هل أكمل زواجي بمخطوبتي أم أتركها لأجل ما يشاع عن أبيها؟

2023-05-02 04:18:28 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
الإخوة الأعزاء في موقع إسلام ويب، تحية طيبة وبعد:

منذ أشهر وأنا أتابع موقعكم المفيد، أدعو الله تعالى أن يوفقكم وينور دربكم، لما تقدمونه من حلول واستشارات وفتاوى.

هنالك موضوع يشغلني كثيراً، ويعكر علي صفو حياتي، ويجعلني دائماً في حيرة، ولا أخفيكم سراً أنني أصبحت أتمنى الموت من هول هذا الموضوع!

أنا شاب خطبت مؤخراً بنتاً مؤدبة مجتهدة، وعلى قدر من الجمال، قبل إبلاغ أصدقائي وأقربائي عن الموضوع بشكل رسمي، كنت مع صديق لي، وإذ به يتحدث عن والد الفتاة بأنه سمع عنه أنه يلعب بحسابات المركز الذي يشتغل به، علماً بأنه يشتغل بوظيفتين.

أنا دافعت عنه، ليس لأني متأكد، بل لأن الناس في بلدتي يتكلمون عن بعضهم كثيراً، صديقي بدأ يبرهن ويثبت صحة قوله، وقال لي: إن هذا الكلام سمعه من الناس، حتى إنهم يقولون: إن أبا هذه الفتاة يريد أن يزوج ابنه الكبير، وهو لا يعمل (خريج جديد)، ولن ينقص من عرسه شيء.

لست أدري لم لا آخذ بكلام صديقي، ربما لأني لا أحب الحديث عن الناس، وأيضاً كنت غير معني بتصديقه، كوني كنت مصمماً على الخطبة من هذه الفتاة بدرجة كبير جداً،فلم أعره اهتماماً.

أنا صراحة انزعجت كثيراً، لا سيما أنني كنت قد حسمت أمري بالنسبة للفتاة بشكل نهائي، وبعدها بيومين فتحت الموضوع لصديقي، وبارك لي ونصحني بالبنت كثيراً، وقال: انس كلام الناس لأنهم تكلموا كثيراً، وهو يعرف البنت جيداً من حيث الأدب والأخلاق.

وقد حصل النصيب، وخطبت الفتاة على سنة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، بعدها اندمجت مع خطيبتي، وتعرفت أكثر إلى أهلها، كلهم ملتزمون ويصلون كل الصلوات، ويقرؤون القرآن، وحتى أبو البنت سأل عني إذا كنت أصلي أم لا؟! قبل أن يصير نصيب.

أنا أصلي، ولكن بشكل متقطع، أنا أعترف بتقصيري، وبعد أن خطبت صرت ألتزم أكثر بالصلاة، ودائماً تحثني خطيبتي على الصلاة، وبعد فترة من الزمن وبطريقة أو بأخرى ذكر اسم والد خطيبتي في جلسة، وقيل عنه إنه يلعب بالحسابات!

علماً بأن هذا الشخص قريب منه في العمل، وهو مصدر ثقة هنا، أنا صعقت، ومن يومها تأكد كلام صديقي، لم أعرف ماذا أفعل؟! هل أصارحه أم أصارح أمها أم هي؟ كان هذا الكلام بعد الخطبة بشهرين، ومنذ ذلك الوقت إلى غاية اليوم وأنا لم أفعل شيئاً سوى أني ازددت حيرة، وأدعو الله أن يكون هذا الكلام غير صحيح، وأن يهديه.

أرجو منكم أن تساعدوني في هذا الموقف الشديد، سيما أنه يتعلق بالحرام، وأنا -والحمد لله- لم آكل أو آخذ شيئاً بالحرام في حياتي أبداً، وأنا أخاف ربي كثيراً، وأيضاً أعيش في بلدة سمعتي فيها أنا وعائلتي ممتازة جداً، والكل يحترمنا ونحترم الكل.

أسئلة كثيرة تدور في خاطري: ماذا أفعل في حال كان ما قيل عنه صحيحاً؟

أنا أعلم أن خطيبتي لا ذنب لها مطلقاً، ولكن كيف لي بعد الزواج أن تذهب عند أهلها وتأكل الحرام؟

أنا أيضاً كيف آكل الحرام، وأنا أعلم أنه حرام؟ إلى أي حد سأظل أحتمل كلام الناس وتلميحاتهم؟ ماذا إن قال لي أحدهم في يوم من الأيام إن صهرك هو حرامي، ويأكل الحرام؟ هل أصارحهم وأقول لهم الحقيقة؟ حتماً سينكر، ولن تصدقني خطيبتي وأمها أبداً، كونه يصلي ويقرأ القرآن وحاجاً لبيت الله.

آمل أني قد أوصلت الموقف بطريقة كاملة، راجياً منكم مساعدتي بأقصر وقت ممكن، فأنا أعيش في حالة لا أحسد عليها، حتى إنه أصبحت تأتيني كوابيس، منها أني مرة رأيت أبي بعد خلاف وصياح يقول لي: اترك الفتاة، وسأزوجك من جديد، والبارح حلمت أن أحدهم يقول لي إن شخصاً قال له: إني أنا ذو خلق، وبدأ يمدحني ويذكر صفاتي، فكيف له أن يناسب هذا الرجل الحرامي؟

فكري مشغول كثيراً، حتى إن سعادتي في الحياة قلت بشكل كبير، ولم يعد شيء يفرحني، حتى إن أدائي في العمل أصبح سيئاً، وأصبحت قليل التركيز، علماً بأن زواجنا سيكون بعد أربعة أشهر –إن شاء الله-.

مع جزيل الشكر والامتنان لكم، وبارك الله فيكم.


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

مرحباً بك في استشارة إسلام ويب.

نحن أولاً ننبهك -أيها الأخ الكريم- إلى أهمية ترك سوء الظن بالمسلم، فإن الأصل في المسلم السلامة، والنبي صلى الله عليه وسلم حذرنا في أحاديث كثيرة، كما حذرنا القرآن أيضاً بخطر إساءة الظن بالمسلم، فقد قال عليه الصلاة والسلام: (إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث)، ولا يجوز للناس أن يتناقلوا ما لا يعلمون، بل قد قال عليه الصلاة والسلام: (كفى بالمرء إثماً أن يحدث بكل ما سمع) أو كما قال عليه الصلاة والسلام.

ما دام هذا الرجل يبدو عليه الصلاح والمحافظة على الصلاة، وقراءة القرآن، فلا يجوز النيل في عرضه، بدون دليل أو برهان، وأما أنت فلا داعي للحيرة والقلق بشأن خطبة هذه الفتاة، فإنه كما ذكرت أنت في استشارتك أنه على فرض ثبوت هذا عن والدها فإنه لا ذنب لها في ذلك، والله عز وجل يقول: {ولا تزر وازرة وزر أخرى} فإذا كانت البنت ذات دين فلا ينبغي لك أيضاً أن تخلف وعدك في خطبتها لمجرد أنه أشيع عن والدها أو تردد عند بعض الناس أن والدها قد يكتسب بعض المال الحرام.

أما في ما ذكرته من الإشكال في كيفية التعامل مع هذه الأسرة، فمن الواضح جداً أن هذا الرجل له مكاسب حلال، وقد يكتسب بعض الحرام كما يشاع عنه، وعلى فرض هذه الشائعات، وأن يقع في كسب المال الحرام، وإنما اختلط ماله فكان فيه حلال وحرام فيجوز للناس أن يتعاملوا معه، وأن يأكلوا من ماله، وأن يقبلوا هديته، وإن كان ذلك مكروهاً، ولكن من حيث الحلال يجوز، ومن ثم فلا حرج عليك لو أكلت من مال هذا الرجل، وكذلك أكل ابنته منه، وقبولها هديته، كذلك كلها جائزة، كما أنه يمكن إصلاح هذا الرجل بدعوته للتوبة ولو بغير المصارحة، فإنه بحاجة إلى من يذكره بالدار الآخرة، ويذكره بالجنة وما فيها من النعيم للمحسنين التائبين، ويذكره بالنار وما فيها من عقاب أليم للعاصين، ويذكره بالوقوف بين يدي الله ونشر الصحف على رؤوس الأشهاد يوم القيامة، ونحو ذلك من المواعظ التي من شأنها أن تدخل على القلب خشية.

قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء، فتوبة هذا الرجل ليست أمراً عزيزاً على الله سبحانه وتعالى، وإصلاحه ليس أمراً بعيداً، والخلاصة أيها الحبيب: أننا لا نرى ما ذكرته يستحق كل الهم الذي أنت فيه والقلق، بعدما ذكرت أن الفتاة طيبة وذات خلق، وأنك قد أحسنت الاختيار فلا تتردد في الزواج بها، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يقدر لك الخير حيث كان.

وبالله التوفيق والسداد.

www.islamweb.net