لزوم إنصاف الزوجة ومعاملتها بالحسنى وأداء حقوقها
2011-03-29 10:12:44 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا متزوج من سنة وثمانية أشهر، رزقت بطفل عمره الآن ثمانية أشهر، والحمد لله رب العالمين.
المشكلة التي أعاني منها هي بنفسي أني لا أرى إلا المساوئ والعيوب بزوجتي، مع العلم أنها لم تقصر معي ولا أرى أي قصور، وأنا أختلق المشاكل من أبسط وأتفه الأسباب، وفي الفترة الأخيرة أصبحت الحياة صعبة بيننا بعد وفاة والدتي؛ لأن العلاقة بينهما لم تكن جيدة لشعوري بالذنب تجاه والدتي، وإحساسي بأني لم أكن الابن البار لها، بحيث وصلت المرحلة بيني وبين زوجتي كل واحد ينام في غرفة منفصلة عن الآخر، لو لم يكن لي ولد منها أعتقد كنا انفصلنا!
أفيدوني يرحمكم الله، لا أعرف ماذا أعمل؟!
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
فمرحباً بك أيها الحبيب! في استشارات (إسلام ويب)، نحن نشكر لك أولاً إنصافك للآخرين من نفسك، وهذا ظاهر جدّاً في تقييمك لأسباب المشكلة التي أنت فيها، واعترافك بقيام زوجتك بما ينبغي أن تقوم به وزيادة، وأنها لا تقصر في حقك، فهذا كله من إنصافك، وإنصاف الآخرين من النفس علامة من علامات الإيمان، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يكون هذا سبباً لأن يفتح عليك بكل خير.
ولا شك بأن من الأسباب الداعية إلى المحبة بين الزوجين أن لا ينظر الزوج إلى الجانب السيئ في الزوجة، ويُغفل الجوانب الحسنة الإيجابية فيها، وهذه وصية الرسول صلى الله عليه وسلم، وبها تدوم الألفة والمودة بين الزوجين، فإن الزوجة وإن كان فيها عيوب فهذا أمر طبيعي فإنها بشر، والبشر لا يخلو من قصور وعيب.
لكن لا يمكن أن تستقيم الحياة إذا كان الإنسان لا ينظر إلا إلى هذا الجانب في الزوجة، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يفرك مؤمن مؤمنة -أي: لا يُبغض مؤمن مؤمنة- إن كره منها خُلقاً رضي منها آخر)، وهذا ظاهر جدّاً في زوجتك، فقد وصفتها أنت بصفات طيبة كثيرة، وهذا مصداقاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن كره منها خلقاً رضي منها آخر)، ولن تجد امرأة تخلو من العيوب مهما كانت هذه المرأة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن المرأة خلقت من ضلع وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه).
المرأة لا تزال على هذه السيرة، لا يزال فيها عيب ولا يزال فيها نقص، ولا يمكن أن تجد امرأة كاملة منزهة من العيوب والنقائص، فعلاج ما أنت فيه أيها الحبيب هو أن تستكثر دائماً من استحضار الجوانب الإيجابية في زوجتك، ولو أن تكتبها أمامك في ورقة، وتبدأ دائماً بترديدها على نفسك وتكثيرها، فهذا مدعاة وسبب إلى غرس حبها في قلبك، وإضمار المودة لها والاحترام.
ثم هناك أمر آخر، وهو أن تتذكر بأن لهذه الزوجة عليك حقوقاً لا يجوز لك أن تفرط فيها تحت هذه التأثيرات النفسية التي مصدرها بلا شك الشيطان، فإنه حريص على إفساد العلاقة بين الزوجين ما استطاع، فمن حق زوجتك عليك أن تعاشرها بالمعروف، كما أمر الله سبحانه وتعالى في كتابه، ومن المعروف بلا شك أن تغض الطرف عن بعض الهفوات والزلات التي قد تقع فيها الزوجة، وأن تحسن إليها كما تحب أن تحسن هي إليك، وأن توفيها حقها كما توفي هي حقك، وأن تنتظر منك الكلمات الجميلة المؤدبة، كما تنتظرها أنت منها، ونحو ذلك من المواقف التي ينبغي لك أن تراعي فيها المعاشرة بالمعروف، وأداء الحق للزوجة كما ينبغي.
أما ما كان من علاقة بينها وبين والدتك فهذا أمر طبيعي أيها الحبيب، في كثير من الحالات تكون العلاقة بين زوجة الابن وأم زوجها يشوبها نوع من التوتر في أحيان كثيرة بسبب الغيرة المتبادلة بين الطرفين، ولأسباب أخرى قد تكون غير ذلك، لكن هذا لا يبرر أبداً بأن تعاملها أنت بهذا النوع من المعاملة، وأن لا تنظر إلا إلى سيئاتها، وأن تختلق لها المشكلات بسبب ما كنت تتذكره، ثم هذا لا علاقة له ببرك بأمك، فإن برك لأمك وإحسانك إليها ليس له علاقة بعلاقة زوجتك بها، فأنت إذا اتقيت الله تعالى في معاملة أمك بالبر والإحسان فلا يؤثر على برك بها كون هذه الزوجة كانت ذات علاقة سيئة بها.
فننصحك بأن تبر أمك أيضاً بعد وفاتها بالدعاء لها، والاستغفار لها، والصدقة عنها إن كنت تستطيع، وصلة أرحامها، فإن هذا كله من البر، وهو لا يزال بالإمكان أن تفعله.
نسأل الله سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن ييسر لك أسباب الخير ويقدرك عليه.