الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أسباب انتشار الأمراض النفسية بكثرة

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، سعادة المستشارين تحية طيبة، وبعد:

زرت مرة من المرات المستشفى ورأيت شخصيات من أعيان البلد من أصحاب الجاه والمال والعلم لدى عيادة الأطباء النفسيين، وسمعت من أحد المقربين من مدير عام المستشفى أن قسم الصحة النفسية يدر دخلاً عظيماً على المستشفى، وأيضاً هناك من أقربائي من أصبح يزور العيادات النفسية.

هل السبب في هذا الضعف والهوان الذي تعانيه الأسر؟ هل السبب ضعف الإيمان؟ هل السبب أقمار الهوت بيرد الفضائية التي تنشر قنوات مجانية للواط والسحاق؟ هل السبب إسرائيل وأمريكا وبريطانيا؟ هل لأن المهدي لم يأت إلى الآن لكي يحل مشاكل أمة محمد صل الله عليه وسلم؟ وهل أقدر كإنسان عادي أن أستوعب السبب؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ س حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فالمرض -أيها الأخ الحبيب- من أقدار الله المؤلمة التي يقدرها على الإنسان تكفيراً لذنبه أو رفعة لدرجاته، وقد قال تعالى: ((وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ))[الشورى:30].

والأمراض النفسية جزء من هذه الأقدار، وقد جعل الله عز وجل لها أسباباً، كما جعل لسائر الأقدار أسبابها، ومن أهم أسباب القلق والضيق النفسي: ضعف الإيمان بالقضاء والقدر، فقد رأينا كثيراً من الناس إذا أصيب بمصيبة في نفسه أو ولده أو ماله نزلت به أنواع الهموم، وامتلأت حياته كآبة وبؤساً، ولو تذكر أن كل شيء بقدر، وأن الله عز وجل قد كتب هذا المقدور قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وأنه لن ينجيه الحذر من القدر، وأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، لو تذكر كل هذا لما وجد ألماً وهماً إذا نزل به المقدور، وقد بين الله سبحانه هذه الحقيقة في القرآن فقال: ((مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ))[الحديد:22-23].

كما أن المعاصي والغفلة عن ذكر الله تعالى سبب لاستحواذ الشياطين على الإنسان وملء نفسه بالهموم والأكدار، فكما أن القلوب تطمئن بذكر الله تعالى فإنها تنزعج وتقلق بالغفلة عن ذكر الله، وبالجملة فإن الحياة الهادئة المطمئنة السعيدة كفلها الله تعالى لمن شغل نفسه بالإيمان والأعمال الصالحات، وبقدر ابتعاد الإنسان -فرداً أو جماعة- عن هذه الوظيفة أصيبوا بقدر ذلك من نكد العيش وغصص الحياة وأسقام النفس.

كما أن الأمراض النفسية قد تكون لها أسباب عضوية في بعض الأحيان، فيستحسن في مثل هذه الحالات مراجعة الأطباء النفسيين الثقات وقد جعل الله لك داء دواء.

صرف الله عنا وعنك أيها الحبيب كل شر، وقدر لنا وإياك الخير، واستعلمنا فيما يرضيه عنا، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً