وسواس الطلاق يحاصرني في صلاتي كيف أتخلص منه؟
2011-07-26 10:29:51 | إسلام ويب
السؤال:
أنا عاقد قراني على زوجتي، ولكن لم أدخل بها نظراً لأنني أعمل في إحدى بلدان الخليج لأكمل التزامات منزلي وأتزوج، وهي في مصر وليست معي، كما يوجد بيني وبينها حب شديد ومودة، ولم أفكر ولم يأت في قلبي أبدا أن أطلقها، ولا توجد أي مشاكل بيننا، وأنا أشكر الله أن رزقني ووفقني بالارتباط بها وعقد قراني عليها.
معاناتي تبدأ كما يلي: منذ شهرين وأنا أعاني من هم وغم وخوف، أشعر به على صدري، بدأت معاناتي عندما كنت أصلي، حيث جاء في ذهني وتخيلت أنني أتشاجر معها بمنزلي ولا أعرف ما السبب وراء هذا الشجار، وكنت أحاول أن أهرب من هذه التخيلات وأركز في الصلاة، ولكن كان هناك شيء أقوى مني يذهب بعقلي إليها وأنا رافضها، ولكن في النهاية انتهى هذا الشجار الذي يدور في رأسي بأنني قلت لها (أنت طالق) وهذا داخل عقلي ولم أنطق به، وأكملت الصلاة وبعدها أحسست بغم وهم كبيرين، وبدأت أعاتب نفسي وألومها وأقول ماذا قلت داخل رأسي؟ وأحسست أن الكلمة تأتي في رأسي رغما عني وتريد أن تخرج، وأنا أقاومها، وأحسست بشيء يضغط علي لأنطقها، وأنا في دوامة من الهم والحزن، وقد نطقتها في سري لأستريح من هذا اللغط الذي أشعر به في رأسي، ولكن لم يكن لنية الطلاق، ولكن لا يستطيع أحد سماعي ولكني أحسست أنني سمعتها.
امتلأ الحزن بداخلي وبدأت ألوم نفسي وأعاتب نفسي ماذا قلت ماذا فعلت، ولم تتركني الفكرة إلا عند منامي، وعندما أستيقظ تستيقظ الفكرة معي وأظل حزينا ومهموما طوال اليوم، لدرجة أنني كثيرا عندما أتكلم مع زوجتي عبر الانترنت أخاف أن تأتي الكلمة أو أسمعها في رأسي، ولكني أسمعها كأن أحدا يقولها وأسمع (أنت طالق) وأشعر باللوم والحزن وعذاب الضمير ويدخل الخوف بداخلي، وبعدها أتكلم مع نفسي بداخلي وأعاتبها ماذا دار في رأسي وماذا قلت، هل قلت أنت طالق؟ هل كنت أنوي أم لا, مع العلم أنني قبل أن أتكلم معها أدعو الله أن لا تأتي هذه الكلمة في رأسي، ولكنها تأتي رغما عني، وأخاف أن يكون كلامي مع نفسي ومعاتبتها هذا تلفظا ونية للطلاق، ولكنني والله رافض هذه الفكرة، وأنا دائما أسأل نفسي هل حياتي مع زوجتي سوف تصبح حراما؟ هل هذا طلاق أم لا؟ هل معاشرتي لها سوف تصبح حراما - والعياذ بالله - دائما أشعر بالخوف.
أريد أن أتخلص من هذا الوسواس وأخاف أن أعيش به طوال حياتي مع زوجتي، مع العلم أنني أحبها حبا شديدا ولم أنو أبدا فراقها أو تطليها، فأجيبوني من فضلكم حتى أتخلص من الهم والحزن والخوف الذي أعيش فيه طوال يومي.
أنا لا أشعر زوجتي بما أنا فيه، ودائماً تسألني لماذا أنت مهموم وشارد الذهن دائما؟ كما أنني أشعر بالذنب تجاهها ولا أعرف ماذا أفعل.
عذراً على الإطالة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن هذه وساوس قهرية متسلطة، ودائمًا هذا النوع من الوساوس يُقذف في مخيلة الإنسان بصورة حادة جدًّا، وهذه الموجة القوية تسبب ارتدادات نفسية سلبية كثيرة يحس الإنسان فيها بالحسرة وبالألم وبالانزعاج النفسي الشديد، والوساوس انتابتك في وقت الصلاة، وهذا بالطبع سبب لك الإزعاج أكثر، لكن الذي أود أن أؤكده لك أن هذه وساوس قهرية، والوساوس القهرية هي تصرفات انفعالية لا يُعرف أسبابها بالكامل، لكن الشيطان ربما يقذفها في عقل الإنسان، وبعد ذلك يهرب، ولذا أنا أقول أن الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم دائمًا مهمة ومطلوبة في مثل هذه الأوضاع، وربما تحدث من هذا القذف الشيطاني تغيرات كيميائية في داخل الدماغ، وهذه تعالج من خلال الدواء، وهذا كله سوف أوضحه وأشرحه لك إن شاء الله تعالى.
الوساوس القهرية كثيرًا ما تتصيد الأخيار والفضلاء والطيبين من الناس، وهذه ملاحظة، وبناء الشخصية وطريقة التنشئة ربما تلعب دورًا في ذلك.
البشرى الكبرى أيها الأخ الكريم أن مثل هذا النوع من الوساوس لا يتبعها الإنسان ولا يطبقها الإنسان، كان لدي أحد الإخوة يراجعني كثيرًا في العيادة وكانت له وساوس تأتيه أنه سوف يقتل أخاه، هذا وسواس فظيع، بالرغم من محبته لأخيه وحبه الشديد له، ولكنه دائمًا عنده هذه الفكرة حتى بدأ يتجنب دخول المطبخ، لأن السكاكين هنالك وشيء من هذا القبيل، جلسنا وتدارسنا الموضوع وشرحت له أنه - وبفضل من الله تعالى - أن الوساوس ذات الطابع الشرير لا تُنفذ أبدًا، بل على العكس يقال أنه حماية للنفس وتمثل محبس الأمان من ردود الفعل السلبية.
فيا أخي الكريم: ثق تمامًا أن الذي تعاني منه لن يقع بإذن الله تعالى، ومحبتك الشديدة لزوجتك هي التي ضخمت هذه الأحزان حين أتتك هذه الوساوس.
الذي أرجوه منك هو أن تحقر فكرة الوسواس، وهذا مهم جدًّا، ولا تناقش هذا الوسواس، ولا تحاول أن تخضعه للمنطق لأنه غير منطقي، فقط قل (أنت وسواس حقير، أنت وسواس حقير) واستعذ بالله تعالى من الشيطان الرجيم.
هنالك بعض العلاجات السلوكية نسميها بالعلاجات المنفرة، أريدك أيضًا أن تطبقها، وتطبيقها بسيط جدًّا، وإذا طبقت بجدية وتركيز تفيد كثيرًا، حاول أن تفكر في هذا الوسواس، استجلبه، وبعد ذلك مباشرة قم بالضرب على يدك بقوة وشدة، حتى تحس بالألم، وهذا يتطلب أن تضرب يدك على جسم صلب كالطاولة مثلاً، والهدف هو أن تربط بين الفكر الوسواسي وما بين الشعور بالألم، وهذه مشاعر متنافرة ومضادة لبعضها البعض. هذا التمرين يكرر عشر مرات متتالية بمعدل مرة في الصباح ومرة في المساء، وجد أنه بعد عشرة أيام إلى أسبوعين سوف تضعف الفكرة الوسواسية إن شاء الله تعالى، وتوجد تمارين من هذا القبيل كثيرة جدًّا، لكن المهم في الأمر هو أن تحقرها، وأن تتجاهلها، وأن لا تناقشها، وأن لا تحللها.
بقي أن أقول لك أنه بفضل من الله تعالى توجد أدوية متميزة لأن تخلصك من هذا النوع من الوساوس، والدواء دواء سليم، فعّال، غير إدماني، وسوف يحسن مزاجك أيضًا في ذات الوقت. الدواء يعرف تجاريًا باسم (فافرين) ويسمى علميًا باسم (فلوفكسمين) تبدأ في تناوله بجرعة خمسين مليجرامًا، تناولها ليلاً بعد الأكل، استمر عليها لمدة أسبوعين، بعد ذلك اجعلها مائة مليجرام، استمر عليها لمدة شهر، ثم اجعل الجرعة مائتي مليجرام في اليوم، وهذه هي الجرعة العلاجية المثالية لمثل حالتك، ومدة العلاج يجب أن تكون ستة أشهر، وهذه ليست مدة طويلة.
الجرعة يمكنك أن تتناولها بمعدل حبة في الصباح –أي مائة مليجرام– وحبة في المساء، وبعد انقضاء الستة أشهر خفض الجرعة إلى مائة مليجرام ليلاً، استمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها خمسين مليجرامًا ليلاً لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم توقف عن تناول هذا الدواء.
إن شاء الله تعالى باتباعك لهذه الإرشادات وتناول الدواء الذي وصفناه لك -الذي لا يتطلب وصفة طبية- سوف تجد أن هذه الوساوس قد زالت تمامًا، وأسأل الله تعالى لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد، وكل عام وأنتم بخير، ونشكرك على التواصل مع إسلام ويب.