كيف أتفقه في الدين وأدعو إلى الله؟
2011-04-26 09:50:14 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكركم على جهودكم المباركة، وبارك الله فيكم.
أنا شاب أحس أن بداخلي تكمن طاقات يجب أن أستغلها بصورتها الصحيحة، لدي رغبة كبيرة في دخول مجال الدعوة إلى الله، وإلقاء المحاضرات والخطب والمواعظ الدينية؛ لأني أشعر أن لدي الأسلوب الحسن، وحسن الإلقاء الذي يعينني على ذلك، ومستعد أن أطور هذا الأسلوب أكثر وأكثر، ولكني أطلب منكم أن ترشدوني كيف أتفقه في الدين تفقهاً كاملاً؟ وكيف أكون ملماً بأصول العقيدة والفقه؟ من أين أبدأ؟ وأي الكتب التي تنصحونني بها للتزود بالعلم؟ يجب علي أن أكون ملماً بديني إلماماً كاملاً من جميع الجوانب، وأتسلح بالعلم الشرعي، ثم بعد ذلك أدعو الناس إلى الطريق المستقيم وأذكرهم بدينهم.
أحمل هم الدعوة في قلبي، وأتمنى أن أستخرج هذا الهم وأضعه في الموهبة التي عندي، وأستغلها بالصورة الصحيحة، لكن كما قلت لكم ينقصني العلم الشرعي والإلمام بالدين وفروعه، وتذكروا أني سأبدأ من الصفر.
ختاماً: أذكركم بأني أحفظ من كتاب الله (18) جزءاً، -وإن شاء الله- أنوي أن أختمه، أسأل الله أن يعينني على بلوغ هذه المنزلة العظيمة، وأن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم.
وجزاكم الله خيراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ فيصل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبًا بك -أيها الولد الحبيب- في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد، ونشكر لك علو الهمة في طلب العلم الشرعي والدعوة إليه، ورغبتك في هذا المجال وحرصك عليه دليل على وفور عقلك، نسأل الله تعالى أن يزيدك هدىً وصلاحًا.
لقد أحسنت أيها الولد الحبيب في كونك بدأت في حفظ ما تيسر لك من كتاب الله تعالى، ونتمنى أن تجد وتجتهد لإكمال ما بقي من كتاب الله، فإن حفظ القرآن الكريم فضل عظيم وله الأثر البالغ في تأهيل الشخص لأن يكون عالمًا متقنًا وداعيًا محسنًا، فبادر بحفظ ما بقي وتعاهد ما حفظته، وننصحك باتباع السلّم الذي ينبغي أن تترقى فيه لتحصيل ما تحتاجه من العلم، فإن الدعوة إلى دين الله تعالى تحتاج بلا شك إلى بصيرة كما أخبرنا الله تعالى في كتابه، فقال لنبيه -صلى الله عليه وسلم-: {قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني}.
فننصحك أيها الحبيب بالتدرج، فإن العلم يؤخذ بالتدريج شيئًا فشيئًا، ومن سلك الدرب ومشى عليه فإنه سيصل بإذن الله تعالى إلى المقصود، وأنت لا تزال في أنسب سن لتحصيل العلم وطلبه، فبادر إلى تزويد نفسك بما تحتاجه من هذا العلم فتستغله بعد ذلك في تبليغه للناس، فإن وظيفة تبليغ الدين إلى الناس وتعليمه لهم وظيفة الأنبياء وأشراف الخلق من بعدهم الذين تصلي عليهم المخلوقات في الأرض وفي السماوات، ويصلي عليهم ربهم سبحانه وتعالى كما جاء في الحديث: (إن الله وملائكته وأهل السماوات وأهل الأرض حتى الحيتان في البحر ليصلون على معلّم الناس الخير).
وهذه الآليات أيها الحبيب هي أن تبدأ بإكمال ما بقي من القرآن الكريم، ثم تحاول أن تحفظ الأربعين النووية من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، ثم تدرس كتبًا مختصرة في علم العقيدة وفي الفقه، ومن أهم الكتب التي ينبغي أن تعتني بها في بداية دراستك للعلوم الشرعية، في العقيدة ينبغي أن تبدأ بشرح أصول الإيمان للعلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى، أو أعلام السنة المنشورة للشيخ حافظ حكمي رحمه الله، وهما كتابان جليلان محيطان بمباحث العقيدة التي يحتاجها المسلم في مثل سنك ومرحلتك.
ثم تدرس كتابًا مختصرًا في الفقه كأخصر المختصرات على مذهب الإمام الحنبلي، أو ما شابهه من المذاهب الأخرى إذا كنت غير حنبلي، ومن الكتب الجميلة المفيدة السهلة كتاب الملخص الفقهي للشيخ الفوزان، هذا عن الكتب والمؤلفات.
ولكنك لن تستغني أبدًا أيها الحبيب عن الاستعانة بأهل العلم والدراسة على أيديهم وتلقي العلم عنهم مباشرة، وهم -ولله الحمد- في بلدك كثير، وإذا بحثت عنهم وطلبت الجلوس إلى مجالسهم فإنك ستجدهم وهم وفرة وفيرة -والحمد لله- في قطر، وهناك نشاطات علمية دعوية تقوم بها بعض الجهات الدعوية في البلد كأنشطة التعليم التي تقوم بها مؤسسة الشيخ عيد رحمه الله تعالى ممثلة في مركزها الثقافي، أو الدورات الصيفية والدورات العلمية التي تقيمها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، وغير ذلك من الأنشطة العلمية التي تقوم في البلد، وهناك مراكز علمية في بعض مساجد البلد يتفرغ لها مشايخ وعلماء لتدريس وتعليم من يأتيهم راغبًا في العلم والتعلم، ولو توجهت بالسؤال إلى إدارة الدعوة في وزارة الأوقاف فإنهم سيدلونك -بإذن الله- على أماكنها ومراكزها بحسب المنطقة التي أنت فيها.
كما يمكنك أيضًا الاستفادة من المواقع المفيدة لأهل العلم كموقع العلامة -ابن عثيمين وابن باز- وغيرهما، وموقع الشبكة الإسلامية هذا الذي نتواصل معك من خلاله، وغيرها من المواقع، ففيها الكثير والكثير من الدروس العلمية المنهجية المفيدة التي ستفيدك وتقدم لك علمًا غزيرًا، ولن تحتاج إلا إلى شحذ الهمة وتفريغ جزء من وقتك لطلب هذا النوع من العلوم الذي شرف الله -عز وجل- به أقوامًا، كما جاءت الأحاديث بذلك.
نسأل الله تعالى لك التوفيق والنجاح.