ظروفي تجبرني على العمل في أماكن مختلطة وأريد تركه.... فما ترون؟
2011-11-16 09:31:13 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم
وجزاكم الله خيرا على إرشادكم, وعلى هذا الموقع.
أنا فتاة من تونس على أبواب الزواج, وأعمل في شركة خاصة, مرتبي محترم, أخرج للعمل من الساعة السابعة والنصف صباحا, وأرجع للمنزل الساعة السابعة وخمسة عشر دقيقة مساء, ليس لدي وسيلة نقل, فأضطر لاستعمال وسائل النقل العمومي, وأعاني كثيرا من الاكتظاظ والزحام, وبعض الأحيان التحرش, أصبحت متوترة كثيرا.
فضيلة الشيخ: أنا حاصلة على شهادة جامعية, ومحجبة, أريد أن ألبس بعد الزواج الحجاب الشرعي, وتكريس حياتي لزوجي, ولكن المشكلة أن ظروفنا المادية متوسطة, تحتاج إلى تحسين, وحماتي تريدني أن أساعد زوجي, وأن أشتغل, وهو لا يمانع من البقاء في البيت, ولو أني أعلم أنه -في الحقيقة- يريدني أن أعمل, علما أن عملي فيه اختلاط, وأنا أريد أن أعين زوجي, ولكني أريد أن أعيش حياة دينية, أطيع فيها زوجي, وألبي حاجياته, وأتفرغ لحفظ القرآن, مع العلم أني قنوعة, ولا أحب التبذير والترف, أرجوكم انصحوني، فكيف أتصرف؟ وماذا أقول لحماتي؟ لا أريد مصارحتها؛ لأنها ستتدخل في حياتي, وستؤثر على زوجي, أفكر أن أقول لمديري بالعمل أريد أن أعمل نصف الوقت, ولكن هذا لا يحل المشكلة؛ لأني لا أستطيع تجنب وسائل النقل, والاختلاط.
أرجوكم أفيدوني بسرعة بوركتم.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سمية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت, وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن ييسر أمرك، وأن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يجنبك الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يبارك في رزقك, وفي رزق زوجك، وأن يجعلكما من سعداء الدنيا والآخرة.
وبخصوص ما ورد برسالتك - أختي الكريمة الفاضلة - من أنك تعملين في عمل دوامة طويلة, وتتعرضين لكثير من المضايقات في وسائل المواصلات؛ مما جعلك تصابين بنوع من التوتر والاكتئاب, وترغبين رغبة شديدة في أن تقرين في البيت حتى تلبي رغبات زوجك, وتؤسسين معه أسرة مسلمة صالحة مستقيمة، وزوجك في الواقع لا يمانع من ذلك، ولكنك تشعرين أيضًا بأنه في حاجة إلى مساعدة، حيث إن دخله متواضع, وتقولين بأنه من الممكن مثلاً أن تعملي بنصف دوام، ولكنك أيضًا ذكرت بأن هذا لن يحل المشكلة، لأنك لن تستطيعي وإن كان الدوام قليلاً تجنب النقل والاختلاط في العمل, وفي وسائل المواصلات, وغير ذلك.
والذي أنصح به حقيقة فكرة ترك العمل, والعودة إلى البيت والقرار فيه؛ لأن ذلك أفضل ألف مرة ومرة مما أنت عليه الآن، ومسألة الأرزاق بيد الله سبحانه وتعالى، وأعتقد أنك تعلمين قول الله تعالى: {ومن يتق الله يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره} وقال جل جلاله أيضًا: {يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانًا} وقال سبحانه أيضًا: {من عمل صالحًا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة}.
فثقي وتأكدي من هذه الخطوة التي ستقبلين عليها أنها لن تقلل من رزقكم أبدًا، بل على العكس قد تكون سببًا في سعة رزقكم, وفي استقراركم وسعادتكم، خاصة وأنك ستتخلصين من كل مظاهر المعاصي, ومن كل مظاهر الاختلاط، وكذلك أيضًا من هذا التوتر العصبي الذي تصابين به، وستكونين في حالة نفسية مستقرة، وستكونين أقدر على إعطاء زوجك حقه الشرعي, وإسعاده أيضًا، وستكونين أيضًا مهيأة لحفظ القرآن الكريم, والإقبال على الله تبارك وتعالى بطريقة أفضل مما أنت عليه الآن.
أرى أن هذه الخطوة خطوة رائعة، وأسأل الله تعالى أن يعينك على اتخاذها, وأن يوفقك لهذا القرار؛ لأنه قرار رائع ومبارك، وبإذن الله تعالى سيترتب عليه خير كثير لك ولزوجك، ولا تحاولي أن تُخبري أم زوجك على اعتبار أنها قد لا تقبل هذه الفكرة، ولكن حاولي أن تناقشيها مع زوجك، وأن تبيني له البركة التي سوف تترتب على هذه الخطوة؛ لأنك ستلتزمين شرع الله تبارك وتعالى، حيث قال جل جلاله: {وقرن في بيوتكنَّ ولا تبرجنَ تبرج الجاهلية الأولى}.
فالقرار في البيت إنما هو الدين حقيقة، وهو الذي خلق المرأة من أجله، والله تبارك وتعالى يقول: {ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير} فالله تبارك وتعالى يعلم أن رزق زوجك ضيق، ورغم ذلك أمرك أن تستقري في بيتك, وهو سيجعل السعة في رزقكم.
أنت الآن تحصلين على راتب معقول، ولكن أقول لك بأن هذا الراتب -ثقي وتأكدي-سوف ينتقل إلى راتب زوجك، وسوف يبارك الله تبارك وتعالى له في راتبه حتى يؤدي كل هذه المتطلبات والحاجيات من نفس الراتب الذي قد يكون في عدده قليلا, ولكن سيبارك الله تبارك وتعالى فيه بركة عظيمة.
فأنا أرى أن تأخذي هذا القرار, وأن تستعيني بالله، ولكن ناقشي الأمر مع زوجك أولاً، وحاولي -بارك الله فيك- إقناعه، وعليك بالدعاء وبالإلحاح على الله تعالى أن يشرح صدره لقبول هذا الأمر، وأن يوفقه الله تبارك وتعالى للدفاع عنك أمام أمه، ولا تخبري أمه بذلك إلا بعد أن تنتهي كل إجراءات ترك العمل، وأن تعودي إلى بيتك عزيزة، إلى وضعك الطبيعي، إلى المكان الذي خلقك الله تبارك وتعالى له.
وأنا أقول: ثقي وتأكدي -أختي الكريمة سمية- بأن رزقك سوف ينضم إلى رزق زوجك، وسوف ينضم راتبك إلى راتب زوجك، ولن تكونا في حاجة إلى أي أحد أبدًا، حتى وإن حدثت هناك بعض الضائقات المالية في أول الحياة الزوجية, أو في بداية اتخاذ القرار، ولكن ثقي وتأكدي من أن الله سوف يفتح لك فتحًا عظيمًا أنت وزوجك، وسوف يبارك الله لكم بركة كبيرة، وسوف تفيض عليكم الأرزاق ببركة الطاعة والاستقامة على منهج الله.
وبالله التوفيق.