الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سعيد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فنشكرك كثيرًا على تواصلك مع هذا الموقع، وعلى ثقتك فيما يقدمه، ونسأل الله تعالى أن يجعلنا عند حسن ظنك.
لقد اطلعت على رسالتك بكل تفاصيلها، وكلما انتقلتُ من سطر إلى آخر يتأكد لي تشخيص حالتك, وهو أنك تعاني من الرهاب الاجتماعي, وليس أكثر من ذلك، ونوعية الرهاب الاجتماعي الذي تعاني منه تكثر فيه الأعراض الفسيولوجية, أكثر من الأعراض النفسية، وهذه ظاهرة نشاهدها في بعض الحالات؛ حيث إن الأعراض في حالة الرهاب الاجتماعي تنقسم إلى ثلاث: أعراض نفسية، أعراض جسدية أو فسيولوجية، وهنالك أعراض اجتماعية.
أنت لديك الجانب الاجتماعي, ولديك الجانب الفسيولوجي بصورة واضحة جدًّا، والجانب النفسي أيضًا موجود لكن بدرجة أقل, عمومًا حالتك هي حالة مثالية جدًّا من حيث التشخيص، وإن شاء الله تعالى سوف تعالج تمامًا.
من أهم ما نعتبره وسيلة علاج هو: أني أؤكد لك أن الرهاب الاجتماعي يجب أن لا يكون منقصة للإنسان، بمعنى أنه ليس دليلاً على ضعف شخصيتك, أو قلة إيمانك، هو خبرة مكتسبة, قد تكون تعرضت لمواقف فيها شيء من الخوف في طفولتك أو لشيء من هذا القبيل, لذا فالعلاج يتمثل في الآتي:
أولاً: يجب أن تستحضر الصورة الإيجابية عن نفسك، ويجب أن تصحح مفاهيمك، فهذه الأعراض التي تأتيك خاصة الأعراض الجسدية كلها ناتجة من إفرازات فسيولوجية، وهذه الإفرازات تأتي نتيجة للقلق، حين يشعر الإنسان بالقلق في وقت المواجهة تكون هنالك ومضات, ورسائل لأجزاء كثيرة في الجسم لكي تتحفز, وتستعد للمواجهة، لكن يكون هذا التحفز والاستعداد أكبر مما يجب, مما يفشل عملية المواجهة, ويؤدي إلى المزيد من الخوف, وهكذا تبدأ هذه الحلقة المفرغة.
ثانيًا: الشيء المهم أيضًا هو: أن تتذكر أن لا أحد يشعر بمشاعرك، فكثير من الذين يعانون من الخوف الاجتماعي, يخافون من السقوط الاجتماعي في المواقف، أي يخافون من أن يفشلوا, أن يكونوا مصدر استحقار وازدراء من الآخرين، هذا ليس صحيحًا، لا أحد يشعر بما تشعر به، ولا أحد يلاحظ أنك تتلعثم أو ترتجف أو أنك تتعرق، هذا أُثبت من خلال أبحاث علمية كثيرة جدًّا.
ثالثًا: أن تضع صورة ذهنية تستحضرها في خيالك، وهذا يسمى بالمواجهة في الخيال أو التعرض في الخيال, تصور أنك أمام جمع كبير جدًّا من الناس، فيهم الأساتذة, والعلماء, والمشايخ, والمسئولون، وطُلب منك أن تقدم محاضرة, أو عرضًا لموضوع معين؛ لأن الناس قد وثقوا في مقدراتك, عش هذا الخيال بكل تفاصيله, من البداية حتى النهاية، ويجب أن لا تقل فترة هذا الاسترسال الخيالي عن عشرين دقيقة، ويا حبذا لو حضرت بالفعل موضوعًا, وقمت بإلقائه, وتسجيله, ومن ثم الاستماع إلى ما قمت بتسجيله,
هذا التعرض في الخيال إذا طبق بصورة صحيحة, رائع ومبدع, وحين تعرض لك هذه المواضيع تذكر أن الذين أمامك هم بشر مهما كانوا، من ناحية المناصب أو المواقع أو الأعمال أو الدرجات العلمية, في نهاية الأمر هم بشر, ينامون, ويأكلون, ويشربون, ويتغوطون, ويمرضون, ويموتون، هذا ليس فيه تحقير, أو تقليل لشأن الآخرين, لكنه نوع من الاستذكار النفسي الداخلي الذي يقلل الهجمة النفسية التي تؤدي إلى المخاوف.
رابعًا: هنالك طرق مهمة جدًّا لإزالة الخوف الاجتماعي وهي: أن يتخيل الإنسان الأماكن التي يحس فيها بالطمأنينة أكثر، المسجد مثلاً مكان للطمأنينة، حلقات التلاوة مكان للطمأنينة، الانخراط في الأعمال الخيرية مكان يبعث على الرضا, والطمأنينة، المشاركة في الأعمال الخيرية, والثقافية كما ذكرنا، زيارة الأرحام، زيارة كبار السن، زيارة المرضى في المستشفيات... هذا كله نوع من العلاج السلوكي المهم جدًّا.
خامسًا: أنصحك بالتدرب على تمارين الاسترخاء حيث إنها مفيدة جدًّا, وأثبتت عمليتها وجدواها في علاج القلق أيًّا كان نوعه, وما ينتج عنه من مخاوف اجتماعية أو غيرها.
إذا كان لك صديق أخصائي نفسي يمكن أن يقوم بتدريبك على هذه التمارين، وإن لم يكن ذلك ممكنًا فلك أن تتصفح أحد المواقع على الإنترنت، هنالك طريقة تعرف بطريقة (جاكبسون) هي من الطرق المفيدة جدًّا.
سادسًا: الجزء الأخير في هذه النصائح التي أسأل الله أن ينفعك بها، هي: أن الدواء ضروري جدًّا, ومهم جدًّا، ومن أفضل الأدوية التي تعالج مثل حالتك العقار الذي يعرف باسم (زيروكسات), ويسمى في الجزائر تجاريًا باسم (ديروكسات), ويعرف علميًا باسم (باروكستين), اسأل عنه تحت مسماه العلمي، وأسأل الله تعالى أن ييسر لك أمر الحصول عليه, ابدأ في تناول (الديروكسات) نصف حبة (عشرة مليجرام), تناولها يوميًا ليلاً بعد الأكل، وبعد عشرة أيام ارفع الجرعة إلى حبة كاملة، استمر عليها لمدة شهر، ثم اجعلها حبة ونصف, واستمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم خفضها إلى حبة لمدة ثلاثة أشهر، ثم إلى حبة يوميًا لمدة شهر، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأؤكد أن الدواء سليم وفعال, وغير إدماني، وبالله التوفيق والسداد.
وننصحك بمراجعة هذه الاستشارات التي تتحدث عن العلاج السلوكي للرهاب (
269653 -
277592 -
259326 -
264538 -
262637) والعلاج السلوكي للقلق (
261371 -
264992 -
265121) ففيها خير كثير.
وبالله التوفيق.