الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الزواج من فتاة تعشق الكماليات

السؤال

السلام عليكم.

أنا شاب عمري (25) عاماً، متدين، أحضر دروساً دينية ـ والحمد لله ـ ملتزم بالصلاة.

أنا مرتبط بفتاة ( ليس زواجا) وعمرها (20) سنة، فتاة ذكية ومتفوقة بدراستها، علاقتنا استمرت (4) أشهر وما زالت ـ والحمد لله ـ.

المشكلة -يا شيخ- أني أحياناً لا أرتاح مع الفتاة كمستقبل، أفكارها غير أفكاري وعاداتها غير عاداتي، ـ أقسم بالله ـ يا شيخ أني جلست أبكي وأستنجد الله أن يفتح علي ويساعدني.

أخاف أن يكون المستقبل مع هذه الفتاة غير عن الذي أتوقعه، الفتاة لها عادات وأفكار أنا لا أوافق عليها، وهذا الشيء يجعلني أكون متردداً للزواج والعيش معها، البنت تريد وتريد... والمشكلة أنها ليست من عادات العرب ( لا تريد أن تتنقب، وتريد أن تشتغل، وتريد أن يكون معها سيارة ) وأنا لا أريد هذا التفكير.

مع العلم أني أحب الفتاة وأحترمها، أخاف من شيئين:

أولاً: أخاف إن تركتها أكون قد ظلمتها، ولن يسامحني ربي! علماً بأنها بنت حلال.
ثانياً: أخاف أن أكمل معها المشوار وأتعب في المستقبل وأندم.

ساعدوني جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أخوكم في الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله – جل جلاله – بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يهديك صراطه المستقيم. كما نسأله تبارك وتعالى أن يرزقك زوجة صالحة تكون عوناً لك على طاعته ورضاه - جل جلاله - وترزق منها بذرية صالحة طيبة مباركة، وتكون امرأة طائعة مطيعة سهلة هيِّنة ليِّنة.

وبخصوص ما ورد برسالتك - أخي الكريم الفاضل – من أنك مرتبط بإحدى الفتيات وأن عمرها عشرون سنة وأنها بنت ذكية وشاطرة ومتفوقة في دراستها – كما تقول – ولكن المشكلة أن عندها عادات، هذه الأفكار التي تريدها وهي أنها تريد أن تعمل ولا تريد أن تنتقب وتريد أن يكون معها سيارة ... إلى غير ذلك من الأمور التي لا تستريح لها ولا تحبها أنت شخصياً.

فأقول لك - أخي الكريم – أولاً: أنتم كأنكم لازلتم لم تعقدوا بعد، فهي مازالت ليس معقوداً عليها، فلعلك خطبتها مجرد خطبة، وتخاف أن تظلمها وتخاف أن تتخلى عنها، ولكن أقول: هذه الأمور التي تطلبها هذه الأخت حقيقة ليست غريبة، فإن هذا مع الأسف الشديد حال كثير من الأخوات العاديات؛ لأنه يبدو أن هذه الأخت ليست ملتزمة الالتزام الكافي وليست طالبة علم شرعي كما أنك كذلك، وأيضاً لا تعرف أحكام هذه الأشياء، وهي تأخذ بالعادات والأعراف والتقاليد، فهي تطبق عادات الناس لكنها لا تطبق شرع الله تعالى، وهذه حقيقة في حد ذاتها ثغرة؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام أوصاك بقوله: (فاظفر بذات الدين تربت يداك).

كونها ذكية وكونها متفوقة، هذا لا يقدم ولا يؤخر بالنسبة لك كزوج، أنت تريد امرأة مطيعة، أما أن تكون امرأة عبقرية ولكنها لا تطيع فهذه ستكون وبالاً عليك، ولذلك أنا أرى – بارك الله فيك – أن تناقشها في هذه المسائل من الآن، وأن تبين لها أن هذه الأمور أنت لا تقبلها ولا تريدها، فمثلاً موضوع النقاب: قل لها: (أنا أريد امرأتي تكون منتقبة، لأني لا أحب أن ينظر أحد إلى وجهها، وأنا رجل أغار على عرضي. والأمر الثاني أنه فيما أعتقد أنه شرع الله تعالى)، وحاول أن تتناقش معها وأن تأتيها بالأدلة أو الكتب التي تُبين لها حكم النقاب، حتى لا يكون الأمر إكراهاً أو إجباراً إنما يكون على قناعة واختيار.

وموضوع العمل أيضاً، قل لها: (العمل إذا كانت له ضرورة فلا مانع أن تعملي، وإذا لم تكن هناك ضرورة فلن تعملي)، وبيِّن لها متى يجوز لها أن تعمل ومتى يجوز لها ألا تعمل، فإن عمل المرأة في الإسلام جائز ولكن بشروط، فإذا كانت هذه الشروط متوفرة فلا مانع من العمل، أما أن تخرج المرأة لمجرد العمل أو لمجرد الخروج فهذا ليس من الإسلام في شيء، وإنما المرأة تخرج لتعمل إذا كان لا عائد لها وإذا كان دخل زوجها ضعيفاً أو إذا كان لديهم أولاد كثر وهو لا يستطيع أن يكفيهم براتبه وحده أو دخله وحده، فلا مانع أن تعمل المرأة بشرط أن يكون العمل غير مختلط وبشرط أن يكون العمل عملاً مشروعاً في أساسه، يعني لا تعمل مثلاً في فندق يقدم خموراً أو غير ذلك، ولا تعمل مثلاً في بنك ربوي، هذه ضوابط عامة موجودة بالنسبة لعمل المرأة، فإذا وُجدت هذه الظروف فلا مانع أن تعمل، أما إذا لم توجد فلسنا في حاجة إلى عمل.

وكذلك موضوع السيارة أيضاً له دواعيه: إذا كان هنالك حاجة للسيارة فنأتي بالسيارة، وإذا لم يكن هناك حاجة فلا نأتي بالسيارة، فمثلاً إذا كانت ظروف العمل لا تسمح بقضاء الحوائج، أو عندها أبناؤها تريد أن توصلهم مثلاً إذا لم يكن هناك وسيلة مواصلات رسمية، أو عندها حاجات... فهذه المسائل كلها مسائل ليست إلزاماً وإنما هذه مسائل يمكن أن تناقش في حينها.

وأهم شيء أتمنى أن تكون حريصاً عليه الدين، لأنك الآن لم تتكلم عن دينها – بارك الله فيك – وإنما ذكرت أنها ذكية وأنها متميزة وأنها متفوقة في دراستها، وهذه كما ذكرت لك ليست من عوامل النجاح، وإنما هذه عوامل تؤدي إلى نوع من التفاهم ولكن قد تكون مزعجة أيضاً إذا لم يكن هناك قاعدة تنطلقان منها وهي قاعدة الدين، فإذا كانت الأخت متدينة وتحب الله ورسوله وحريصة على حضور الدروس الدينية – كما تفعل أنت – وأيضاً عندها حسِّ إيماني وحسِّ دعوي فتكون - بإذن الله تعالى – مطيعة لك ومعينة لك على طاعة الله.

أما إذا كانت فتاة دنيوية كغالب الفتيات الآن وليس عندها هم للإسلام إلا مجرد العواطف وليس عندها استعداد أن تقدم شيئاً لدينها، فستتعبك حقيقة جدّاً، ولذلك أنا أتمنى أن تناقش معها هذه الأمور بالطريقة التي ذكرتها لك، ثم بعد ذلك – بارك الله فيك – حاول أن تحثها على حضور الدروس الدينية وعلى تعلم العلوم الشرعية، على الأقل المتعلقة بالحياة الزوجية (كيف تكسبين زوجك)، (كيف تكونين زوجة ناجحة)، (كيف تكونين أمّاً مثالية)، (كيف تدفعين زوجك للنجاح)، وأيضاً يوجد كتاب اسمه (آداب الحياة الزوجية) وهذا الكتاب لمؤلف اسمه سعيد أبو عزيز، إصدار المكتبة التوفيقية بالقاهرة يباع في المكتبات العامة، هذا الكتاب أو غيره من الكتب التي تتكلم في الحياة الزوجية بشرط أن تكون لديها خلفية كاملة ووافية عن حقوق الزوج على زوجته وحقوق المرأة على زوجها، وعن طبيعة الحياة الزوجية؛ لأن بعض الناس يكتفون فقط بمجرد العواطف وأنها تحبه حبّاً شديداً وهو يحبها، وماذا تحب وماذا تكره، وماذا تفضل من الألوان، ولكن ما عندهم أي فقه لهذه الحياة، فالحب وحده لا يكفي لإنجاح الحياة الزوجية حقيقة - وهذا من واقع التجربة – وإنما بعلم كافٍ بهذه الحياة لأنها عبادة وكل عبادة لابد لها من أركان وشروط وواجبات.

إذن أقول: ناقش معها هذه المسائل، فإن قبلت هذا الطرح الذي ذكرته لك فبها ونعمت وتوكل على الله، وأعنها أنت بنفسك على طاعة الله، وإذا لم تقبل هذه المسائل وتقول (هذه مسلمات عندي لن أتنازل عنها) فأرى أن تعيد النظر في موقفك، وأسأل الله تبارك وتعالى أن يوفقك لكل خير، وأن يشرح صدر هذه الأخت لقبول هدي نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ولأن تكون عوناً لك على طاعة الله ورضاه، إنه جواد كريم.

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً