لم أوفق في أي شيء ولا أجد طعماً للحياة بسبب الشعور بالفشل!
2011-08-16 12:25:40 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
يسعدني أن أقدم مشكلتي بين أيديكم، لعلي أجد منكم الحل، حفظكم الله وأدامكم لفعل الخير.
أنا شاب عمري (20) سنة، غير موفق في حياتي، ولا أدري ماذا أفعل، منذ صغري لم يكن أبي يهتم بنا، وعلاقتنا بأعمامنا كانت سيئة لوجود مشاكل بين أبي وأعمامي، وعندما وصلت إلى الصف الأول الثانوي توفيت أمي, واصلت حياتي مع ألمي لوفاة أمي وتخرجت من الصف الثالث الثانوي بنسبة عالية، ولكن أبي مات بعد تخرجي من الثانوية، واصلت أيضاً حياتي وكنت أتمنى أن ألتحق بالابتعاث، ولكن لم أستطع، فقررت أن أدخل الجامعة، وكان تخصصي "طب"، درست المستوى الأول ونجحت فيه، ودرست المستوى الثاني وتعثرت واضطررت لحذف ترم لسوء درجاتي، ثم عاودت الدراسة وتجاوزت المستوى الثاني بدرجات سيئة، وعندما وصلت المستوى الثالث درست شهراً ثم أصبت بحالة من الإحباط واليأس، ولم أنجح في ذلك المستوى، وسجلت في برنامج الابتعاث وقبلت فيه وتركت الجامعة، وكنت مسروراً جداً لأنني قبلت، مع أنني ضيعت سنتين من عمري، وبعد أن أنهيت إجراءات الابتعاث ووصلت إلى بلد الابتعاث أصبت بحالة غريبة، فلم أعد أحب الدراسة، وساءت ظروفي النفسية، بقيت شهرين وكانت درجاتي سيئة جداً ولم أعد أهتم بدراستي، ثم طردت من الجامعة لسوء درجاتي، وبقيت شهراً هناك من غير دراسة، وكانت نفسيتي سيئة جداً، ورجعت إلى السعودية وقد ضاعت مني ثلاث سنوات من عمري لم أوفق فيها.
ما يجلعني أحزن كثيراً أنني غير موفق في أي شيء من أمور حياتي، فأنا لا ألعب كرة القدم، وليس لدي أي مواهب في شتى مجالات الحياة، وأيضاً ليس لدي أصدقاء، وليس لدي أي قيمة في المجتمع لأني فاشل في كل شيء، وأيضاً أنا قصير القامة وضعيف الجسم، ولست وسيماً، وليس لدي عائلة، ووضعي صعب جداً، ومما زاد مشاكلي أخي الأكبر وهو الوكيل الشرعي وبيني وبينه مشاكل، لأن أبي قد ترك راتباً وهو من نصيبي بقرار من المحكمة، ولكن أخي يأخذ هذا الراتب.
أنا أدعو الله كثيراً أن يوفقني وأصلي، وأنا راض بكل ما قضى الله وقدر، ولكن بصراحة تعبت من وضعي وأصبحت أخجل من وضعي بين الناس، طاح وجهي من كثرة الفشل والمصائب، أصبحت أحبس نفسي في البيت ولا أخرج إلا لضرورة، والآن ضاعت كل أحلامي ولم أعد أرغب بهذه الحياة، لأنه ليس هناك أي شيء جميل في حياتي، أصبحت أتمنى الموت وأدعو الله كثيراً بهذا الدعاء: (اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي) وإن كان قد كتب الله لي العمر فأنا أحمل هم كيف سأقضي السنين القادمة وأنا غير موفق في حياتي؟ وكيف سأستطيع تكوين علاقات مع الناس وأنا فاشل في كل شيء؟ وكيف سأثق في نفسي وأنا فاشل؟ وكيف سأحب الحياة وأنا فاشل؟
أنا راض بقضاء الله وقدره ولا أعترض على أي شيء، فأنا عبد مملوك لله، له الحرية في أن يفعل بي ما يشاء، وأنا أحب الله كثيراً، ولكني الآن في وضع مزر للغاية، ولا أدري ماذا أفعل، لأن الحياة أصبحت مستحيلة بالنسبة لي، وأصبحت عالة على نفسي.
أفيدوني حفظكم الله.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سائل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فقد آلمني سؤالك بما ذكرت من تفصيلات، وحاولت أن أدخل عالمك الخاص لأشعر ببعض ما تشعر به، على الرغم من صعوبة هذا مهما حاولت، وبالرغم من كل ما يمرّ بنا في حياتنا فإن قدر الله ورعايته تحفّ بنا وترعانا، وإن لم يبد هذا واضحاً، وكلنا يمكن أن نذكر مثل هذه المواقف التي تظهر فيها رعاية الله لنا.
واضح من خلال قصة حياتك، وعلى صغر سنك، أنه لا تنقصك القدرات والإمكانات، فقد استطعت عندما وضعت هذه القدرات والإمكانات محل التطبيق، استطعت أن تنجز وتحقق بعض النجاحات، حيث دخلت الجامعة وانتقلت من سنة لأخرى، إلى أن تم إيفادك وازدادت التحديات الأسرية والاجتماعية المختلفة، وربما افتقدت في تلك المرحلة إلى من يقف معك يدعمك ويشجعك، فهذا أمر هام لنا جميعاً، ومن ثم تعقدت الأمور وتداخلت أكثر وأكثر، حتى وصلت إلى ما أنت عليه من الأفكار السلبية عن نفسك وعن الظروف من حولك، وأنت تعذر على هذا، ويمكن لأي شخص آخر أن يصل لما وصلت إليه لو مرّ بما مررت فيه.
والسؤال الهام هنا: كيف السبيل للخروج من الطريق الذي يبدو أنه مسدود؟ وهو ليس كذلك، فيبدو أحياناً للناظر من داخل الطريق أنه مسدود، إلا أن الناظر من ارتفاع ومن علوّ يجد الأمر على غير هذا الوصف، فكيف يمكن للإنسان أن يرتفع قليلاً عن واقعه وينظر النظرة الشاملة، ويحدد هدفاً أو أهدافاً لنفسه؟
شخصياً لا أعتقد بأن المشكلات الكبيرة تحتاج بالضرورة لحلول كبيرة، ففي الكثير من الأحيان قد لا يحتاج الإنسان لأكثر من خطوة بسيطة، ولو خطوة واحدة، وهذه تقوده لأخرى وهكذا، لن يحصل شيء ذو قيمة إن لم تخرج من البيت أولاً، فهذه الخطوة الأولى، ورويداً رويداً تبدأ من جديد بتلمس طريقك الذي تريده، سواء كان العودة للدراسة من جديد، وأنا أشجعك على هذا فأنت ما زلت في العشرين من عمرك، أو أن تختار طريق المهن، حيث يمكن أن تدخل دورة من الدورات المهنية والمتاحة، وسواء كانت الجامعة أم المهن، فهذا سيفتح لك مجالات للتعرف على الناس وإقامة علاقات إيجابية معهم، وستمر الأيام والسنوات وتجد نفسك في غير الوضع الذي أنت فيه، والله الرحيم لن يتركك، حيث قال سبحانه: (والذين جاهدوا فين لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين).
بارك الله فيك، ويسّر لك الصعاب، وفتح أمامك كل باب مغلق، وأخبرنا عن أخبارك الطيبة.