الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تريث الفتاة والتأكد من محافظة الرجل على الصلاة قبل إتمام الزواج

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فأرجو من الإخوة الكرام تقديم النصيحة لي والدعوة لي بالهداية.
تقدم لخطبتي ابن عمتي، وقد رفضت في البداية لأنني كنت أعتبره غير متدين، كما أن عائلته بشكل عام غير متدينة (فقد كنت أسمع أنه عندما كان في الجامعة كان يمشي مع بنات، وفي إحدى الفترات كان يلبس سلسال ذهب، وبشكل عام لم أكن أتقبله، ولكن أبي وأمي أصرا على الموافقة عليه، وقالا لي بأن نظرتي إليه خاطئة، ولا يجوز أن أحكم عليه بدون معرفته، وبأن رفضي له كبر، ولا يجوز أن أقول: إنني متدينة أكثر منه، وبعد تمسكي بالرفض قالا لي بأن كل هذا كان في الماضي وأنه لا يوجد أي شاب إلا وقد تكلم مع بنت، وقالا لي بأن أجلس معه قبل الخطبة للتفاهم، وقال لي أخي بأنه قد سكن معه فترة من الزمن، وأنه جيد، وأنه ملتزم بالصلاة.
وعندما جاء إلينا وجلست معه (بحضور أخي وعمتي) أخبرته بأن الدين أهم شيء عندي، وقال لي بأن السبب الرئيسي لخطبته لي أنهم قالوا له بأنني متدينة، وقد قال لي بأنه مستعد لأي شيء، إلا أن حالته المادية ليست ممتازة، وأن راتبه قليل بعض الشيء (كحال معظم الموظفين)، فقلت: له إن المال ليس أهم شيء عندي، وما يهمني هو أن يكون حلال، فقال لي بأننا قرايب وتربينا نفس التربية لذلك فهذا شيء مهم بالنسبة له، ولو أراد الحرام فقد تهيأت له فرص كثيرة ولكان غنياً.
وعندما تم كتب الكتاب سأله الشيخ إذا كان يصلي فقال: إنه كان يصلي ولكنه انقطع منذ فترة ووعد بالالتزام بها ثانية.
وبعد الخطوبة وعندما صار يأتي إلينا صرت أحس من آرائه وكلامه أنه ليس للدين أهمية عنده، فمثلاً مرة سألته إذا كان يصلي الفجر حاضراً أم لا، فقال لي بأنه لم يصل أي فرض منذ ثلاثة أيام؛ لأن الماء كان مقطوعاً عندهم والماطور لا يشتغل، ومرة قلت له بأنني في حفلة العرس سأختار فستاناً يكون معه غطاء للرأس، فرفض وقال بأنه يوم واحد ويجب أن نفرح به، إضافة إلى أن أسئلته غريبة، فمثلاً مرة سألني إذا كنت مارست العادة السرية أم لا؟ فقلت له: كيف تسألني عن شيء حرام؟ فقال: إنه فقط يريد أن يسأل.

