركه ما أكلمه؟ بس بخاف أصل يدور على حد ثاني يكلمه، بدل المشاكل معي يدور على غيري، ومش عارفه صح وإلا غلط، وألف شكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مرمر هشام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:

إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن يفرج كربتك وأن يقضي حاجتك وأن يجعل لك من لدنه وليّاً ونصيراً، وأن يصلح زوجك، وأن يوسع أرزاقكم، وأن يرزقه الكرم والجود معك، وأن يجعل الحياة بينكما حياة طيبة، وأن يُخرج من حياتكما كل ما ينغصها من البشر أو غيرهم.

بخصوص ما ورد برسالتك - أختي الكريمة الفاضلة – فإن هذا الرجل الذي تزوجته وفيه من الأمراض التي يصعب أو يستحيل علاجها وهي مرض البخل؛ لأن هذا المرض ينشأ مع الإنسان منذ نعومة أظفاره، ولذلك يصبح من الصعب جدّاً عليه أن يتخلى عنها من الصعب، أنا لا أقول مستحيلاً لأن هذا ممكن، ولكن هو يرى أن هذه الطريقة المثالية للحياة، ولذلك ربنا تبارك وتعالى تكلم عن البخل وذمه، والنبي عليه الصلاة والسلام أخبرنا بذلك أيضاً أنه لا يجتمع البخل والإيمان في قلب عبد أبداً.

رغم ذلك تجدين أن هذا البخل موجود في كثير من الناس مع الأسف الشديد عندهم الحرص الشديد حتى ليبخلون على أقرب الناس إليهم بل يبخلون على أنفسهم.

هذه المسألة هذا قدرك، كما هو أحياناً قد تتزوج المرأة برجل مسرف ولا يستطيع أن يمسك يده أبداً، أيضاً أنت ابتليت برجل بخيل لا يستطيع أن يفك يده أبداً.

لذلك هذه القضية الآن أخرجيها من حسابك تماماً؛ لأن من الصعب حقيقة أن تعالج، بل قد كان هناك من الصحابة من فيه هذه الصفة، فهذا أبو سفيان الصحابي أبو سيدنا معاوية - رضي الله تعالى عنهم جميعاً – امرأته هند بنت عتبة اشتكت للنبي عليه الصلاة والسلام أنه رجل شحيح وأنه رجل بخيل، رغم أنه صحابي، لكن هذه الصفة تأتي منذ نعومة أظفاره، يرضعها مع لبن أمه، لا يستطيع أن يتخلص منها إلا إذا أعانه الله تبارك وتعالى وجعلها آية من الآيات.

إذن أقول: قضية البخل نخرجها من الحساب لأنه لا علاج لها، فهذا الذي تقولينه من المصروف وغيره هو يرى أن ذلك كافٍ بالنسبة لك، ولكن من الممكن عندما يأتي بالسلامة في الإجازة حاولي أن تبيني له أن هذا المبلغ غير كافٍ؛ لأن الكلام في التليفون الآن قد لا ينفع؛ لأن الكلام في التليفون في الغالب كل واحد قد يتصور بأن الطرف الآخر يقول كلاماً من وجهة نظره ولا يعيش الحقيقة، ولكنه عندما ينزل هذا المبلغ اجعليه يعيش معك في البيت وقطعاً يعيش معك وقولي له هذا المبلغ تصرف أنت فيه كيف تمشي به الحياة، دون عنف ودون شدة؛ لأن هذا الموضوع - كما ذكرت لك – ما له حل، قضية البخل مع الأسف الشديد من الصفات الذميمة، الصفات المقيتة التي إذا ابتلي بها الإنسان جعلت حياة من يعيش معه في كدر؛ لأنه لا يستطيع أن يفعل خلاف هذا من وجهة نظره أصلاً، لو صرف جنيهاً واحداً زائداً لاعتبر أن السموات السبع انطبقت على الأرض وأن العالم قد دُمّر.

إذن أنا أقول: هذا ليس له إلا الصبر، وعندما يرجع قولي له (هذا المبلغ الخمسمائة جنيه، ندفع منهم مائتي جنيه أقساطاً والثلاثمائة جنيه أتمنى أنك تدبر بها حياتنا خلال هذه الفترة، واجعلها معك واصرف أنت) لعله من خلال ذلك يعرف أن هذا المبلغ لا يكفي شيئاً، فهو لا يأتي حتى بربع كيلوا لحمة مثلاً، فإذن كيف تعيش أسرة مكونة من ثلاثة أفراد بهذا المبلغ.

موضوع أخته هذه أيضاً مشكلة أخرى، لا علاج لها ولا حل، رجل متعود على هذا الكلام وبينه وبين أخته نوع من التواصل القوي ولذلك كل شيء يخبرها بها، هذا أيضاً ضعف في حياته من الصعب أن يتخلص منه؛ لأنه تعود أن يتكلم معها، واحمدي الله أنه يتكلم معها ولا يتكلم مع غيرها وإلا لكانت مصيبة لخطفته منك رغم أنه مع ظروفه الصعبة لن يرحب به أحد.

