حب العمل للإسلام رغم المعوقات
2005-03-22 10:21:08 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
من نعم المولى علي حبي للعمل من أجل ديني، ومع أني أعلم كيف يمكنني نصرة الدين إلا أنه يوجد معوقات منها:
1. إحساسي بفقداني الشديد لإخلاص النية، وخوفي من مدح الناس والعجب والشهرة، وهذا هو السبب الرئيس لتوقفي عن العمل.
2. عدم وجود من أتعاون معهم من بني جلدتي، ولانتشار الجهل والتفرق والله المستعان.
علماً بأنه من نعم الله علي أن رزقني طلب العلم، وقد وفقني ربي بإصدار مجلة إسلامية باللغة الصومالية، وهي الوحيدة في البلد الذي أعيش فيه، لكنني توقفت مؤقتاً لهذه الأسباب، أفيدونا أفادكم الله.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ بنت الإسلام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فنسأل الله أن يقدر لك الخير، ويسدد خطاك ويلهمنا جميعاً رشدنا، ويعيذنا من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا!
فهنيئاً لك بهذا الشعور الطيب والرغبة العظيمة لخدمة هذا الدين الذي شرفنا الله به، قال تعالى: (( وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ ))[الزخرف:44]، وما من مسلم أو مسلمة إلا وهو مسئول عن نصر الإسلام ونشره، وهذا الإحساس الذي جعل الصحابة الأبرار يتركون مكة والمدينة، رغم أن الأجور مضاعفة والقلوب تهفوا إلى تلك البقاع الطاهرة، وإذا كنت تعلمين ـ ولله الحمد ـ كيف تخدمين دينك فلا تتوقفي عن العمل لخدمة الدين، خاصة ونحن نعاني من الفراغ الكبير في جانب المرأة، وذلك لقلة الداعيات.
وأرجو أن تعلمي أن هذا التوقف عن العمل يسعد عدونا الشيطان، وود الشيطان لو ظفر بمثل هذا، فتعوذي بالله من الشيطان، واجتهدي في نصرة الإسلام، فإن العمل من أجل الناس رياء، وترك العمل من أجل الناس شرك، والإخلاص أن يعافيك الله منهما.
والمسلم يعمل ويجاهد هذا العدو، ويستحضر النية الصالحة، ويسأل ربه الإخلاص، فإن صدق في نيته ومجاهدته لهذا العدو كان في جهاد وطاعة، وهناك أمور تعين الإنسان على إخلاص النية والعمل لله منها ما يلي:
1- الفهم الصحيح لعقيدة التوحيد.
2- الإكثار من صيام التطوع، فإن الله قال في الصيام: فإنه لي وأنا أجزي به، ولا يعلم الصائم حقيقته من غيره سوى الله.
3- الاجتهاد في المحافظة على قيام الليل وصدقة السر.
4- الحرص على إخفاء بعض الأعمال لتكون سراً بين العبد وربه.
5- قراءة سير السلف، فقد كان ابن المبارك ينفق على أسر عديدة في ظلمة الليل، ولم يعرفوا ذلك إلا بعد وفاته، وكذلك فعل ابن تيمية رحمة الله عليه، وعلي بن الحسين رضي الله عنه، وغيرهم.
6- معرفة أن رضا الناس غاية لا تدرك، والعاقل يطلب رضوان الله، فإن فاز بذلك ألقى له القبول فنال ما يريد، قال تعالى: (( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا ))[مريم:96].
7- الاعتراف بفضل الله الذي وهب العقل والعافية والسمع والبصر، ومحاسبة النفس على التقصير في جنب الله، ووضع هذه النعم إلى جوار جرائمنا وتقصيرنا، وعندها سوف تتلاشى مشاعر العجب والخيلاء.
8- عدم الفرح بالشهرة والثناء من الناس؛ لأنهم يشاهدون الظاهر، ولا يعلم ما في القلوب إلا علام الغيوب، وإذا سمع الإنسان من الناس الثناء عليه، فعليه أن يعلم أن ذلك من جميل ستر الله عليه، والعاقل يعرف حقيقة النفس ويستغفر الله على تقصيره.
مع ضرورة ملاحظة أن سبب التوقف قد يكون فيه لون من تزكية النفس أيضاً، فتنبهي لهذا الباب فإنه دقيق وخطير، وأنصحك بضرورة العودة للعمل، ومضاعفة الجهد لإغاظة هذا العدو، وجددي النية في كل لحظة، وحاسبي نفسك وقولي لها: ماذا أردت بكلمتي وبأكلتي وبحركتي؟ فإن الإكثار من المحاسبة يضيق أبواب الشر.
أما عدم وجود من تتعاونين معه فليس عذراً، بل هو دافع لمزيد من الاجتهاد، وأبشري بخاتمة سورة النحل، فإن الله يقول: (( إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ ))[النحل:128]، وقد نصر الله دينه ورسوله يوم كان وحيداً طريداً، ورددها صلى الله عليه وسلم على مسامع صديق الأمة رضي الله عنه: (ما ظنك باثنين الله ثالثهما)، وظل هذا المعنى العظيم قرآناً يتلى: (( إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ))[التوبة:40]، وقال تعالى على لسان كليمه موسى عليه السلام: (( كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ))[الشعراء:62]، فاجتهدي في نشر العلم الشرعي، وخاصة العقيدة والقرآن، وأكثري من الدعاء والتوجه إلى الله، واعلمي أن الإخلاص لا يجده الإنسان إلا بعد جهد ومجاهدة، فأعز شيء في الدنيا الإخلاص، ولكن المؤمن يعمل ويجتهد ويحاول حتى يكون من المخلصين، وقد أشار بعض السلف إلى هذا المعنى فقال: طلبت الإخلاص عشرين سنة ثم رزقته، وبالمحاسبة والمراقبة والمجاهدة ينال الإنسان كل خير.
سدد الله خطاك، وحفظنا وإياك، والله الموفق.