آثار التربية الخاطئة بالقسوة على الولد ونصيحة المتعرض لذلك
2011-01-20 07:17:41 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
مشكلتي باختصار أنني متعقد من شخص من المفترض أن يكون قريباً مني، وهو والدي، بدأت المشكلة من صغري، حيث كان عصبياً جداً في تعامله معي ومع إخواني، وكان لا يعتمد علينا أبداً، وقد بانت آثار ذلك الآن في تعاملي مع الناس حولي، حيث إنني قليل الخروج من المنزل ولا أملك اصدقاء، خجول جداً، وهناك حواجز كثيرة بيني وبين من أتعامل معهم، كان والدي في صغري يضربني بشدة إذا أخطأت أمام الناس، صحيح بأنه يوجهني للطريق الصحيح لكن هناك ألف طريقة لحل ذلك وليس بالضرب.
الآن أبلغ من العمر (26) سنة وما زلت متعقداً من والدي، حيث إنني لا أحب الجلوس معه أبداً؛ لأنه يختلق أي موضوع لكي يعاتبني، وإخواني مثلي أيضاً، ولكنني تأثرت وتعقدت أكثر منهم وأصبحت قليل الكلام.
حاولت تحسين العلاقة معه بالحديث معه ولكنه يتحسن في تلك الفترة فقط وفي اليوم التالي يعود لطبيعته، سافرت مؤخراً لدولة أخرى مع أخي فقط، وهناك اكتشفت شخصيتي بعيداً عن والدي، حيث أتعامل مع الناس بحرية تامة وأتكلم كثيراً بدون قيود، لا أخفي عليكم أنه أحياناً أتمنى بأن والدي ليس هو والدي، وأتمنى عدم وجوده في البيت حتى أستطيع التخلص من قيودي.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ ابن فارس حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإننا نرفض أسلوب القسوة في التربية، كما نرفض التدليل الزائد؛ لأنهما وجهان لعملة واحدة توصل إلى الفشل والضعف، ونسأل الله أن يغفر للآباء والأمهات، وأن يعين الأبناء والبنات على برهم والإحسان إليهم والصبر على كل الصعاب.
ولا أخفي سعادتي بهذه الاستشارة التي تدل على وعيك وإدراكك لمواطن الخلل، وهذه الخطوة مهمة لكننا لا نريد طول الوقوف عندها؛ لأنها تحول دون الانطلاق والتقدم، والعاقل يستفيد من تجاربه والمواقف التي تعرض لها حتى ولو كانت سالبة.
وقد أسعدني إدراكك نية الوالد وكيف أنه كان يريد أن يراك تسير على الطريق الصحيح، وحبذا لو أدرك كل شاب وفتاة نية الآباء والأمهات حتى يلتمسوا لهم الأعذار.
وأرجو أن يعلم الشباب أنه لا يوجد على وجه الأرض إنسان يتمنى أن يكون الآخر أفضل منه إلا الآباء والأمهات. والصالحون من المعلمين والمعلمات.
وغالباً ما يكون السبب في قسوة الوالد هو تطلعه إلى أن يصبح ولده قمة بين الناس، فإذا رأى تهاوناً وإهمالاً غضب واشتد في تعامله مع أولاده، ورغم رفضنا للقسوة إلا أن إدراك هذه الحقيقة يهون من الآثار المترتبة.
ومن هنا فنحن نوصيك بطي صفحة الأمس ثم الاقتراب من الوالد والسعي في إرضائه والاجتهاد في الإحسان إليه، وسوف نجد ثمرة ذلك في الدنيا والآخرة، كما أرجو أن تتفادى تكرار ما حصل معك مع الآخرين، وخاصة أطفالك غداً.
ونحن على ثقة بأنك سوف تتخطى هذه الأزمة إذا استعنت بالله وتوكلت عليه، وننصحك بأن تستقبل الحياة بأمل جديد وثقة في ربنا المجيد.
وهذه وصيتي لك بتقوى الله ثم بكثرة اللجوء إليه، وأرجو أن يتفهم الآباء مشاعر أبنائهم ويدركوا أن الحب والتشجيع يوصل إلى كل نجاح، كما أن القسوة والتوبيخ أبواب إلى الفشل والإحباط.
ونسأل الله لك التوفيق والسداد.