رجعت إلى الله بعد أن عصيته كثيراً ولا أحس بطعم الطاعة ..فانصحوني
2011-09-26 13:21:02 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا لي ولله الحمد والمنة أسبوعان راجعةٌ إلى الله، ولكن في آخر هذه الأيام أشعر بفتور وضيق, وأسأل نفسي لماذا لم أخشع لا في صلاة ولا في قراءة القرآن، ولا تدمع عيني منذ رجعت إلى الله؟
فأنا في هذه الفترة مكثت في البيت لمدة ترم (فصل دراسي) فلا أريد أن ينتهي هذا الترم (فصل دراسي) إلا و أنا قريبة من الله، علماً بأني قبلت ولله الحمد في قسم الشريعة، وأصبحت أقوم الليل, وسوف أحفظ بإذن الله إلى سورة يونس مع الدار (تحفيظ القرآن)، ولكن لا أريد أن أحفظ بدون فهم، وبدون تدبر.
علماً بأني كنت أتوب ثم أرجع، وأعصي الله وأتوب ثم أرجع, وكنت أرى صورا محرمه وأشياء كثيرة تدمع القلب من قبحها، وما زلت أتذكر هذه الصور، ولكن والله إني أريد أن أرجع إلى الله، وأريد أن أبكي بين يديه، وأريد أن أؤمن بالله حق الإيمان.
لماذا لا أحس بطعم الطاعة!!
لماذا تأتيني بعض الأحيان وسوسه تقول لي بأنه لا إله!!
فيا لله ما أشده من عذاب!!
أريد أن أعرف الله حق المعرفة حتى أعبده على بصيرة، فبماذا تنصحوني من الكتب التي تساعدني على معرفة أسماء الله وصفاته وتجعلني أؤمن به حق الإيمان؟
وما هي نصيحتكم لي؟ وسوف أعمل بكل جهدي، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
أنقذوني أنقذكم الله من النار .
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ التائبه حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فمرحبًا بك ابنتنا العزيزة في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى لك التوفيق والنجاح.
ونحن نهنئك أولاً أيتها البنت الكريمة بتوبتك إلى الله تعالى، ونسأل الله تعالى أن يتقبل منك ويتوب عليك.
مما لا شك فيه أيتها الكريمة أن بوادر الخير بدأت تأتي إليك بإذن الله، فالرغبة التي قذفها الله عز وجل في قلبك بدراسة علوم الشريعة، وقبولك في الكلية بهذا التخصص، والرغبة أيضًا في حفظ كتاب الله تعالى والتفقه فيه، كل هذا من علامات الخير بإذن الله، وعلامات قبول التوبة، فإن الحسنة من ثمارها الحسنة بعدها.
ونحن نوصيك أيتها البنت العزيزة بمواصلة هذا الطريق، ومجاهدة النفس لإصلاحها وتهذيبها، وستجدين بإذن الله تعالى حلاوة العواقب، وستقطفين الثمار الحسنة بعد هذه المجاهدة، وستصلين إلى الحياة الطيبة التي وعد الله عز وجل بها أحبابه الذين يعملون الصالحات، كما قال سبحانه وتعالى: {من عمل صالحًا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياةً طيبة} فهذا وعد الله تعالى لا يتخلف، وعد به الذكور والإناث، من آمن بالله تعالى وعمل عملاً صالحًا فإن ثمرة ذلك الحياة الطيبة في الدنيا والحياة الطيبة في البرزخ والحياة الطيبة في الآخرة يوم يقوم الأشهاد.
ستجدين بإذن الله تعالى حلاوة هذه المجاهدة وآثارها في حياتك بركة في عمرك وأنسًا بمناجاة الله تعالى وطاعته، فواصلي الطريق الذي أنت فيه، ولا تلتفتي إلى ما أنت فيه من النقص أو القصور، فإن العبرة بكمال النهايات لا بنقص البدايات، ولا يحاول الشيطان أبدًا أن يوصل اليأس والقنوط إلى قلبك مما كنت فيه من معصية ثم تبت منها، فإن أولياء الله تعالى أكثرهم كانوا كذلك، فإن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا في الكفر ولما هداهم الله تعالى إلى دينه وجاهدوا أنفسهم في تحقيق مرضاة ربهم بلغوا أعلى المراتب بعد أنبياء الله تعالى، فلا تيأسي أبدًا من رحمة الله، وثقي بأن الله تعالى لا يضيع أجر من أحسن عملاً.
وخير ما تستعينين به في الوصول إلى حلاوة الإيمان والطاعات: إخلاص الأعمال لله تعالى، وابتغاء وجهه منها، فإن هذا من أعظم الأسباب التي توصل الإنسان إلى الأنس بالطاعة، كما قال عليه الصلاة والسلام في الحديث المشهور: (ثلاثٌ من كنْ فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يُحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يُقذف في النار) وكل هذه الخصال الثلاث تدور حول محبة الله تعالى والإخلاص له وحده سبحانه وتعالى.
أما الوساوس التي تنزل بك ويحاول الشيطان من خلالها أن يكدر عليك صفوك وحياتك فلا تلتفتي إليها، فإن صحابة رسول الله وهم من هم في الإيمان والخير والسبق قد شكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذه الوساوس، فلما أخبروه بأنهم يكرونها وأن الواحد منهم يتمنى أن يُحرق حتى يصير حممة ولا يتكلم بهذا الذي يجده في صدره، أخبرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن هذا علامة على الإيمان، فقال: (ذاك صريح الإيمان).
فما دمت تكرهين هذه الوساوس وتنفثين منها فإن هذا علامة على إيمانك، والشيطان يحاول أن يفسد على الإنسان دينه بهذه الوساوس، وعلاجها أمران اثنان:
الأمر الأول: الانتهاء عنها، كما قال عليه الصلاة والسلام: (فليستعذ بالله ولينتهي) فالأمر الأول الإعراض عنها إعراضًا كليًا وعدم الاسترسال معها.
والأمر الثاني: الاستعاذة بالله سبحانه وتعالى والاعتصام به، ودعائه سبحانه وتعالى أن يثبتك على الإيمان ويصرف عنك الشيطان وشروره.
وخير ما تستعينين به على تثبيت نفسك وترقيتها في سلم الأعمال الصالحة: طلب العلم الشرعي، فحاولي أيتها البنت الكريمة أن تتعرفي على الفتيات الصالحات، وأن تنضمي إلى حلقات الذكر والعلم والمناشط النسوية التي تمارس فيها الدعوة إلى الله تعالى، وتعلم العلم الشرعي، فهذا من خير وسائل التثبيت.
وأما الكتب النافعة فهي كثيرة ينبغي أن تحرصي على قراءة كتاب شرح أصول الإيمان للشيخ (محمد العثيمين) رحمه الله تعالى، وهو من علماء بلدك المشهورين، كما ينبغي أيضًا أن تداومي على قراءة بعض الكتب المختصرة في العقيدة التي تعرفك بأركان الإيمان ومسائل الإيمان، مثل كتاب (أعلام السنة المنشورة) للشيخ (حافظ حكمي) رحمه الله تعالى، وكتب أو سلسلة (العقيدة في الله) للدكتور (عمر الأشقر).
كما ينبغي أيضًا أن تحرصي على سماع الدروس العلمية النافعة للعلامة محمد بن العثيمين ولمن شابهه، وهي كثيرة على موقعه وعلى غيره من المواقع.
نسأل الله تعالى لك التوفيق والنجاح وأن ييسر لك الخير حيث كان.