صديقي يحمل هموماً ولا يريد الإخبار عنها، فكيف أساعده؟
2011-06-08 09:19:43 | إسلام ويب
السؤال:
في الحقيقة المشكلة ليست مشكلتي، إنما هي مشكلة صديقي الذي يبلغ من العمر 19 سنة، وأنا أريد مساعدته.
مشكلته هي أنه يعاني من هموم كثيرة طيلة حياته، وكنا دائما نعالج همومنا مع بعضنا، فنفضفض لبعضنا البعض ونساعد بعضنا، لكن مؤخرا تراجع دينيا وزادت همومه الدينية والدنيوية، ولا يريد أن يخبر بها أحدا، ولا يريد أن يناقش أحدا، وصار حزينا يحب الوحدة، ولو اقترحت عليه أن يسأل أو يستشير المختصين فلن يستجيب، ويريد أن يكتم الهموم في داخله، ويظن أن هذا هو الأفضل له.
بل قال إنه يريد أن يكتم همومه حتى تتراكم عليه، ويزيد الضغط حتى تؤثر عليه بشكل سلبي أو ينفجر ويموت، ولا يريد أن يعيش في هذه الدنيا بغض النظر عن النتائج، ويعتبر أن جميع من حوله خداعون كذابون، بل قال لي شيئا خطيرا هو أنه لو يتعذب في القبر أو النار وهو عالم بالسبب أهون عليه من أن يتعذب في الدنيا وهو لا يعلم السبب!
أشعر أن حالته غريبة جدا، فأرجو أن تشخصوا حالته النفسية، وترشدوني كيف أساعده؟ وترشدوه كيف يساعد نفسه؟ فأنا والله أحترق عليه ولا أستطيع أن أولي ظهري وأنسى أن لي صديقا يختنق بالهموم.
إذا كانت الحالة تحتاج لعلاج نفسي في عيادة، فما الحل إذا لم نجد طبيبا نفسيا يتقِ الله، أو لا يوجد لدينا مال للقيام بأعباء العلاج، أقصد هل من بديل؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فتشكر كثيرًا على اهتمامك بأمر صديقك هذا، وأتفق معك أن حالته غريبة بعض الشيء، والاحتمالات التشخيصية كثيرة، وقد لا يكون من الصواب أن نضع مسميات تشخيصية دون أن يتم فحصه ومناظرته، لكن بما أن في ذلك صعوبة كثيرة فأنا سوف أتحدث عما يعرف بالتشخيصات الفارقة، أي الاحتمال الأول ثم الثاني ثم الثالث وهكذا.
الاحتمال الأول: أن هذا الأخ يعاني من وساوس قهرية تفسر أفكاره الجدلية التي تحدث عنها، ونسبة لتعمقه في الفكر الوسواسي أُصيب بإحباط واكتئاب نفسي.
أما الاحتمال الثاني: فإنه يعاني من الفصام الاكتئابي، فغرابة الفكر الذي يسيطر عليه يمكن اعتبارها أنها أكبر وأكثر وأعمق من الفكر الوسواسي، وتعطي الطابع بأنها ذهانية -أي ناتجة من اضطراب عقلي- وفي نفس الوقت توجد السنحة الاكتئابية الشديدة.
الاحتمال الثالث: هو أنه يعاني من أفكار اضطهادية بارونية ظنانية، وهذه قد نعتبرها نوعاً من الفصام غير المشخص أو غير الوارد في النظم التشخيصية العالمية.
إذن هذه هي الاحتمالات، وكلها حالات تتطلب العلاج، وتتطلب العناية به، وما دام يثق فيك فهنالك وسيلة طيبة وهي أننا في مثل هذه الحالات المغلقة - أي التي يصعب اختراقها - نبحث عما يسمى بشخص صاحب التأثير وصاحب السلطة العلاجية الذي من خلاله يمكن أن نقنع المريض بضرورة الذهاب إلى الطبيب.
والشخص المؤثر يمكن أن يكون صديقًا -كما في حالتك- أو يكون أخًا أو أختًا أو يكون أحد الوالدين أو قريباً أو جاراً أو حتى إمام المسجد، هؤلاء جميعًا لديهم التأثير السلطوي ولا أعني بالسلطوي بالسلطة في معناها المفهوم، إنما أعني التأثير الإيجابي، وعليه ابحث عن هذا الشخص المؤثر، وما دمت أنت صديقه وتشاركه همومه -ومن الواضح جدًّا أنك تهتم لأمره- فأعتقد وبطريقة لطيفة وسلسة وبشيء من الصبر يمكن أن تقنعه بأن يذهب للعلاج، وليس من الضروري أن تقول له أنك مريض نفسي أو أنك مصاب بكذا وكذا، قل له (ألاحظ أنك تعاني من إجهاد نفسي، أنت منعزل، لماذا لا نذهب وتقوم بإجراء بعض الفحوصات علها تفيدك).
هذه الطريقة جيدة، وقد لا تنجح من الوهلة الأولى، لكن بالصبر والتكرار إن شاء الله تصل إلى نتيجة إيجابية.
الطريقة الأخرى: إذا كان في الجامعة التي تدرس فيها قسم للطب يمكن أن تتواصل مع أحد الأطباء النفسانيين أو الأخصائيين النفسانيين توضح له حالة هذا الصديق، وسوف تجد منه -إن شاء الله- كل المساعدة.
الطريقة الثالثة: هي إذا فشلت كل جهودك فعليك أن تخطر أهله وذويه أن حالته متدهورة، ولا يمكن أن يُترك على هذا الموال، ولا بد أن يتخذ قرارًا.
أما فيما يخص عدم توفر المال لتحمل أعباء العلاج، فهنالك الكثير من الأطباء الثقة والخيرين، فهنالك الدكتور عدنان التكريتي، وهنالك الدكتور وليد سرحان، والدكتور توفيق الدراكتا، كلهم أساتذة وأفاضل إذا طرقت بابهم أنا متأكد أنهم سوف يقومون بعلاجه مجانًا.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونشكرك على مساعدته.