والمشكلة الأكبر أنه فقد وظيفته فقلت له: ابحث عن غيرها والله هو الرزاق، وله مدة يبحث ولم يجد فذهب أبي وعمه إلى أحد المعارف ليدبرا له وظيفة في أحد البنوك، وعندما قلت لأبي: إن العمل في البنوك الربوية حرام.. قال لي: إنه لن يتعامل في الربا فهو مجرد محاسب وسيأخذ أجراً على عمله، كما أنك تستلمين راتبك من البنك فهو إذن حرام وتستخدمين الصراف الآلي، فقلت له: بأنهم يأخذون من راتبي بدل تقديم هذه الخدمات ولا يأخذون رباً، أما هو فسيتعامل مع عقود الربا، لكنه لم يقتنع برأيي، فصرت أدعو أن لا يحصل على هذه الوظيفة.
وبالنسبة له فقد قال لي بأنه قد قدم أوراقه في السفارة الأمريكية لعله يتوفق في الذهاب هناك، فقلت له: كيف تذهب إلى بلد كافر. قال لي بأن فكرتي عنهم غير صحيحة، وأن المسلمين هناك أكثر التزاماً من الذين هنا، وعندما قلت له يقدم في إحدى الدول العربية قال: إنهم يعاملون العرب القادمين إليهم كالخدم وأنهم يحتقرونهم، إضافة إلى أن رواتبهم لم تعد تستحق الغربة لأجلها.
وعلى كل حال فإنه سوف يحاول البحث عن وظيفة هنا أفضل للجميع.
أنا الآن في حيرة من أمري ولا أعرف ماذا أفعل هل أنا حقاً غير واقعية؟ وهل هو حقاً غير ملتزم؟ (فأنا أحياناً أشعر بأنه لو كان في بيئة ملتزمة لكان ملتزماً ولكنه متأثر بمن حوله) وإذا كان فعلاً كذلك فهل أطالب بالإنفصال الآن قبل الدخول؟
فأنا أخشى إذا أتممت الزواج أن يؤثر على ديني (والصراحة أنني لست ملتزمة كثيراً للأسف، ومنذ فترة أحس بضعف في إيماني وتقصيري في إتمام العبادات عما كنت قبل ذلك)، وقد كنت أتمنى أن أتزوج رجلاً متديناً ولكن أبي لا يحبهم ويقول بأنهم لا يريدون إقامة الدين كما يدعون، وإنما يستغلون عاطفتنا الدينية للوصول إلى غاياتهم.
أعلم بأني أطلت عليكم كثيراً فسامحوني وأعينوني بالنصيحة والدعاء.
وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الأخت/ أنسام الفاضلة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك.

نسأل الله أن يثبتك على الهدى والصلاح، وقد أسعدني اهتمامك بدين الخاطب وحرصك على أن يكون الدين هو مقياس القبول أو الرفض، وهذا توفيق من الله، لأننا في زمان أصبح كثير من الناس ينظر إلى جيب الخاطب وأملاكه لا إلى دينه وإخلاصه، وجزاك الله خيراً على حرصك على الطعام الحلال.
لكن الإنسان الملتزم عليه أن يتواضع لمن يقدم له النصيحة حتى لا نعطي الشيطان فرصة، وخاصة إذا نصح الإنسان من هو أكبر منه سناً، أو نصحت المرأة لزوجها فعليها عدم إظهار الأستاذية واحتقار العصاة.
ونقدر بهذا الخاطب إقراره بأن محافظته على دينك هو سبب تقدمه لخطبتك وهذا دليل على أن فيه بذرة خير يجب أن تحرصي على تنميتها وشجعي حرصه على طلب الحلال.
وأرجو أن تتريثي قبل إتمام الزواج حتى تتأكدي من محافظته على الصلاة والتزامه بأحكام الإسلام خاصة أمر الحجاب، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، والإنسان يبدأ حياته الزوجية بالطاعة لا بالمعاصي فللمعصية شؤمها وآثارها المدمرة .
ولا تنسي أنك مطالبة بإرضاء والديك، وبيني لهم أن قصدك من هذه الملاحظات هو الالتزام بهذا الدين الذي شرفنا الله به، وأنك لا ترفضيه إذا حرص على صلاته ودينه، واجتهدي في نصحه بالتي هي أحسن.
وأرجو أن تصبروا حتى يجد وظيفة لا شبهة فيها، وهذا أمر في غاية الأهمية وبالنسبة للسفر لبلاد الكافرين فلها ضوابط ومن أهمها أن يكون للإنسان وعي إسلامي يحميه وورع يردعه عن الشهوات، وأن تكون هناك ضرورة تستدعي السفر إلى ديار الكافرين، ولاشك أن المرأة لها تأثير كبير على الرجل إذا كانت ملتزمة حقاً وحريصة على طاعة الله، وأرجو أن ندعو جميعاً له بالثبات والهداية.
وعليك بالدعاء واللجوء إلى الله والاستخارة قبل إتمام هذا الزواج، واحذري من التقصير في أداء العبادات، واسألي الله أن يقدر لك الخير حيث كان .
وعليك أن تحرصي على مضاعفة البر والاهتمام بوالديك حتى يشعرا بأثر الدين عليك ويصححا فكرتهما عن أهل الدين والصلاح.
والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات