أعاني من تخيلات وأوهام وضعف ثقة... فما العلاج؟

2011-05-01 12:28:03 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا سعيد جداً بهذا الموقع المتميز، لما رأيته من جهد وبذل في إيصال العلاج للناس، فوددت أن أكتب حالتي لعل الله يجعلكم سبباً في شفائي من هذا الداء الذي ظل معي سبع سنوات، لا أعرف ما هو، باختصار شديد أبدأ في تعريف حالتي، وهي منذ أن دخلت الثانوية العامة، بدأ عندي شعور بالخوف على نفسي، بمعنى أني أحسست أني أخاف على نفسي، وعيني وبصري وكل شيء، حتى بدأت أشعر أن جسدي هذا لابد من الحفاظ عليه، لكي أستمر به في مشوار الحياة .

حدثت لي أشياء كثيرة، مثلاً أتخيل أن إشعاع التلفزيون سوف يضر بصري فأبتعد عن المشاهدة، مثلاً وأنا أمشي في الطريق، وتوجد أنابيب، أتخيل أن الأنبوب بالفعل سينفجر وأتخيل حالة الانفجار، والصوت الذي يصدر عنه، وأشعر بطنين في أذني، وكل مرحلة بوهم معين، لا أعلم ما هو؟ فهل هذا وسواس قهري أم خوف أم انفصام أم قلق وتوتر؟ لا أعلم.

كذلك أشعر بعدم الثقة، فعندما أتكلم مع أحد لا أركز، كل فكرة أربطها بفكرة معينة، مثلاً لو أحدهم قال لي أنت ذكي، أبدأ أقلق وأحس أني غبي، لدرجة كرهت أن يثني علي الناس، وأشياء كثيرة، لو قلتها لسطرت كتباً، حتى إني أخشى من الزواج، أقول هل ممكن سيكون لي ولد، ولو لم يكن، فماذا أفعل؟! أعيش كل حاجة وأحسها، وأفكر كثيراً، وأتذكر الماضي جداً ولا أنساه، بالذات الماضي السيئ - وسبحان الله - كل شيء أتخيله أو أشعر به يحدث معه ألم، وأصبحت لا أركز، وأحب الانعزال أكثر.

حتى لا أطيل عليكم، أود أن أعرف علاجاً سلوكياً أو شيئاً ليس له أضرار، لأني لا أود أن آخذ علاجاً نفسياً، فقد جربت (الفافرين، والسبرالكس)، ووجدت الأعراض أكثر خوفاً ووسوسة.

أرجو منكم أن أعرف حالتي ما هي بالضبط، وشكراً.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ يحيى حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن حالتك واضحة جدًّا، فأنت لا تعاني من أي عرض من أعراض الفصام، كل الذي تعاني منه هي الوساوس التي تحمل سمات المخاوف، والخوف الوسواسي منتشر، وهو في الأصل نوع من القلق النفسي، وهذا النوع من الوساوس يسبب شيئاً من الكدر والاكتئاب البسيط وعسر المزاج، وهذا هو الذي يحدث لك، مما جعلك تنعزل بعض الشيء، ولا تتفاعل اجتماعيًا.

إذن أخي الكريم: ما ذكرته كنوع من الأوهام هي ليست أوهامًا، إنما هي أفكار وسواسية سخيفة تحمل سمات الخوف والقلق، وتسيطر عليك، مما يسبب لك الإزعاج والمتاعب النفسية، وأطمئنك مرة أخرى أن هذه الحالة ليست أعراضاً ذهانية، هذه ليست شكوكاً ظنانية، هذه ليست أعراض الفصام.

العلاج أولاً أخي الكريم: تفهمك لحالتك كما شرحنا لك إياه ببساطة، وأرجو أن يكون عاملاً في مساعدتك.

ثانيًا: المخاوف والوساوس تعالج بالتجاهل وبالتحقير، والإنسان يجب أن يفهم أنها أمور سخيفة متسلطة عليه، ومتى ما أعطاها الإنسان اهتمامًا أو تأمل فيها أو حاول أن يشرحها ويفصلها ويحللها، هذا يزيد من شدتها وتثبت بصورة أقوى؛ لذا نحن ننصح وندعو الإخوة والأخوات أن لا يتفاعلوا مع وساوسهم، وأعرف أن ذلك ليس بالسهل، لكنه ليس بالمستحيل، صد هذه الوساوس وحقرها، واستبدلها بفكرة مخالفة.

بعض التمارين السلوكية البسيطة إذا طبقت أيضًا تساعد، مثل تمرين إيقاف الأفكار، تأمل في هذه الأفكار وبعد ذلك كرر مع نفسك، وقل: (قف، قف، قف) هنا أنت تخاطب فكرة الخوف والوسوسة، وتدعوها للتوقف.

تمرين آخر هو أن تربط هذه الأفكار بتفاعل أو إحساس مخالف، مثلاً تذكر حدثًا سيئًا حدث في الحياة واربطه بهذه الفكرة، أو قم بشم رائحة كريهة إن توفرت لك هذه الوسيلة، اربط شم الرائحة الكريمة بالفكرة الوسواسية.

تمرين آخر هو: أن تفكر في الفكرة الوسواسية، وما ينتج عنها منها من مخاوف، وفي نفس الوقت قم بالضرب على يدك بقوة وشدة حتى تحس بالألم.

اربط ما بين التفكير الوسواسي والألم، كرر هذا التمرين حوالي عشر مرات متتالية، بمعدل مرة في الصباح ومرة في المساء، وسوف تجد بعد أسبوعين أنك قد استفدت منه كثيرًا، لكن يجب أن تأخذه بجدية وتركيز، وهذه بعض التمارين العامة التي تساعد.

دراسات كثيرة جدًّا أشارت أن تمارين الاسترخاء تساعد كثيرًا في إزالة هذا النوع من القلق والتوتر والوسوسة، فكن حريصًا على هذه التمارين، ويمكنك أن تتدرب عليها بواسطة أخصائي نفسي، أو من خلال الحصول على (CD) أو كتيب أو شريط، أو تصفح أحد المواقع على الإنترنت.

التواصل الاجتماعي مهم جدًّا، والتفاعلات الاجتماعية مهمة أيضاً، لا تعزل نفسك، فالعزلة تعطي المزيد من المجال والزمن لهذه الأفكار أن تسيطر عليك، عش الحياة بإيجابية وبقوة واهتم بدراستك.

العلاج الدوائي أيها الفاضل الكريم مهم جدًّا، لأن دراسات كثيرة تشير أنه تحدث تغيرات بيولوجية في كيمياء الدماغ، والتغير البيولوجي لا يمكن التحكم فيه أو تغيره إلا من خلال مركب بيولوجي مشابه له في الفعالية، وتوجد - الحمد لله تعالى- أدوية ممتازة لا تزيد الوزن، مثل عقار فلوكستين -وهذا هو اسمه العلمي- ويعرف تجاريًا باسم (بروزاك) وفي مصر يسمى باسم (فلوزاك) هو دواء جيد جدًّا، لكن الجرعة من هذا الدواء تتطلب الصبر وأن يستمر عليها الإنسان للمدة المطلوبة، ابدأ بكبسولة واحدة عشرين مليجرامًا، تناولها يوميًا بعد الأكل، وبعد مضي شهر ارفع الجرعة إلى كبسولتين في اليوم، واستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضها إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناولها.

الفلوزاك لا يؤدي إلى أي زيادة في الوزن، وهو دواء رائع جدًّا، ولا شك أن ممارسة الرياضة في الأصل مطلوبة في حالتك، لأن الرياضة تزيل الطاقات النفسية والجسدية السلبية، وتؤدي إلى بناء طاقات جديدة تكون أكثر فعالية وفائدة وإيجابية.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

www.islamweb.net