الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الشك وكيفية التخلص منه، من أسباب الهداية؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أشكركم على الموقع
سؤالي الأول
أنا إنسان شكاك أحياناً. لماذا؟

سؤالي الثاني:
كيف أزرع الهداية في قلبي؟ علماً بأنني أعلم الكثير عن الآخرة وعذاب القبر، أسمع الأشرطة الدينية وعن سكرات الموت، ولدرجة كنت من يومين في زيارة للقبور كي أتعظ ولكن قلبي متحجر كما هو... لماذا؟

ملم بكثير من أمور الدين والدنيا، حاولت بالاستغفار ..بقراءة القرآن، بإقناع نفسي أن الدنيا متاع والآخرة دار القرار، فما الحل؟

أنا إنسان مثقف، واع، عاقل، واثق من نفسي، لو دخلت يا شيخي الفاضل في قلبي لوجدت ألا أثر لمتاع الدنيا أي لا تهمني كثيراً.

أصلي كثيراً وأقطع قليلاً، أخاف من الموت، وعندي بعض الأنانية وحب الذات.

أغضب ربي في أمور ليست بقليلة، أحب حياة الصالحين وأنا والحمد لله أحسن اختيار الصالحين لكي يكونوا أصدقائي، والجميع يحبني، ولساني جميل مع الناس، أحترم الجميع، عندي ثقة كبيرة في نفسي ولكن أعلم بالدين ولا أعمل به على الوجه الأكمل، أي أنه أعمل بالدين لكن يوجد ثغرات يدخل منها الشيطان إلى داخلي.

ساعدني يا شيخ موافي الفاضل في أن يهديني الله ويثبتني على الهداية وكيف أجعل سلوكي لكي أقنع وأقتنع من داخل قلبي.

ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الكريم الفاضل/ محمود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا دائماً في أي وقت وفي أي موضوع، ونشكرك على ثقتك بالموقع وتقديرك لجهوده، ونسأله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يهديك صراطه المستقيم، وأن يقيك شر نفسك وشر شياطين الإنس والجن، إنه جوادُ كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك: فأنا أتصور أنك بالغت في وصف حالتك إلى حد ما؛ إذا أنني أرى أمامي شخصية طبيعية محترمة على قدر من الوعي والإدراك ليس بالقليل، وكلها صفات تبشر وتدعو إلى التفاؤل والأمل في سرعة التغيير والاستجابة لأي توجيه، ودعني أبدأ معك الرسالة من أولها واعطني عقلك وقلبك للحظات.

1- موضوع الشك: أتصور أنك مبالغ في عرضه واعتباره مشكلة، وأخاف أن تكون الأمور مختلطة عليك، فالحرص والحذر ودقة التأكد والانتباه، وإرهاف الحواس، وعدم أخذ الأمور إلا بعد تمحيصها، قد يكون ذلك شكاً عند البعض وأمراً طبيعياً عند البعض، وأخشى أن تكون أنت قد حدث لديك بعض الخلط في هذا الأمر، وإلا فالشك إذا أدى إلى إزعاج النفس وتألمها وعدم الثقة في شخص معين أو في الناس جميعاً، واتهامهم بما ليس فيهم، فهذا بلا شك شيءٌ غير طبيعي، وتحتاج إلى وقفة لدراسة أسبابه وظواهره ودواعيه، فإذا عرف السبب بطل العجب، وأعتقد أنه بمقدورك معرفة أسباب هذه الحالة عندك، ومحاولة التخلص من هذه الأسباب والقضاء عليها، خاصةً مع استعمال الدعاء والإلحاح بشدة على الله أن يعافيك من ذلك، وأن تكون لديك القناعة من أنك قادر دون مساعدة أحد بعد معرفة الأسباب وتحليلها أن تتخلص من ذلك بنفسك، خاصةً وأن لديك ثقة كبيرة بنفسك، وهذا هو أهم عامل من عوامل النجاح أن تكون على قناعة من قدرتك على مواجهة نفسك بنفسك، وعدم الاستسلام لمثل هذه الأمور الطارئة، والتي أصلاً يصعب التخلص منها، فإذا لم تتمكن من ذلك بنفسك أو بالاطلاع على بعض المراجع، فيمكنك زيارة أي أخصائي نفسي لمساعدتك في التخلص من ذلك، وهذا أمرٌ سهل جداً يكفى فيه جلسات الاستماع فقط، ولا يحتاج إلى أي علاج دوائي أو جراحي، ولا تستحي من ذلك، فأنت تنقذ نفسك من نفسك، وتحاول مساعدتها أن تكون طبيعية ومستقرة.

2- وأما عن موضوع زرع الهداية في قلبك، فكما لا يخفى عليك أن الهداية بيد الله وحده، ولذلك قال سبحانه: (( مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي ))[الأعراف:178] إلى غير ذلك من نصوص القرآن، ومن السنة قوله: ( اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق ) وقوله: (اللهم اهدني فيمن هديت) وقوله: (للهم ألهمني رشدي وأعذني من شر نفسي) إلى غير ذلك من نصوص السنة، فالهداية منحة من الله وحده، ولقد أمرنا أن نسأله إياها، وذلك كقوله تعالى في سورة الفاتحة: (( اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيم ))[الفاتحة:6]، إلا أن لاكتسابها والحصول عليها أسباب:

1- من أهمها الدعاء كما ورد في السنة.

2- مجالسة الصالحين وطلبة العلم.

3- قراءة سير السلف الصالح وأحوالهم في الطاعة والعبادة والاستقامة على الدين.

4- قراءة كتب الرقائق وتزكية النفس، مثل كتب الإمام ابن القيم، والإمام الغزالي، ومختصر منهاج القاصدين، والبحر الرائق للشيخ أحمد فريد، وغير ذلك من كتب الرقائق.

5- مواصلة الأعمال التي تقوم بها حالياً، فهي من أعظم وسائل المحافظة على الهداية.

6- ربط نفسك ببرنامج طلب علم مستمر وقوي مع بعض الدعاة، أو الدورات الشرعية التي تزيد في علمك الشرعي وبالتالي في إيمانك.

7- مواصلة أو زيادة أعمال الطاعة البدنية خاصةً الصيام، وقيام الليل، وزيارة القبور، وعيادة المرضى خاصةً مستشفى العجزة وقسم الجلطات الدماغية وغيرها، وفوق ذلك صدقات السر ولو بصفة يومية بمبالغ بسيطة، فإن صدقة السر تطفئ غضب الرب وتقي مصارع السوء كما في الحديث.

8- أطلب من والديك أو بعض أرحامك خاصة إخوانك الدعاء لك، وأكثر من ذلك، فإن دعاء الوالدين لا يرد، وكذلك الأرحام لدعائهم أثر عظيم في تفريج الكرب، ونحن بدرونا هنا بالموقع نتوجه معك بالدعاء إلى العلي الأعلى أن يزيد في إيمانك، وأن يثبت على الحق، وأن يرزقك برد اليقين، إنه جوادٌ كريم، وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • السعودية أبوبسام

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته موضوع استفدت منه كثير بارك الله فيكم. وجعلكم عون لنا بعد الله سبحانه

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً