ظاهرة الخوف من الامتحانات وعلاجها
2011-03-27 13:42:22 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا أثق بك د.محمد عبد العليم.
أنا الطالب سامر (18) عاماً، ثانوية عامة، متفوق -والحمد لله- ولكن قبل بداية السنة الدراسية أصابتني حالة رعب شديد من الدراسة، من هذه السنة تحديداً، مع أني متفوق، كنت لا أطيق النظر في أي كتاب كان, حتى القرآن، كانت فترة الإجازة طويلة بما يكفي لتسمح لمخيلتي بصنع أشياء رهيبة في عقلي، ومع الصيام زادت حالتي سوءاً، حتى إني أصبحت أتكلم كالمجنون، هكذا قال أهلي: سوف أرسب، سوف أرسب.
لم يكن تفكيري إلا هكذا، شعرت أني وحيد ومرتعب، فقدت شهيتي لكل شيء، راجعت طبيباً نفسياً وعصبياً، ولم أستفد، مع بداية السنة زال الخوف من الدراسة، وقضيت النصف الأول، ليس كالطبيعي، ولكن (31%) طبيعياً.
لكن تولد عندي رعب شديد من الامتحانات، خوفي يفقدني تركيزي، أصبحت لا أطيق الدراسة لأكثر من (10-15) دقيقة، حصلت في النتائج المدرسية مع الوضع المشروح على معدل (80%) ولكن أنا أستحق (90%) أو أكثر، أريد التخلص من خوفي أرجوكم.
الآن وقد اقتربت العطلة للتحضير للامتحانات الوزارية، بدأ الخوف يزداد، حتى إني أصبحت لا أطيق شكل الكتاب، أصبحت أهوِّل الأمور.
كل الناس ينتظرون نتيجتي هذه السنة، وأنا لا أستطيع التخيل حتى إني تحت هذا الضغط, لعل قراري بترك المدرسة في بداية السنة أثّر عليّ كثيراً، أنا لا أنظر للامتحانات على أنها امتحانات عادية، إنها مستقبلي, لكني مصاب برعب شديد منها.
أريد النوم طبيعياً أريد أن أدرس طبيعياً، ليتني لم أسمع كلام أحد فقد أفقدني الناس كل طاقتي، وهناك الكثير، لكن أرجو الرد.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سامر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نشكرك -أيها الابن الفاضل- على ثقتك في شخصي الضعيف، وأسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد والنجاح والفلاح، وأحب أن أطمئنك أن هذه طاقات قلقية، أي أن القلق الذي أساساً الدافع في اجتهادك من أجل أن تدرس ومن أجل أن تنجح، تحول إلى شيء من المخاوف والقلق السلبي، وهذا رفع درجة اليقظة لديك مما جعلك لا تستطيع الصبر على الدراسة لأكثر من عشر إلى خمس عشرة دقيقة، وأصبحت تأتيك هذه الاجترارات الفكرية السلبية المتصلة، مما أضعف من أدائك، وجلب لك بعض الهموم وابتدأت تصاب بشيء من عسر المزاج الذي أفقدك حتى الشهية للطعام.
هذه ليست حالة مرضية، إنما هي ظاهرة، ودائماً الشخص حينما يكون مجتهداً ربما يقابل بمثل هذه الأوضاع، وإن شاء الله هي أوضاع مؤقتة جدّاً، وأرجوك أن تطمئن لأن مقدراتك عالية، وعليك بالدعاء وأسأل الله تعالى أن يسدد خطاك، وأن يثبتك وأن يقويك، وأن يكتب لك النجاح والتوفيق والسداد.
أنت في حاجة لعلاج دوائي، وهنالك أدوية بسيطة جدّا، وفعالة جدّاً، ومفيدة جدّاً، تزيل هذا الخوف.
هنالك دواء يعرف تجارياً باسم (أنفرانيل) واسمه العلمي هو (كلوإمبرامين)، وهو متوفر في فلسطين، تناول هذا الدواء بجرعة خمسة وعشرين مليجراماً ليلاً، ساعتين قبل النوم، استمر على الجرعة لمدة شهر، إذا تحسنت لديك الأمور أرجو أن تظل على نفس الجرعة.
أما إذا ما زلت قلقاً ومتوتراً فارفع الجرعة إلى خمسين مليجراماً ليلاً، وهذه ليست جرعة كبيرة، وعموماً أنا أعتقد أن جرعة خمسة وعشرين مليجراماً سوف تكون كافية.
