ابنتي تخاف من المدرسة بعد أن كانت تحبها!
2011-05-04 07:44:43 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ابنتي في السادسة من العمر، تدرس في التمهيدي، تحب مدرستها كثيراً، ومجتهدة في دروسها، ولا تحب الغياب عن المدرسة، وذات مرة حصل لها استفراغ داخل المدرسة -أعزكم الله- وأنا لم أعلم بذلك؛ حيث أنها رفضت الرجوع للبيت، وبعد العودة من المدرسة لاحظت أثراً بسيطاً على ملابسها، وعندما سألتها قالت أنها استفرغت، وكان ذلك آخر يوم من المدرسة قبل إجازة منتصف الفصل الدراسي الثاني، وبعد أسبوع بدأت الدراسة، وذهبت اليوم الأول طبيعية، واليوم الثاني عندما أرادت الذهاب أخبرتني بأن بطنها تؤلمها، فقلت الأمر بسيط ويذهب الألم، وذهبت، وبعد ساعة اتصلت المعلمة تقول إن ابنتك تبكي من ألم في بطنها، فذهبنا وأحضرناها للبيت، وعندما جاءت للبيت لم تشتك من شيء، وتناولت فطورها، ثم لعبت قليلاً ونامت، وبقيت سائر اليوم طبيعية، وفي اليوم الثالث رفضت الذهاب أيضاً فأجبرتها على ذلك، فذهبت، وبعد ربع ساعة أحضرها سائق الباص للبيت؛ حيث أنها طلبت منه ذلك مدعية أنها تعبانة -أي أنها رجعت قبل وصولها للمدرسة- ثم ذهبت إلى سريرها ونامت، وعندما استيقظت لم تشتك من أي شيء؛ وبعد ذلك أصبحت تبكي لا تريد الذهاب للمدرسة حتى ذهبت معها، وعندما كلمت المعلمة أخبرتني أنها قبل الإجازة استفرغت على نفسها وعلى المعلمة، وقد يكون هذا هو السبب.
سؤالي: هل من الممكن أن يكون كلام المعلمة صحيحاً؟ وكيف نعالجها ونتعامل معها؟
سامحوني على الإطالة.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هادية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فهذه الابنة -حفظها الله تعالى- ليس لها خوف من المدرسة، إنما لديها ما نسميه بقلق الفراق أو خوف الفراق، فهي تحس بالأمان أكثر في البيت، وذلك بالرغم من أنها تحب مدرستها وتحب مُدرِّستها.
الاستفراغ الذي حدث لها في المدرسة ربما يكون نشأ من شعور بالتشوق إلى البيت وليس خوفًا من المدرسة، والناس تخلط في هذه الأمور، وأعتقد أن الأطفال الذين تحدث لهم هذه الأعراض السيكوسوماتية - أي النفسوجسدية - هم في الأصل لديهم مخاوف من المدرسة، ومعظمهم ليس لديهم أي مخاوف من المدرسة، لكن يحسون بالأمان والاطمئنان أكثر في البيت، وبعض هؤلاء الأطفال يكون لديهم التصاق شديد بأمهاتهم، ومعظمهم من الأطفال الجيدين والأطفال النجباء جدًّا.
فحالة ابنتك هي حالة واضحة جدًّا، وهي أنها لا تكره المدرسة لكن تحب أن تكون في البيت؛ لأنها تحس بالأمان والاطمئنان أكثر حينما تكون بالقرب منك، أو محيط البيت العام يشعرها بالأمان.
الأعراض الجسدية التي يشتكي منها الأطفال خاصة آلام البطن هي ليست نوعاً من التمثيل أو التصنع، ولكن هذه الأمور كلها على مستوى العقل الباطني، وكما ذكرت وتفضلت وبتفصيل جميل أن الابنة بعد أن تحضر للبيت أو أن تنام لا تشتكي بعد ذلك من أي شيء، ويلاحظ أن هؤلاء الأطفال يكونون سعداء جدًّا في أيام الإجازات وليس لديهم أي شكوى.
المنهج الذي يجب أن يتبع في علاج مثل هذه الحالات هو أن نشعر هذه الابنة بالأمان، ويجب أن لا نركز كثيرًا على شكواها حول الاستفراغ وألم البطن، ولا نسألها عن هذا الأمر، إنما نقول لها: (الحمد لله أنت بخير، وبصحة جيدة، وأنا نفسي كان يحدث لي هذا الأمر، لكن بعد أن تعودت وأصرت للذهاب إلى المدرسة ذهب عني كل هذا) أي أن نكون حريصين جدًّا أن لا تستمرأ الطفلة أمان البيت، وتصر على الجلوس ونستجيب لها، وهذا سوف يجعل الطفلة ترفض الذهاب إلى المدرسة، لكن لا بد أن نحفزها، ولا بد أن نشجعها، ولا بد أن نصر على ذهابها إلى المدرسة، وحتى لو استفرغت في المدرسة يجب أن يكون هنالك اتفاق بينك وبين المعلمة بأن لا ترجع إلى البيت.
في بعض الحالات ننصح بأن تذهب الأم مع الطفلة إلى المدرسة في الأيام الأولى، ويمكن أن تكون بجانبها لفترةٍ قصيرة في المدرسة، بعد ذلك ترجع الأم وتترك الطفلة في مدرستها.
هناك أسلوب آخر مهم، وهو أن نحفز الطفلة ونشجعها، وطريقة النجوم هي من الطرق الجيدة جدًّا، قولي مثلاً: إذا لم تشتك من ألم البطن، وإذا لم يأتك هذا الاستفراغ، وإذا ذهبت إلى مدرستك، سوف أثبت لك خمسة نجوم، أما إذا حدث أي عرض من الأعراض التي ذكرناها سابقًا فسوف تُسحب منك أربعة نجوم، والطفلة يجب أن تعرف أنه في نهاية الأسبوع سوف يتم استبدال النجوم التي اكتسبتها بهدية تكون من الأشياء المفضلة لها، ويجب أن ترتبط قيمة هذه الهدية بما اكتسبته من نجوم، هذه الطريقة محفزة وطريقة جيدة، وإذا طبقت بالصورة الصحيحة فهي طريقة مفيدة جدًّا.
هناك أمر آخر وهو: يجب أن نجعل الطفلة تحضر متعلقات مدرستها في الليلة السابقة وليس في صباح يوم المدرسة، فتحضر ملابسها، وشنطة كتبها، وأن تناقشيها في نوع الإفطار الذي تفضله غدًا، وما هو المصروف الذي تود أن تأخذه، وهكذا. أي أن نجعل تفكيرها حول المدرسة أكثر مما نجعلها تعيش في نوع من النكران والتردد والتخوف حول المدرسة، هذه الحالات هي حالات عرضية وإن شاء الله سوف تنتهي.
أنصحك بتطوير مهارات ابنتك الأخرى، فمثلاً اجعليها دائمًا تنظم وترتب سريرها وخزانة ملابسها، وأشعريها بأهميتها في البيت، وشاوريها في بعض الأمور، واجعليها هي التي تتخذ القرار، هذا كله يبني من قدرتها وشخصيتها، وأعطيها أيضًا فرصة لأن تلعب مع البنات في عمرها خاصة في إجازة نهاية الأسبوع، ولا بد أن يكون هنالك حيز جغرافي ما بينك وبينها في أثناء اليوم في داخل البيت، فلا تجعليها دائمًا بالقرب منك، وأعطيها مساحة، وأعطيها شيئاً من الحرية، وأشعريها بالأمان، وحفزيها ورغبيها، وهذا بالطبع سوف يساعدها كثيرًا.
هنالك من يعطي بعض الأدوية مثل عقار تفرانيل بجرعة عشرة يوميًا، لأنه يساعد في زوال قلق الفراق والخوف من الذهاب إلى المدرسة، لكن –حقيقة- الطفلة صغيرة ولا أحبذ هذا الدواء، وأعتقد أن الإرشادات السلوكية السابقة سوف تكون كافية جدًّا.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لها العافية والتوفيق والسداد.