أثر العمل في تكرر نوبات الصرع وإمكانية علاجها بشكل نهائي
2011-02-01 11:29:13 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
منذ نحو عامين تعرضت لنوبة صرعية قوية، متمثلة في إغماء ورعشة وعض على لساني دون شعور، ذهبت للطبيب وعمل لي أشعة للرأس، وظهرت النتيجة سليمة، ثم عمل لي تخطيطاً للدماغ، وأظهر التخطيط عدم انتظام الكهرباء، فوصف لي دواء اسمه (Tegretol) بمعدل (200mg) والحمد لله تحسنت، لم يأتني الإغماء والرعشة والعض، ولكن تحولت إلى ما يشبه الدوار وعدم الرؤية، وعدم الشعور بما يحدث من حولي لمجرد ثوان فقط، ثم راجعت الطبيب فزاد الجرعة إلى (1200mg) في اليوم، ولكن استمر الحال كما هو، ثم راجعته فخفف الجرعة وأضاف لي دواء آخر اسمه (Keppra) والآن أتناول في اليوم (800 Mg tegretol) و(1000mg) من (Keppra) ولكن الحال كما هو من النوبات الخفيفة، علماً بأن النوبات لا تأتي بشكل يومي، بل تأتي بشكل متفرق، وتأتي في النهار بعد الرجوع من العمل وأثناء الغداء، علماً بأني أعمل معلما.
سؤالي: هل العمل له سبب في هذه النوبات؟ وهل العلاج صحيح؟ وهل يوجد علاج نهائي للنوبات الصرعية؟
وجزاكم الله خيراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ Humood حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
في حالة النوبات الصرعية أيّاً كان نوعها، والتي لم يتم التحكم فيها بصفة كاملة، بالرغم من أن الإنسان يأخذ العلاج، لابد أن نبحث في الأسباب، وأهم هذه الأسباب: هل الدواء صحيح؟ هل جرعته صحيحة؟ هل الشخص يأخذ الدواء بانتظام وانضباط والتزام قاطع بتناول الجرعة؟ فهذه هي الأسس الرئيسية التي يُحكم من خلالها على فعالية ونتائج الأدوية.
من الواضح أن التشخيص لاشك فيه - كما ذكرت - قد قام على أسس، إذن هذا الجانب قد لا يحتاج لمراجعة كثيرة، ولكن أعتقد أنه سيكون من الجيد أن تقوم بإجراء تخطيط للدماغ مرة أخرى، وذلك للتأكد إن كانت هذه البؤرة مازالت موجودة أم لا، علماً بأن تخطيط الدماغ هو دقيق بنسبة ستين بالمائة فقط وهذه نسبة تعتبر معقولة.
الأمر الثاني: الأدوية التي تتناولها هي أدوية أقول لك أنها جيدة جدّاً وممتازة، لكن يعاب على التجراتول في بعض الأحيان أنه ربما يقلل من فعالية الدواء الثاني وهو الكِبرا، هذا ربما يكون سبباً، من المعروف أن هذه الأدوية يتم استقلابها في الكبد، وذلك من خلال ما يعرف بالتمثيل الأيضي، والتجراتول يؤدي إلى إفراز إنزيمات تؤثر على الأدوية الأخرى مما يقلل من فعاليتها.
هذه حقيقة علمية لا نستطيع أن نتأكد إلى أي مدى ينطبق على حالتك، ولكن رأيتُ من الواجب ومن الضروري أن أوضحها لك، والذي أريد أن أصل إليه هل يتم تغيير التجراتول؟ هذا السؤال أعتقد أنه سؤال مشروع وسؤال مطلوب، وأريدك أن تناقش ذلك مع طبيبك، مثلاً يمكن أن يستبدل التجراتول بعقار (دبكين كرونو) ولكن مثل هذا القرار يجب أن يكون تحت إشراف طبي، هذا مقترح أرجو أن تأخذ به وأرجو أن تناقش ذلك مع طبيبك، وحين يتم الفحص وتغيير العلاج إذا رأى الطبيب ذلك، فهنا يكون فقط المطلوب منك هو الالتزام التام بتناول الدواء، ويُعرف أن النوبات الصرعية يمكن أن يتم التحكم فيها بنسبة تسعين بالمائة، وهنالك قلة قليلة من النوبات الصرعية ربما تتطلب إضافة دواء ثالث، ولا أعتقد أن حالتك من هذه الحالات.