استمر على الجرعة العلاجية أيّاً كانت (25) أو (50) مليجراماً لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم اجعلها حبة يوماً بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.
بجانب الأنفرانيل هنالك دواء آخر يعرف تجارياً باسم (إندرال)، هذا دواء يتحكم في الجانب الفسيولوجي الذي ينشأ من الخوف، الخوف يؤدي إلى زيادة في إفراز مادة الأدرانين، وهذه تؤدي إلى سرعة في ضربات القلب، وكذلك الشعور بالانشداد، وربما الرعشة وعدم الاستقرار في عضلات الجسد، الإندرال دواء ممتاز جدّاً للقضاء على هذه الأعراض الفسيولوجية، فأرجو أن تتناوله بجرعة عشرة مليجرام صباحاً ومساءً لمدة شهرين، ثم عشرة مليجرام في الصباح لمدة شهر، وأعتقد أن هذا سوف يكون كافياً بالنسبة لك فيما يخص العلاج الدوائي.
أريدك أيها الفاضل الكريم أن تتعلم تمارين الاسترخاء، تمارين الاسترخاء مهمة جدّاً في حالتك ومفيدة جدّاً، وهي بسيطة جدّاً.
أريدك أن تستلقي على السرير أو تجلس على الكرسي في مكان هادئ ليس به ضوء شديد أو ضوضاء، أغمض عينيك، فكر في حدث سعيد، أو ردد آية من القرآن الكريم: (أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ )، [الرعد:28]، رددها في هدوء وسكينة، ومع ذلك خذ نفساً عميقاً عن طريق الأنف، واجعل صدرك يمتلأ بالهواء، أمسك الهواء قليلاً لتعطي فرصة للأكسجين لأن ينتشر في جسمك بصورة أفضل، بعد ذلك أخرج الهواء عن طريق الفم بكل قوة وبطء.
كرر هذا التمرين خمس مرات متتالية بمعدل مرة في الصباح ومرة في المساء، وسوف تجد فيه -إن شاء الله- فائدة كبيرة جدّاً.
عليك أيضاً بتطبيق تمارين قبض العضلات وشدها ثم إطلاقها واسترخائها، أقبض مثلاً على عضلات راحة اليدين، شد عليها، ثم بعد ذلك أطلقها، عضلات الفكين، اقبض وشد عليها ثم بعد ذلك أطلقها، وكذلك عضلات البطن، وحتى عضلات العينين، والفخذين، والقدمين، وهكذا، هذه تمارين بسيطة ومفيدة جدّاً.
يا حبذا -ابننا الكريم (سامر)- لو قمت أيضاً بممارسة التمارين الرياضية، أيّاً كانت هذه التمارين الرياضية، وأرجو أن لا تعتقد أن هذه الأمور سوف تضيع وقتك، أبداً، هذا الذي أقوله لن يأخذ أكثر من نصف ساعة أو خمسة وأربعين دقيقة، ولديك الوقت الكافي، والوقت الذي تستطيع أن تستثمره بصورة ممتازة جدّاً وإيجابية جدّاً.
عليك أن تأخذ أيضاً قسطاً كاملاً من الراحة بقدر المستطاع، روّح عن نفسك بما هو مشروع، شاهد برامج تلفزيونية جيدة، أخرج مع أصدقائك قليلاً.
هذا كله فيه فائدة كبيرة جدّاً بالنسبة لك، وأنا على ثقة كاملة أنك سوف تستقر نفسياً، وهذا الخوف والتوتر سوف يتحول إلى قلق عادي إيجابي يفيدك، ودائماً فكر أن هذه الامتحانات هي امتحانات بسيطة ودنيوية ويجلس لها ملايين الناس، والامتحان الأهم هو في يوم القيامة، والامتحان المهم هو في هذه الحياة، قال تعالى: (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ)، [الأنبياء:35] وقال تعالى: (إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا)، [الكهف:7]، نسأل الله تعالى ستره لنا ولكم، والثبات على الحق والهدى.
هذه الامتحانات لا تضخمها ولا تجسمها أبداً، هي مهمة لا نقلل من شأنها؛ لأن نور العلم أيضاً يجعل الإنسان موفقاً في حياته ومقتدراً، قال تعالى: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ)، [المجادلة:11] لكن لا تضخم هذه الامتحانات ولا تجسمها، وأنت متميز في الأصل، وهذا من فضل الله تعالى عليك.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.