أنا عاتب عليك جدّاً بأنك تكلمت مع واحد، وهذا خطأ جدّاً، فقد اتجهت لشخص يسمعك وتسمعين منه كلمة حلوة في التليفون، أهذا حلال؟ هل هذا حلال يرضي الله تعالى أن تتكملي مع شخص من أجل أن يكلمك عن الحب ويكلمك عن الغزل، حتى ولو قال اصبري وتحملي، هذه ثغرة، أنت الآن عالجت المشكلة بمشكلة أكبر منها، لو زوجك عرف بهذا الكلام بالله عليك ماذا سيفعل معك؟ لو أي أحد عرف هذا الكلام ماذا سيفعل معك؟ وهل من الأمانة أن تخوني الرجل وأن تتكلمي مع غيره؟ حتى وإن كان كلاماً عادياً، ومن أدراك أن هذا الكلام سيظل على هذا الوضع ولا تتطور العلاقة حتى تقعين في أشياء أنت ما فكرت فيها أصلاً.
يعني أنت الآن أرى أنك ما شاء الله سيدة فاضلة وعفيفة، وأنك يستحيل أن تفكري في الحرام، ولكن مع تكرار الكلام قد يحدث هذا مع الزمن، فأنت فتحت على نفسك باباً من أبواب جهنم، فأتمنى - بارك الله فيك – أن تغلقي هذا الباب نهائياً وألا تتكلمي مع أحد، وأن تصبري وأن تحتسبي، هذا قدرك الذي قدره الله لك.

أكثري من الدعاء أن يُصلح الله لك زوجك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أنه لا يرد القضاء إلا الدعاء، وأخبرنا بأن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، فحاولي أن تتوجهي إلى الله عز وجل بالدعاء أن الله - سبحانه وتعالى - يصرف عنك هذا الهم وأن الله تبارك وتعالى يرزق زوجك الكرم حتى ينفق عليك ما تحتاجينه أنت وعيالك؛ لأن العمل إذا كنت ستعملين الآن ويقطع هذا الراتب أنت لو عملت في أي مجال لن تأخذي أكثر من هذا المبلغ، وستستهلكين وقتك في خدمة غيرك بدراهم معدودة؛ لأن هذا الآن كما تعلمين فرص العمل قليلة، والذي يريد أن يشغل إنساناً عنده يستعبده، والأمر الثاني كونك ستعملين سكرتيرة هذا عمل أيضاً غير شرعي، حتى وإن كان عند زوج أخته أو غيره؛ لأنه اختلاط الرجال بالنساء وأيضاً قد تكون هناك خلوة فيفسد عليك دينك، فأنا أقول: صبرك الآن على ما أنت عليه أفضل مليون مرة من غيره، فليس لك إلا أن تصبري ولكن مع الصبر، عليك - بارك الله فيك – بالدعاء، توجهي أن يصلح الله لك زوجك، والله تبارك وتعالى أخبرنا أنه أصلح زوجة زكريا عليه السلام ببركة الدعاء، فأنت أيضاً توجهي إلى الله بالدعاء وركزي على سؤال الله تعالى أن يرزق الله زوجك الكرم وأن الله - سبحانه وتعالى جل جلاله – يرزقه حسن التعامل معك، وأن الله عز وجل يبارك لك فيه ويبارك له فيك، وأن تكون الحياة بينكما طيبة.

أنا واثق بأن هذا هو الحل الأمثل والوحيد الذي لا حل أمامك الآن، أما غير ذلك لا أرى، لا تتصلي مع أحد واقطعي علاقتك مع هذا الرجل، وحاولي أن تتعاملي مع زوجك معاملة طيبة، واجتهدي وتحملي واصبري، واعلمي أن النبي عليه الصلاة والسلام بيَّن أن الصبر من مفاتيح الفرج، فقال: (واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسراً).

نفسك تتعلمين مهارات جديدة حتى تردين عليه، لا تتعلمي ولست بحاجة إلى ذلك، حسن العشرة وحسن المعاملة والأخلاق الحسنة والصبر والتحمل والدعاء هي أعظم الوسائل التي بها سوف تكسبين الجولة وتحتفظين بزوجك وأولادك، وإن شاء الله تعالى في المستقبل ستكونين من السعداء، هذا ما أرجوه وأؤمله، فتوجهي إلى الله بالدعاء، حافظي على الصلاة في وقتها، حافظي على حجابك الشرعي، اجعلي لك وردا من القرآن يومياً باعتبار أن عندك فراغا الآن، اجتهدي في طلب العلم الشرعي، واملئي وقتك عبادة، وستشعرين بأن كل هذه المشاكل ستنتهي - بإذن الله تعالى – في القريب العاجل.

أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأسأل الله أن يرزق زوجك الكرم وأن يرزقه التقوى والصلاح، وأن يجمع بينكما على خير، إنه جواد كريم.

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً