الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نصيحة لشاب يخشى العقوق في عمله بشغله تحت إدارة أبيه

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شاب عمري (33) عاماً، متزوج ولدي طفلان، وأعمل في نفس الشركة التي يعمل بها أبي، فهو مدير إدارة وأنا مساعده.

أبي مشكلته أنه عصبيٌ جداً، ويثور لأتفه الأسباب، وفي العمل هو دائم العصبية معي، ولا يتحمل أية مناقشات، وإذا نوقش فدائماً لا تنتهي المناقشة؛ لأنه ليس عنده استعداد أن يقنعه أحد بغير رأيه، ودائماً يقول لي: إن كلامي غير مفهوم، وإني لا أستطيع التحدث أبداً سواءً في العمل أو في الحياة الخاصة.

المشكلة أن علاقتي به الآن أصبحت سيئة، فهو دائم الشجار معي، ويعلم الله أنه لا توجد مكالمة تليفونية واحدة أو مناقشة وجهاً لوجه إلا وانتهت بشجار، فأضطر أن أقول: (حاضر) وأنسحب، وإذا كانت عصبية أبي مع الجميع فهي معي حساسة؛ لأنها تنعكس على الحياة الأسرية، ولا تقل لي أن أفصل بين العمل والحياة الأسرية لأن ذلك مستحيل.

الآن أريد رأي سيادتكم: هل أترك العمل معه وأبحث عن عمل آخر حتى تخف هذه الحدة؟! لأني أفضل أن يكون أبي وليس مديري، أم ماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ تامر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا دائماً في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل جلاله أن يبارك فيك، وأن يرزقك البر بوالديك، وأن يصرف عنكم كيد شياطين الإنس والجن، وأن يهديكم ويصلح بالكم وحالكم.

وبخصوص ما ورد برسالتك: فكما لا يخفى عليك أن مقام الأبوة عظيمٌ في دين الله، وأن الله قرن حق الوالدين بحقه سبحانه وتعالى جل جلاله في أكثر من موضع في القرآن، ومن ذلك قوله تعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا)[الإسراء:23]، وهذا يستلزم الصبر على أذاهم إلى أبعد الحدود، وتحمل زلاتهم، والعفو عن سيئاتهم، والتماس الأعذار لهم، وعدم الرد عليهم حتى وإن كانوا مخطئين، وإنما المصاحبة بالمعروف، وعدم التأفف أو التبرم أو الضجر أو إظهار عدم الرضا، إلى غير ذلك.

وبناءً على ما سبق أقول لك: إذا كان بمقدورك الصبر على هذه التصرفات فترة أطول فأرى أن تواصل الصبر، وألا تترك والدك، وأن تحتسب صبرك هذا عند الله تعالى، واعلم أنه جل وعلا لن يضيع عملك هذا، وإذا كان صبرك قد نفد، وتخشى أن تسيء معاملته كنوع من رد الفعل، وأنه ليس عندك أدنى استعداد للتحمل أكثر من ذلك، فأرى أن تعتذر له عن الاستمرار في العمل معه، وليكن ذلك بأدبٍ وهدوء، وألا تقول له مثلاً: أنت السبب نتيجة كذا أو كذا، وإنما اعرض الأمر بصورةٍ مقبولة خاصة منه هو؛ لأن ذلك فعلاً أفضل من الإساءة أو قطيعة الرحم أو العقوق والعياذ بالله، ويمكن أن توسط أحداً في عرض رغبتك في ترك العمل معه، على أن يكون هذا الوسيط يتمتع بمكانةٍ طيبة عنده، وعليك بالدعاء لك وله بصلاح الحال والاستقرار والسعادة في الدنيا والآخرة.

مع تمنياتنا لكم بالتوفيق والسعادة والاستقرار في الدنيا والآخرة، وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً