أثر أوجاع المعدة على الخفقان والرهاب الناتج عن المرض الجسدي
2010-08-10 10:34:06 | إسلام ويب
السؤال:
بدأت حالتي بأوجاع في المعدة وحموضة في المريء، وبعد ذلك بدأ الإحساس بالموت، فأصبحت أقلق وأتخوف من الأمراض كالقلب والسرطان، وأصبحت أخاف من الخروج لوحدي بالسيارة، ويأتيني خفقان في القلب، ورجفة، مع أني كنت أخرج بشكل طبيعي إلى أي مكان، لكن الآن أصبحت أفكر في السفر وأخاف من الطائرة، مع العلم أني طالب في الجامعة وقد أخذت (ترماً صيفياً) ولم أستطع الإكمال، ولا أرتاح في القاعة، وأخاف أن أتعب ويصيبني شيء، ومع ذلك أنا أحاول أتخلص من ذلك بالخروج لأماكن قريبة بالسيارة لوحدي، وأخرج مع أصدقائي، ولكن أقلق في الأماكن البعيدة خارج المدينة.
أنا لدي طموح وأهداف بإكمال الدراسة التي أنا فيها، وإكمال الدراسات العليا في الخارج، فأتمنى مساعدتكم في التخلص من هذه الحالة، أرجو إفادتي يا دكتور محمد عبد العليم.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ بدر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فحالتك بسيطةٌ جداً، فقد بدأت بهذه الأعراض الجسدية، من الشعور بالحموضة في المعدة وكذلك الأوجاع، وبعد ذلك أتتك مخاوف حقيقية حول الموت وأمراض القلب والسرطان، ثم تحول الأمر إلى مخاوف حدّت من مقدرتك على التواصل والتفاعل مع الآخرين، وهذه الأعراض أعراض نفسوجسدية، فهنالك مكون نفسي وهنالك مكون جسدي، ولكن السبب هو علة القلق في الأصل، والقلق كثيراً ما يكون مختلطاً بشيءٍ من المخاوف وكذلك الوساوس، وقد ينتج عنه عسر المزاج أيضاً، ولا أريد أن أسميه اكتئاباً، وأعتقد أن الدافعية لديك ممتازة جداً، والطموح لديك واضح، والأهداف لديك واضحة، وهذه من أهم الآليات العلاجية التي يمكن أن يستفاد منها للخروج من هذه الحالة.
أنصحك أيها الفاضل الكريم أن تحقر فكرة الخوف؛ فهذا مهم جداً، والتحقير يمكن أن تصل إليه بمناقشة الأمور مع نفسك، لا تقبل هذه الأفكار المشوهة كمسلمات وتأخذ بها، إنما ناقش نفسك وحاورها، وحين تخضع الأمور إلى منطق حقيقي سوف تجد أن هذه الأفكار لا تستحق كل هذا الاهتمام، ولا تستحق هذه الأفكار أن تستحوذ وتسيطر عليك بهذه الدرجة، إذن القلق والخوف يُطرد عن طريق ما نسميه بالتغيير المعرفي الداخلي، والحمد لله أنت لديك استبصار كامل، والإحساس بالأمراض والخوف منها هذه دائماً نعالجها بإقناع الذات أن الإنسان لن يصيبه إلا ما كتب الله له، وعليك أن تقول لنفسك: أنا الآن في صحة وعافية، فما الذي يجعلني أفكر مثل هذا التفكير؟ واسأل الله الحفظ، وأن يديم لك نعمة العافية.
بالنسبة للموت، تذكره مهمٌ وضروري؛ لأن فيه الكثير من العظة، ولكن يجب أن لا يكون هذا التذكر تذكراً مرضياً وسواسياً، وحين يأتي للإنسان التفكير في الموت بصورةٍ وسواسية يجب أن يحقر هذه الفكرة، وهذه الفكرة تحقر بأن يناقش الإنسان نفسه أيضاً، ويقنع نفسه بأن الموت حق، ولكن الخوف والوسوسة حياله لن تزيد في العمر ثانيةً واحدة ولا تنقصه، هذا هو المبدأ العام لمواجهة المخاوف والوساوس والقلق، وأنت والحمد لله لديك شبكة اجتماعية جيدة، ولديك إخوة وأصدقاء، وتستطيع أن تتواصل معهم، وهذه الرحلات القريبة التي تخرج إليها حاول أن تذهب إلى رحلات أبعد قليلاً، وربما تحس بشيء من القلق والتوتر والمخاوف، ولكن هذا في حقيقة الأمر سوف ينجلي وينتهي حين تكرر من هذه المواجهات، فمواجهة واحدة أو مواجهتين ليست مفيدة، إنما يجب أن يكون هنالك تكرار، ويكون هنالك اقتحام حقيقي لفكر الخوف، وهنالك وسائل تواصلية اجتماعية جيدة تقلل الخوف والرهاب، وتعطي الإنسان الثقة في نفسه، والشعور بالرضا، مثل ممارسة الرياضة الجماعية ككرة القدم، والدراسة مع مجموعة من الأصدقاء.. هذه فيها فائدة كبيرة، أيضاً الاشتراك في أنشطة ذات طابع اجتماعي، وحضور حلقات التلاوة ومجالس العلم والذكر، هذه يا أخي كلها تُشعر الإنسان بالطمأنينة، وتجعله يتواصل اجتماعياً، مما يقضي تماماً على الخوف والرهاب الاجتماعي.
بقي أن أقول لك: إنه سيكون من الجيد أيضاً أن تتناول أحد الأدوية التي يُعرف عنها فعاليتها في علاج القلق والخوف والوساوس، وكذلك الاكتئاب، ومن فضل الله تعالى توجد الآن مجموعة طيبة من هذه الأدوية، ونحن نتحرى السلامة أولاً وبعد ذلك الفعالية، ولذا أقول لك من أفضل هذه الأدوية عقار يعرف باسم زولفت، واسمه التجاري الآخر هو لسترال، وعلمياً يسمى باسم سيرتللين، أرجو أن تبدأ بتناوله، والجرعة المطلوبة في حالتك هي أن تبدأ بـ25 مليجراماً -أي نصف حبة- تناولها ليلاً بعد الأكل، وبعد أسبوعين ارفع الجرعة إلى حبة كاملة، وهذه الجرعة كافية بالنسبة لك، علماً بأن الجرعة القصوى لهذا الدواء هي أربع حبات في اليوم، ولكني لا أرى أبداً أنك محتاج لكل هذه الجرعة، فقط حبة واحدة إن شاء الله كافية، وأسأل الله تعالى أن يجعل لك فيها خيراً كثيراً، استمر على هذه الحبة الواحدة لمدة 6 أشهر، بعد ذلك خفضها إلى نصف حبة ليلاً لمدة شهر، ثم إلى نصف حبة يوماً بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.
الصورة التي وصفنا بها الدواء هي الصورة العلمية الأفضل؛ حيث هنالك جرعة البداية ثم الجرعة العلاجية، ثم جرعة الاستمرارية، ثم بعد ذلك جرعة التوقف تدريجياً، والزولفت بالرغم من سلامته العالية إلا أنه قد يسبب زيادة بسيطة في الوزن، وهذه دائماً تواجه بواسطة التحكم في كمية الأكل، وكذلك ممارسة الرياضة، وبالنسبة للمتزوجين فالزولفت ربما يؤدي إلى تأخير بسيط في القذف المنوي، ولكن هذا الأثر ليس له أبعاد أكثر من ذلك، بمعنى أنه لا يؤثر على خصوبة الرجل أو على مستوى هرمون الذكورة لديه، وهذا العرض هو عرض عابر وليس عرضاً متواصلاً، وفي المدى البعيد ليس هنالك آثار سلبية.
أشكرك أخي الكريم على تواصلك مع إسلام ويب وعلى ثقتك بهذا الموقع، ونسأل الله تعالى لك العافية والشفاء، وكل عام وأنتم بخير، ونسال الله تعالى أن يبلغنا رمضان، وبالله التوفيق والسداد.