الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عقار (السيروكسات) وعلاقته بتغير شكل العينين

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

جزاكم الله كل خير على هذه الخدمة، وجعلها الله في ميزان حسناتكم.

منذ عشر سنوات أصابتني حالات من الخوف والوسواس من المرض والموت، وذهبت إلى طبيب نفسي فأعطاني علاج سيروكسات + ليديوميل، ولكني لم أستطع ترك هذا العلاج حتى بعد الخطة التي وضعها لي الطبيب، وهي التدرج، وحاولت تركه بنفس طريقة التدرج ولكني لم أستطع! وأصبحت تأتيني حالات خوف شديد من كل شيء عند تركه حتى ليوم واحد، الآن أصبح يؤثر على شكلي وعلى عينيَّ بشكل واضح، أصبحت عيناي متسعة الحدقة، غريبة الشكل، وخاصة بعد الاستيقاظ من النوم مباشرة.

هل السيروكسات هو المسبب للتغير في شكلي أم الليديو ميل؟ وما العلاج المناسب لحالتي أو العلاج الذي لا يؤثر على شكل عينيَّ ويؤدي نفس مفعول هذين العلاجين؟

أرجو الرد لأني في حيرة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ دلال حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه بالنسبة لعدم مقدرتك للتخلي عن عقار زيروكسات Seroxat وعقار لوديوميل Ludiomil، فلا أعتقد أن ذلك ناتج من أنك أصبحت مدمنة لهذين الدواءين.

أعتقد أن الخوف الوسواسي لديك من أن الأعراض سوف ترجع هو الذي جعلك تكوني مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالدواء وتجدي صعوبة في التخلص منه، ويعرف أن الكثير من الذين يعانون من المخاوف والوساوس القهرية والمخاوف المرضية يكون لديهم ما نسميه بالقلق التوقعي، أي أنهم دائماً يعيشون تحت الخوف والتهديد من أن مخاوفهم سوف تتحقق، أو سوف يحدث نوع من المكروه، وهذا الشعور بعدم الطمأنينة والقلق والتوتر هو الذي نحاول دائماً أن ننصح الناس بأنه من الضروري ألا يخاف الإنسان لشيء لم يقع ولم يحدث، لابد أن تكون هنالك نوع من الرياضة الذهنية أو ما نسميه بالتغيير المعرفي الذي يقوم على مبدأ المخاطبة الذاتية، أن أخاطب نفسي، أن أسأل نفسي، أن أحاور نفسي، أن أحاول أن أضع الأمور في قالبها الصحيح وأخضعها لقوانين المنطق (لماذا أخاف من شيء لم يحدث؟)، وهذا السؤال إذا أجبنا عليه إجابة صحيحة بعد التمعن فيه يساعدنا كثيراً في التخلص من القلق والخوف عما سوف يحدث مستقبلاً.

العلاج الدوائي أيضاً يحتاج دائماً للتدعيم بالعلاج السلوكي، والعلاج السلوكي يعتمد على تغيير السلوك، بمعنى أن نواجه مصادر الخوف، وأن أحقرها وأن أستبدلها بأفكار مخالفة وأن أقضي على كل الفكر السلبي الغير منطقي وأجعل في مكانه الفكر الإيجابي، وإذا نظرت في حياتك سوف تجدي - إن شاء الله - أن هنالك أشياء طيبة تستحق منك الانتباه وتستحق التعايش معها، فأرجو أن تنتهجي هذا المبدأ أيضاً.

أرجع لأتحدث عن الدواء فأقول: لا أعتقد أن الدواء يسبب أي نوع في تغيير مظهر الإنسان، فالزيروكسات واللوديوميل قد يؤديا إلى زيادة في الوزن نسبياً، واللوديوميل حين يتم تناوله بجرعات كبيرة ربما يؤدي إلى ظهور تشنجات بسيطة وتكون التشنجات خفية في بعض الأحيان أو قد تظهر في اليدين أو في الوجه، ولا أعتقد أن هذا العرض أو هذا الأثر قد حدث لك.

هذه الأعراض التي ذكرتها أعتقد أنها أصبحت تمثل لك نوعاً من القلق الجديد، وهذا يجعلني أن أنصحك بالتوقف عن اللوديوميل، ثم بعد ذلك التوقف عن الزيروكسات، واستبدال الدوائين بعقار واحد مثل عقار يعرف تجارياً باسم (زولفت Zoloft) أو (لسترال Lustral) ويسمى علمياً باسم (سيرترالين Sertraline)، فهو من الأدوية المتميزة والفعالة جدّاً لعلاج الخوف والوساوس والمخاوف المرضية بجميع أنواعها.

بعد التوقف مباشرة عن الزيروكسات يمكنك أن تبدئي في تناول الزولفت بجرعة خمسين مليجراماً ليلاً، وتستمري على هذه الجرعة لمدة شهر، ثم بعد ذلك تُرفع الجرعة إلى مائة مليجراماً (حبتين) في اليوم، وتستمرين عليها لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك تخفضين الجرعة إلى حبة واحدة في اليوم، وتستمرين عليها لمدة عام، ثم يمكنك التوقف عن الدواء.

وحتى تتمكنين من التوقف عن الدواء لابد أن تدعمي ذلك بالبرامج العلاجية السلوكية، ويا حبذا لو تواصلت مع إحدى الأخصائيات النفسيات وليس طبيباً نفسياً؛ لأن الأخصائية النفسية سوف تساعدك كثيراً فيما نسميه بالدعم النفسي، فهي تستطيع أن توفر لك ذلك، وفي نفس الوقت تساعدك كثيراً لأن تبني نوعاً من السلوك الجديد حيال أعراض الوساوس والمخاوف.

التعديل السلوكي مطلوب وهذا يتم بإرادة الشخص نفسه، ولكن قطعاً التواصل مع أخصائي نفسي يعتبر وسيلة أفضل لتثبيت دعائم التحسن والتقدم العلاجي حتى تصلي إلى درجة رفيعة من الصحة النفسية - بإذن الله تعالى -.

أرجو أن أنبهك بأن تعيشي حياتك طبيعية بقدر المستطاع بأن تكوني فاعلة على النطاق الأسري والنطاق الاجتماعي، ولا تتركي أي مجال لهذه المخاوف لتسيطر عليك وتفقدك فعاليتك؛ لأن هذه إذا حدثت – أي فقدان الفعالية – نعتبرها علة أكبر من المرض نفسه.

أسأل الله لك الشفاء والعافية، والتوفيق والسداد، ونشكرك على تواصلك مع استشارات إسلام ويب.
وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً