الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حق زوجة الأب والموقف من الأخ المسيء إليها بعد إحسانها إليه

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..وبعد:

مشكلتي عائلية.

قام والدي بتطليق والدتي بناءً على طلبها، فهي لم ترض بالعيش مع والدي، وكانت ظروفه في ذلك الوقت صعبة من الناحية المادية، وهي كانت لها تطلعات وطموحات، وبعد تطليقها منه تزوجت من رجل غني وسافرا إلى الخارج تاركة وراءها ولديها: أخي وكان عنده (7) سنوات، وأنا وعمري (4) سنوات.

لم يلبث أن تزوج أبي بزوجته الآن، وقامت هذه السيدة بتربيتنا أحسن تربية، وكانت تحبنا، ولم أحس أنا أبداً أنها زوجة أبي بل كنت أحس أنها أمي وأقول لها: يا ماما، وكذلك أخي، وكم سهرت علينا عند مرض أحدنا وكم وفرت لنا كل أسباب الراحة لكي ننجح في دراستنا، خاصة أنها لم يرزقها الله بأولاد من أبينا.

كنا أسرة سعيدة إلى أن دخل أخي كلية الشرطة وجاءت عمتي من إجازتها من السعودية وهي أيضاً لم تنجب، وجاءت ومعها الأموال الكثيرة، ثم أخرجت معاشاً وزادت أموالها، وتخرج أخي من الكلية وعين ضابطاً في المدينة التي تسكنها عمتي، ومن هنا بدأت المشاكل.

أمطرت عمتي أخي بأموالها، وكل ما يطلبه منها كانت تحققه له من أفخم الملابس والسيارة وغيرها.

ثم عاد أخي إلى مدينتنا وأصبح إنساناً آخر، الطمع أعماه، طلباته لا تنتهي، والمفروض أن نقوم كلنا بخدمته كما كانت تقوم عمتي، وتدرج في المناصب وزادت سطوته وطلباته، وأصبح لا ينادي والدتي (زوجة أبي) إلا بـ(يا أنتي)، لا (يا ماما) ولا شيء آخر بناءً على كلام عمتي: (نحن يا أخي من دم ولحم واحد وهي غريبة)، وأصبح ملكاً لكلام عمتي سامحها الله لما تعطيه له، وبدأت المشاكل في بيتنا بينه وبين زوجة أبي.

وتخرجت أنا من كليتي وأصبحت مهندساً كيماوياً، وعملت في مهنة بسيطة بمرتب بسيط، ولكني -والحمد لله- أراعي حق الله في أعمالي وأحاسب نفسي قبل أن يحاسبني الله، وبر بوالدتي التي ربتني وبوالدي وأحاول أن أسعدهما دائماً.

في يوم من الأيام كنا عند إحدى أقاربنا فاشتكت والدتي لها من أخي وطلباته المستمرة وأنانيته وحبه لنفسه فقط واستغلاله المستمر لنا، والدنيا أخذ وعطا ولكن عنده أخذ فقط، وشتمته هو وعمتي حيث إنها السبب لما وصل إليه، ولكنها كانت ما زالت تحبه، فكل أم تشتكي من أحد أبنائها عندما يكون مخطئاً ويمكن أن تشتمه، ولكن أقاربنا قاموا بتوصيل كل الكلام وزيادة عليه إلى عمتي وإلى أخي، ومن هنا بدأت الحرب.
تطاول أخي على والدتي بالقول وكاد يصل إلى الفعل لولا تدخل أبي، ومن ذلك اليوم وهي تكرهه كرهاً شديداً ولم ينفع تدخل والدي وأنا للصلح بينهم، فالكراهة اشتدت بينهم إلى درجة لا ينفع فيها الصلح.

والآن قد اختارت عمتي فتاة لأخي واشترت له الشبكة وكل متطلبات الزواج، واشترت الشقة المواجهة للشقة التي أعطاها أبي له، وقام أبي بتجهيز الشقه له.

هو -يا فضيلة الشيخ- لا يدفع من جيبه أي شيء، كما علمته عمتي استغلال من حوله حتى ولو كان معه مال، ففلوسه لنفسه فقط وكفاية علينا مركزه وأنه يشرفنا بها.

فرحه الشهر القادم، وسيعمله في مدينة عمتي حيث أهل عروسته الذين لا يعلمون أي شيء عن والدتي، أليست التي ربته ثم تطاول عليها؟! ولم يسألوا عنها، والله أعلم ماذا قال عنها هو أو عمتي لهم.

المهم أنه لن يعزم أمه في فرحه، والمفروض أن أسافر أنا وأبي فقط حسب التعليمات دون والدتي والتي ستبقى لوحدها في هذا اليوم، وهي عندها الضغط، والله أعلم ماذا يمكن أن يحدث لها في هذا اليوم إذا بقيت لوحدها في مدينتنا وسافرنا نحن، وهذا ما أخشاه.

والسؤال الذي أريد إجابة له هو:
هل تعتبر زوجة الأب مثل هذا المثل في قصتي بمقام الأم من حيث الدين والشريعة والسنة في بر الوالدين؟

وهل غضبها من الكبائر؟
وهل إذا بقيت معها ولم أذهب لفرح أخي والذى سيترتب عليه قطع صلة الرحم بيني وبينه، وبين أهلي الذين هم تبع لعمتي، والتي تتحكم فيهم لما تملكه من نفوذ المال معها والسلطة في أخي؟

ولكن أنا خائف على والدتي أن يحدث لها شيء في ذلك اليوم، وأي الضررين أخف؟ أنا محتار يا فضيلة الشيخ!

والله! أنا برغم ضعفي وقلة إمكانياتي لا أخاف من أخي وسطوته أو عمتي ونفوذها، فأنا لا أخاف إلا الله وأعامل الله.
آسف لطول رسالتي.
وجزاكم الله كل خير ونفع بكم الأمة الإسلامية.

الإجابــة

بسم الهل الرحمن الرحيم.
أخي/ جودة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد:

إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك (استشارات الشبكة الإسلامية)، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم نحن سعداء وفي غاية السعادة باتصالك بنا، وبموقفك المشرف الذي يدل فعلاً على أن الخير باق في هذه الأمة إلى يوم القيامة، ونسأل جل جلاله وتقدست أسماؤه أن يبارك فيك وأن يكثر من أمثالك، وأن يثبتك على الحق، وأن يهديك صراطه المستقيم وأن ييسر أمرك، وأن يوسع رزقك، وأن يجعلك من خاصة عباده وصفوة أوليائه، وأن يرزقك بر أولادك بك في الدنيا والآخرة.

بخصوص ما ورد برسالتك: فنحن جميعاً فخورون بك وبموقفك الرائع النبيل الذي ينم عن مدى إكرام الله لك بحسن الخلق، وتلك نعمة عظمى؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا قائلاً: أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً)، فالحمد لله أن حباك هذه النعمة التي جعلتك وفياً لهذه المرأة المباركة التي أعطتكم بلا حدود واعتبرتكم بحق أولادها.

وللإجابة على أسئلتك الواردة برسالتك إليك ما يلي:

1- نعم إن زوجة الأب البارة المحسنة تعتبر في مقام الأم شرعاً ويجب برها والإحسان إليها كالوالدة .
2- نعم غضبها كغضب الأم ورضاها كرضا الأم.
3- أنصح أن تتوسط في الأمر، فإن استطعت أن تعتذر من أخيك بطريقة لطيفة وقبل عذرك فابق معها، وإلا فاطلب منها أن تأذن لك في حضور عرس أخيك على ألا تطيل الغيبة عنها حتى لا تشعر بالفراغ الذي يسبب لها الحزن الذي تخافه عليها.
4- حاول الإصلاح مرة أخرى، واستعن ببعض أهل الخير لعل الله أن يكلل جهودك بالنجاح وتوفق في ذلك ويكون لك عند الله أجر شهيد بالإصلاح بين هذه الأسرة.
مع تمنياتنا لك بالتوفيق والسداد والسعادة في الدنيا والآخرة.
وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً