الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية علاج الأفكار التشاؤمية والسوداوية التي تأتي في الصباح

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شاب عمري 20 عاماً، أتمتع بمكانة راقية في المجتمع ولله الحمد، ولكن لا زال هناك عائق أمامي من بين المشاكل الكبيرة التي واجهتني في مقتبل عمري، ومشكلة واحدة يبدو أنني عجزت عملياً عن التخلص منها بشكل سريع، وهي باختصار:

أنني أصحو في الصباح دائماً بنفسية مقيدة جداً، وبأفكار سيئة لا أستطيع التخلص منها بسهولة إلا بالدعاء، فما الطريق والوسيلة الصحيحة التي أصل بها إلى حد الاستواء النفسي، بحيث أكون بنفس المشاعر، سواء كان ذلك في النهار أو في الليل أو في الصباح أو بعد النوم أو غيره، بحيث يصبح لديَّ مشاعر إيجابية واحدة في أي وقت، وليست مشاعر مرضية، وتثبت هذه المشاعر وتصبح متأصلة في نفسي؟

مع العلم أنني كنت أعاني من مرض الفوبيا الاجتماعية، والعزلة النفسية، والعديد من الأمراض والعقد النفسية، ولكن قهرتها بالدعاء! وذلك الفضل من الله بعدما عجزت عن حلها بأفضل الطرق وأقواها.

وأنا الآن أُمتع بصحة ومرونة نفسية وشجاعة رائعة جداً، ما كنت لأحوزها لولا فضل الله علي بعد توبتي، ودمتم ذخراً للدين.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خليل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن الأفكار التشاؤمية في الصباح والشعور بالسوداوية وعدم الانطلاقة نحو الحياة دليل على وجود اكتئاب نفسي، أرجو ألا تنزعج لذلك أبداً، ولكن يعرف أن الاكتئاب النفسي يضرب ويظهر - كما يقولون – في شكل نوع من الكدر الصباحي، وهذا غالباً ما يكون نوعاً من الاكتئاب النفسي البيولوجي، وأعني ببيولوجي: أن المرسلات العصبية الموجودة في الدماغ يكون فيها نوع من الاضطراب، وهذا يقودنا بأن نقول لك: بأن العلاج الدوائي يعتبر أيضاً علاجاً ضرورياً في حالتك، وذلك بجانب الدعاء، وبجانب عزيمتك القوية وهمتك العالية، والتي حقيقة أشكرك عليها كثيراً، فمن الواضح أن المزاج العلاجي لديك مزاج جيد، وهذا يدعونا دائماً إلى التفاؤل؛ لأن الإنسان حينما تكون خارطة تفكيره قائمة على الإصرار على التحسن، وعلى التفكير الإيجابي، والقضاء على الأفكار السلبية، هذا في حد ذاته يعتبر من أهم المكونات العلاجية.

وأود أن أقترح لك أن تتناول أحد الأدوية الفعالة والجيدة، والتي إن شاء الله تعالى تساعد في زوال هذا الكدر الصباحي، الدواء يعرف تجارياً باسم (بروزاك Prozac) المشهور، والذي يُعرف باسم (فلوكستين Fluoxetine)، أرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة عشرين مليجراماً (كبسولة واحدة) يومياً، ويفضل أن تتناولها بعد الأكل، واستمر على هذه الجرعة لمدة شهر، ثم بعد ذلك ارفع الجرعة إلى كبسولتين في اليوم، يمكنك أن تتناولها كجرعةٍ واحدة، واستمر على هذه الجرعة لمدة ثلاثة أشهر، ثم بعد ذلك خفض الجرعة إلى كبسولة واحدة (عشرين مليجراماً) يومياً، وهذه هي الجرعة الوقائية التي يجب أن تستمر عليها لمدة أربعة أشهر، ثم تتوقف عن تناولها.

الدواء من الأدوية الفعالة، ومن الأدوية السليمة والتي سوف تفيدك كثيراً بإذن الله تعالى.

بجانب العلاج الدوائي، وبجانب ضرورة استمرارك في الدعاء، عليك أيضاً أن تغير نفسك معرفياً حيال فكرة الاكتئاب الصباحي، بمعنى أنا لا أريد أن يكون هنالك مكوِّناً وسواسياً، فأنت حين تعتقد كل يوم أن هذه الحالة سوف تصيبك، وسوف تحس بهذا الاكتئاب الصباحي، لاشك أنك جعلت نفسك أكثر استعداداً لأن يأتيك هذا الكدر والتفكير السوداوي والانقباض النفسي، فأنا أقول لك: حين تذهب إلى فراشك ليلاً، وتدعو بما شئت من دعاء -وبالطبع لن تنسى أذكار النوم- فقل لنفسك: أنك إن شاء الله تعالى غداً سوف تستيقظ في حالة أفضل، وبعد صلاة الفجر إن شاء الله تعالى سوف تقرأ شيئاً من القرآن، وتتناول الشاي وهكذا.

أي: اجعل لنفسك برنامجاً كله يكون قائماً على فعاليات إيجابية تفاؤلية، ولا تعط أي فرصة للفكر المسبق والقلق التوقعي الذي يشير أنك سوف تصاب بهذه الحالة في كل صباح.

هذا مهم جدّاً، وهذا نسميه بفك الروابط أو القضاء على الروابط؛ لأن الإنسان إذا ربط فكرة معينة بحدث معين، وأعطاها هذه الطقوسية والرتابة، وأنها سوف تأتيه في وقت معين، لاشك أن العامل النفسي يلعب دوراً في تثبيت الفكرة السلبية، فأرجو أن تكون حريصاً على ذلك، وأن تغير نفسك فكرياً حتى تكون أكثر انشراحاً بإذن الله تعالى في الصباح.

أنصحك أيضاً أن تنام مبكراً، فحين تنام مبكراً وتأخذ قسطاً كافياً من الراحة، لا شك أن الراحة الجسدية تؤدي أيضاً إلى الراحة النفسية صباحاً، وعليك أيضاً أن تمارس الرياضة متى ما وجدت إلى ذلك سبيلاً، وتواصل اجتماعياً، وكن فاعلاً وفعالاً وإيجابياً في كل ما تقوم به، لا تنسى أذكار الصباح حين تستيقظ، فهي إن شاء الله تعالى فيها خير كبير لك.

أنا على ثقة كاملة أن حالتك بسيطة، وإن شاء الله تعالى سوف تتبدل نحو الأحسن.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونشكرك على تواصلك مع استشارات إسلام ويب.
وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً