كيفية إقناع مريض الاضطراب الوجداني بالعلاج ومدى مسئوليته عن أفعاله السيئة
2011-01-19 10:46:06 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
لدي أخ عمره (31) عاماً، يقوم بأداء الصلاة ولله الحمد، ولكنه يعاني من اضطراب وجداني كما شخصه الأطباء، وفي الفترة الحالية من مرضه أصبحنا نلاحظ عليه ما يلي:
يكثر الكلام وينفعل بشدة ولا نخرج بفائدة معه، ونحن في نظره مخطئون، ويغدق على نفسه المال دون اعتبار لذلك، ويهتم بملبسه ومظهره بطريقة مبالغ فيها، ولا يراعي أدبيات التعامل مع محيطه الأسري والذوق، ويتلفظ بألفاظ غير أخلاقية، ولديه انحراف في سلوكياته، ولديه نظرة عدائية لوالديه ومجتمعه، وفي كثير من المرات يريد تغيير دينه، وله علاقات غير شرعية، ويدخل مواقع إباحية دون خجل منا لو علمنا بذلك.
فما هي كيفية التعامل معه وخاصة من والديه؟ وهل نصحهم وتوجيههم له يفيد؟ وهل يمكنه العمل والزواج في هذه الحالة؟ وهل هو مسئول عن سلوكياته وأفعاله؟ وما رأي الشرع في ذلك؟ هل يأثم على أخطائه؟!
وشكراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد فظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن هذا الشخص لديه علة نفسية رئيسة لا يمكن أن تترك دون علاج، وهذه هي المساعدة الأساسية التي يجب أن تقدم لهذا الأخ، وهذا المرض يعالج علاجاً دوائيّاً في المقام الأول؛ لأن الخلل أصله في بعض المواد الكيميائية في الدماغ، والتي تعرف باسم الموصلات العصبية، وهذه لا يمكن تصحيحها أو وضعها في مسارها الصحيح إلا من خلال العلاج الدوائي.
ورغم أني أعرف أن نوعية هذا الأخ ربما يصعب إقناعه بأهمية العلاج، ولكن إذا تم اختيار شخص موفق للتفاهم معه بصورة فيها شيء من اللطف والمرونة والذوق فيمكن إقناعه بضرورة أهمية العلاج، ومثل هذا الأخ يمكن أيضاً أن يستفيد كثيراً من علاقة يبنيها مع طبيب نفسي لديه القبول ولديه القابلية للصبر على مثل هذه الحالات.
ولذا أدعوك وبكل قوة أن تذهب بهذا الأخ أو تجعل أي شخص آخر ذي علاقة وطيدة معه وذي تأثير عليه بإقناعه بالذهاب إلى الطبيب، وليس من الضروري أن يقال له: أنت مريض بالاضطراب الوجداني ثنائي القطبية في هذه المرحلة، بل يقال له: من الواضح أنك تعاني من بعض الإجهاد النفسي، ومن الأفضل أن تجري بعض الفحوصات وأن تأخذ العلاج اللازم، وهناك أدوية فعالة وممتازة، ولا شك أنك سوف تستفيد منها إن شاء الله.
وأما تصرفاته التي تتعلق باهتمامه بالمصاريف أكثر من اللازم والانفعالات الزائدة؛ فهذا من صميم هذا الاضطراب - الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية - خاصة حين يكون فيه المحور الهوسي أو الانشراحي.
أما بالنسبة لتصفح المواقع الإباحية والإساءة إلى الوالدين فلا ننكر أن المرض لعب في ذلك دوراً، ولكني أعتقد أن هذا الأخ في الأصل ربما يكون لديه مشكلة في القيمة؛ لأنه لا يدركها في هذا المرض، وهذه يُنظر إليها بشيء من الحذر.
وأما بالنسبة لموضوع الزواج فلا أعتقد أنه مؤهل للزواج في هذه المرحلة، ولكن بعد تناول العلاج، وفي معظم الحالات تكون الاستجابة جيدة، ومن ثم يمكن أن يتزوج إذا تحسن وضعه، وكذلك بالنسبة للعمل.
وأما فيما يخص مسئوليته عن أفعاله وتصرفاته فهذه تقيم في قتها بواسطة الطبيب النفسي الثقة والمقتدر، وهذه الأمراض حين تكون في ذروتها، وهي أمراض غير مطبقة - أي أنها تأتي وتذهب - حينها يكون الإنسان في وضع عقلي مضطرب يفقده الأهلية وتسقط عنه المسئولية، ولكن هذا الأمر لا يؤخذ على الإطلاق أبداً، فكل مخالفة أو كل جرم أو كل تصرف خاطئ يجب أن يقيم بواسطة الطبيب المعالج، وسوف يربط الطبيب هذه الفعل أو التصرف بحالته العقلية في ذلك الوقت، وبمعنى آخر: لا نستطيع أن نقول: إن الإنسان يفتقد أهليته بصفة دائمة إلا في حالات قليلة، مثل التخلف العقلي ومرض الفصام المطبق وحالة العته والخرف، وأما بخلاف ذلك فالأمر يخضع للتقييم الفوري الذي يرتبط بالفعل، وهذا هو الذي أود أن أوضحه لك.
ختاماً: من الضروري لهذا الأخ أن يتناول العلاج، ولا شك أن من الأفضل أن يتم التعامل معه بلطف، ولا يكون التدخل من أطراف متعددة وإنما شخص واحد ذو تأثير عليه، ومن تجاربنا السابقة تعتبر هذه هي الطريقة الأفضل والأمثل لمساعدة مثل هذه الحالات، نسأل الله لكم الإعانة والسداد، ونشكرك كثيراً على تواصلك مع إسلام ويب.
وبالله التوفيق.