بالنسبة لسؤالك: هل العمل سبب في النوبات؟
أبداً أخي الكريم، مرض الصرع لا يمنع أبداً العمل، فقط نقول أن الإنسان يجب أن لا يكون مجهداً أكثر من اللزوم، ولكن ليس هنالك ما يمنعك من العمل، ولا يعتبر العمل في حد ذاته مسبباً لهذه النوبات أو مانعاً للاستجابة للعلاج.
هنالك في بعض الأحيان يكون الإنسان قلقاً حول مرض الصرع، وهذا ربما يسبب له مشاعر كأن نوبة الصرع قد أتته، وهذا نسميه بالصرع الكاذب، هذا نشاهده لدى بعض مرضى الصرع، وبعضهم يتوقع الأعراض ومن خلال التأثير الإيحائي قد يحس أن نوبة الصرع قد أتته وهذا يكون مخالفاً للحقيقة، هذه يا أخي أيضاً نقطة مهمة وضرورية، وفي مثل هذه الحالات نضيف دواء بسيطاً من الأدوية المعروفة بأنها تتحكم في القلق والدوخة بالرغم من أنه دواء ليس دواء للصرع، ولكنه يتحكم في هذه النوبات الكاذبة - إذا جاز التعبير - والدواء يعرف تجارياً باسم (دوجماتيل) ويعرف علمياً باسم (سلبرايد) والجرعة المطلوبة هي 50 مليجراماً صباحاً ومساءً لمدة ستة أشهر، ثم 50 مليجراماً صباحاً لمدة ستة أشهر أخرى، ثم تيم التوقف عنه، وهذا أيضاً موضوع يمكنك أن تناقشه مع الطبيب الذي يشرف على علاجك.
بالنسبة لسؤالك: هل يوجد هناك علاج نهائي للنوبات الصرعية؟
النوبات الصرعية علاجها النهائي في معظم الحالات يكون عن طريق الأدوية نفسها، فالإنسان الذي يلتزم التزاماً قاطعاً بتناول الدواء، وتكون هنالك استجابة فعالة للدواء غالباً بعد ثلاثة إلى ثلاث سنوات ونصف لا يحتاج لهذا الدواء، ولا تأتيه نوبات أخرى، وهذا يعتبر علاجاً نهائياً.
في بعض الأحيان قد يكون هنالك اضطرار لإجراء جراحات دماغية دقيقة، ولكن هذه محصورة فقط في حالات معينة من الصرع، خاصة الحالات التي لم تتحسن بالأدوية، وهذه الجراحات ليس مرغوباً فيها، لأنها تسبب الكثير من الآثار الجانبية، وذلك من خلال التأثير على مناطق معينة في الدماغ، ولكن بالطبع إذا كانت أعراض الصرع شديدة ولم يتم التحكم فيها عن طريق الأدوية، فتكون هذه الجراحات هي الملاذ الأخير، وهذه الجراحات لا يُنصح بها إلا بعد العرض على لجنة طبية من المختصين ودراسات كثيرة، وهي حقيقة تعتبر علاجاً نهائياً للصرع، لأنها تنجح في حوالي خمسين بالمائة من الحالات، ولكن قد تؤدي أيضاً إلى آثار جانبية سلبية مثل تغيرات في الشخصية أو الإصابة بالقلق والاكتئاب أو ضعف في التركيز.
إذن لا ينصح بها في جميع الحالات، وليست من العلاجات الروتينية، فقط وددت أن أذكرها لك من قبيل الاطلاع على المعلومات المفيدة، ولكن في نهاية الأمر أود أن أركز أن حالتك يمكن أن تعالج وأن الدواء هو خير وسيلة، وإن شاء الله مقابلتك للطبيب وطرحك معه ونقاشك حول الأفكار التي أوردناها لك، سيكون مفتاحاً وباباً من أبواب الخير من أجل علاجك وشفاءك.
بارك الله فيك، وبالله التوفيق والسداد.